IMLebanon

قانون انتخابات أم “وضع يد”؟!

كتب طوني ابي نجم في “نداء الوطن”:

 

للمرة الأولى في تاريخ جمهورية ما بعد “الطائف” يصل اقتراح قانون للانتخابات النيابية مقدّماً من كتلة نيابية (كتلة التنمية والتحرير) عبر “خط عسكري” أو “خط مقاوماتي” مباشرة إلى اللجان المشتركة لمناقشته، من دون أن يكون مشروع قانون مقدماً من الحكومة كما هي الأصول المؤسساتية وكما ينص مبدأ فصل السلطات، خصوصاً قبل 3 سنوات من موعد الانتخابات أي أن لا مبرر للعجلة فيه، ومن دون أن يمرّ بلجنة الإدارة والعدل كما هي الأصول البرلمانية، ربما فقط لأن رئيس هذه اللجنة هو نائب رئيس “القوات اللبنانية” النائب جورج عدوان!

إذاً، لم يتردد رئيس مجلس النواب في القفز فوق صلاحيات الحكومة مجتمعة في تقديم تصورها لقانون الانتخابات، وذلك من دون أن ينبري أحد للدفاع عن صلاحيات الحكومة ورئيسها. وبشكل متسرّع لا سريع، أراد رئيس المجلس لاقتراح القانون أن يسلك “طريقاً مختصراً” في توقيت سياسي أقل ما يُقال فيه إنه مشبوه. ففي عز الأزمات المالية والاقتصادية التي يتخبط فيها البلد وتنذر بالانهيار الكبير، وفي عز العقوبات على “حزب الله” واقتراب العقوبات على حلفائه، وفي عز تطورات المنطقة في إطار المواجهة الأميركية – الإيرانية، يبدو أن ثمة من يريد إكمال السيطرة دستورياً على لبنان عبر محاولة تمرير قانون انتخابات يتيح لـ”حزب الله” وضع اليد بالكامل على لبنان، ربما قبل أن تفاجئه تطورات المنطقة ونتائج أي حوار أو مواجهة بين واشنطن وطهران!

المفارقة في طرح بري غير البريء في توقيته وأهدافه، أنه يشكل السبيل الوحيد إلى إعادة لمّ شمل القوى المسيحية على اختلاف توجهاتها السياسية، وتحديداً “التيار الوطني الحر” و”القوات اللبنانية” و”الكتائب اللبنانية” والمستقلون لأن مثل هذا القانون يجعل المسيحيين يؤثرون في أفضل الأحوال إذا كانوا موحدين بما بين 30 إلى 35 نائباً من أصل 128 نائباً.

أما “تيار المستقبل” و”الحزب التقدمي الاشتراكي” فسيجدان نفسيهما أمام امتحان خطير. فبالنسبة إلى “الاشتراكي” إذا وافق على قانون النسبية مع لبنان دائرة واحدة في المعادلات السياسية والديموغرافية الحالية يكون ذلك بمثابة انتحار سياسي له. و”تيار المستقبل” من جهته يعاني من اختراقات واسعة في الشارع السني الذي لم يعد يمثل فيه أكثر من 50 في المئة في أفضل الأحوال بعد كل أزمات الرئيس سعد الحريري المالية وتحالفه السياسي مع الوزير جبران باسيل، ما يعني أن موافقته على اقتراح قانون بري ستشكل النهاية الحتمية لـ”المستقبل”.

بناءً على ما تقدّم، فإن اقتراح بري في ما لو تحول إلى قانون وأُقرّ في الهيئة العامة، سيكون بمثابة قانون “وضع يد” لـ”حزب الله” على البلد لا قانون انتخابات يعكس التمثيل الصحيح. والتحدي الكبير اليوم هو في معرفة ما إذا كانت الأكثرية سترضخ لإرادة “حزب الله” فيمر القانون ويتم تكريس لبنان كـ”دولة حزب الله”، أم أن الانتفاضة السياسية ممكنة في وجه هذا المشروع لإسقاطه فينتصر لبنان الشراكة والمناصفة والتنوّع؟!