Site icon IMLebanon

من الدولار الى البنزين: أزمات لم يعرفها المواطن ابان الحرب

آمال كثيرة وكبيرة عُلّقت على عهد رئيس الجمهورية العماد ميشال عون. هي لم تأت من عدم، بل بُنيت على الوعود التي أطلقها رئيس تكتل التغيير والاصلاح حينها، بمحاربة الفساد وإرساء نهج جديد كليا في العمل والادارة، مختلف تماما عن ذلك الذي ساد منذ ما بعد انتهاء الحرب في مطلع التسعينيات، والذي أفقد البلاد ليس فقط استقلالها بل أدخل خزينتها في مديونية ثقيلة تكاد تكسر ظهرها. العماد عون بحسب ما تقول مصادر سياسية سيادية لـ”المركزية”، رأى أنه قادر على رفع هذا التحدي. وقد راهن بنفسه، مرارا وتكرارا، على ثقله الشعبي كونه رئيس أكبر تكتل نيابي مسيحي في البرلمان وأكبر ممثل للمسيحيين في لبنان. فطالب بوصول “الرئيس القوي” الى قصر بعبدا. ووقف، مدعوما من حلفائه، طوال أشهر، في موقع المعطّل لجلسات انتخاب الرئيس، الى ان نضج اتفاق سياسي شامل، دخل على خطه الرئيس سعد الحريري والقوات اللبنانية، فتح “أخيرا” أبواب القصر الجمهوري امام الرئيس عون. نحو اربع سنوات، مضت على تربّع الرئيس القوي على عرش بعبدا. أول حكومة تشكّلت رفعت شعار “استعادة الثقة”، ثم أجريت الانتخابات النيابية وأبصرت بعدها حكومة “الى العمل” النور.

الا ان المواطن اللبناني لم يلمس اي تحسّن في يومياته. لا التغذية بالتيار الكهربائي تحسّنت ولا أزمة السير، لا فرص العمل خلقت ولا كلفة الحياة الباهظة تحسّنت… كلامٌ جميل كثير ووعود بالاصلاح ولجان تتشكل وتدرس خططا ومشاريع في الطاقة والنفط وتطوير الطرق والبنى التحتية. لكن على الارض، صفر نتائج. صحيح اننا نجحنا في اقرار موازنة للمرة الاولى منذ عقود، وصحيح اننا وضعنا قانون انتخابات جديدا، وصحيح ايضا ان قطع الحساب في طريقه الى الانجاز. لكن وضع المواطن المعيشي لم يتقدّم ولو خطوة. أما حملات مكافحة الفساد، فلم تسجّل توقيفَ فاسد واحد من الرؤوس الكبيرة والوازنة، واقتصرت على بعض المأمورين “الصغار” الذين تحوّلوا “كبش محرقة”.

رغم كل ذلك، تضيف المصادر، كان اللبناني حتى الامس القريب، راضيا وساكتا، معوّلا ربما على مؤتمرات الدعم ومساعداتها المرتقبة. لكن التدهور الذي طال واقعه في الايام القليلة الماضية، بلغ حدودا غير مسبوقة. ففي أحلك ايام الحرب اللبنانية، لم ينقطع الدولار من الاسواق، ولا وقف في طوابير لا تنتهي كتلك التي تشكّلت بالامس امام المحطات، للتزود بالبنزين. وقعُ ما يجري، يأتي مضاعفا سيما وأن العهد “كبّر الحجر” ووعد بالنهوض والتغيير والنمو. والانكى، وفق المصادر، ان المعنيين غافلون عن الازمة، هم في واد والمواطن في واد آخر. وفيما الناس قابعة في سياراتها قلقة من انقطاع البنزين وتهرول الى المصارف لسحب اموالها خوفا من الأسوأ، يجتمع مجلس الوزراء ولا يتوقّف عند التطورات الحاصلة! أما الرئيس عون، فيقول اليوم لدى وصوله الى بيروت عائدا من نيويورك انه ليس على علم بما يحصل، معلنا “أنا كنت في نيويورك، اسألوا المعنيين. هناك مسؤول عن النقد وهو حاكم مصرف لبنان، وهناك مسؤول عن المال، هو وزير المال. أنا لست على علم بما حصل خلال غيابي عن بيروت”. كما ان فريقه السياسي لا ينفك يؤكّد ان الازمة والتخبط موروثان من الحقبة السابقة ويحمل بعض المسؤولين تبعات ما آلت اليه الامور نتيجة تقصيرهم في الاضطلاع بمهامهم.

هي هوّة شاسعة تباعد بين ما أُغدق على اللبنانيين من وعود وما يعيشونه اليوم، ولا بد من تدارك سريع للوضع ومن اعادة قراءة لكيفية ادارة البلاد من قبل القيمين عليها، والا فإنهم سيدفعون من سمعتهم ورصيدهم، ثمن هذا الانهيار في قابل الايام، تختم المصادر.