Site icon IMLebanon

سجلّ غسان تويني العدليّ مشرّف بالحرّية

كتبت مريم سيف الدين في “نداء الوطن”:

 

تقدّمت النائبة بولا يعقوبيان باقتراح قانون معجل مكرّر إلى مجلس النواب، يرمي إلى عدم إدراج الأحكام الصادرة بمقتضى قانون المطبوعات في السجل العدلي. وأعلنت يعقوبيان عن المشروع في مؤتمر صحافي عقدته في مجلس النواب ظهر أمس، وجلس إلى جانبيها الإعلامي جو معلوف، الذي اقترح فكرة المشروع، والمحامي نجيب فرحات، الذي كتب نصّ الإقتراح. وأرجع معلوف الفضل في فكرة الاقتراح إلى وزيرة الداخلية والبلديات ريا الحسن باعتبارها “صاحبة الفكرة”. بينما تمنّت يعقوبيان على رئيس مجلس النواب نبيه بري إدراج الاقتراح على جدول أعمال الجلسة التشريعية المقبلة في 17 الشهر المقبل.
نصّ اقتراح القانون على إضافة فقرة إلى المادة 30 من المرسوم الإشتراعي رقم 104 تاريخ 30/6/1977 وتعديلاته لناحية عدم إدراج الأحكام الصادرة بمقتضى قانون المطبوعات في السجل العدلي. وفي محاولة لتشجيع زملائها النوّاب على التصويت على اقتراح القانون، طمأنتهم يعقوبيان أن إقرار القانون لن يلغي ملاحقة الصحافيين وإصدار الأحكام بحقهم، بل يحفظ حقهم بالادعاء. “على العكس نريد أن تأخذ العدالة مجراها، فالصحافي يخطئ ويجب أن يحاكم. لكن مشروع القانون المقترح يهدف إلى حمايته وحماية سمعته أقلّه تجاه الخارج، وعدم تسجيل الأحكام الصادرة عن محكمة المطبوعات على السجل العدلي”. تحاول يعقوبيان أن تبسّط شرح المسألة فتشبّه الفكرة المطروحة بما هو مطبق في “أحكام السير التي لا ترد في السجل العدلي”.

وتلفت إلى الضرر اللاحق بسمعة الصحافيين ومهنتهم نتيجة تسجيل الأحكام الصادرة عن محكمة المطبوعات بحقهم في السجل العدلي، “فقسم كبير من الصحافيين، بينهم صحافيون كبار ومعروفون يمتلئ سجلّهم العدلي بالأحكام. لا تعرف المنظمات الدولية أنّها أحكام مرتبطة بحريّة التعبير وبنظام العدالة الجائر في لبنان، وهو ما سينعكس سلباً على أي صحافي يرغب في التواصل والعمل مع هذه المنظمات. هناك أحكام جائرة وأحكام غير جائرة، بكل الاحوال فلتُلغَ عن السجل العدلي”.

وفور إعلان يعقوبيان نيّتها التقدم بالاقتراح، قبل المؤتمر، أرسل لها عدد من الصحافيين سجلاّتهم العدلية، “ربما تربح مريم البسام”، تقول يعقوبيان في إشارة إلى كثرة الأحكام الصادرة بحق البسّام.

وكمثل عن شدة إضرار الأمر بسمعة الصحافيين، تشير يعقوبيان إلى أنه قد يكتب على سجل الصحافي أنه صدر بحقه حكم بتهمة “الإخلال بالآداب العامة” وهو ما قد يفهم بشكل خاطئ، وقد يدفع الآخرين للظن بأنه ارتكب جريمة لا ترتبط بالمهنة. وقد وقّع على اقتراح يعقوبيان النواب: ياسين جابر، بكر الحجيري، قاسم هاشم، طارق المرعبي، انطوان حبشي، شامل روكز، سامي فتفت، الياس حنكش وبلال عبدالله. وهم نواب ينتمون لأحزاب سياسية مختلفة، لكن يبدو أن توقيعهم على الاقتراح “تصرّف فردي”، ولا يعني موافقة كتلهم على إقراره.

بدوره تحدّث معلوف عن فكرة الاقتراح التي نقلها إلى يعقوبيان وسارعت إلى تبنّيها، وهو الذي بات سجلّه حافلاً بالأحكام. ويعيد معلوف الفضل في فكرة الإقتراح إلى الوزيرة ريا الحسن. “منذ يومين قمت بزيارة إلى الوزارة، خلال الحديث مع الوزيرة تطرّقنا صدفة إلى مسألة السجل العدلي، فانتفضت الوزيرة وقالت: عليكم التحرّك فوراً وانا داعمة لهذه الخطوة، يجب أن يتقدّم عدد من النواب باقتراح قانون لشطب هذه الأحكام عن سجلاتكم العدلية”. وتمنى معلوف أن لا يسيّس الاقتراح، لأنّه لا يمنح الاعلاميين والصحافيين حصانة، ويعطي الحق لكلّ السياسيين بالادّعاء وربح الدعاوى، “لكننا لسنا مجرمين لتمتلئ سجلاتنا العدلية بالأحكام”. وعرض معلوف خلال المؤتمر السجل العدلي للصحافي الكبير والنائب السابق الراحل غسان تويني، ثلاث صفحات مليئة بالأحكام الصادرة عن محكمة المطبوعات. “الأحكام صدرت بحق تويني عندما عبّر عن رأيه، تضحية تويني يجب أن تؤدّي إلى شطب الأحكام عن سجلّاتنا كي لا ينظر إلينا وكأنّنا مجرمون”.

يعقوبيان:

عهد البطش الإعلامي

وفي حين تكمن المشكلة الأساسية في القوانين الفضفاضة والمهترئة التي يستغلّها سياسيون ونافذون لاستهداف الإعلام وإصدار الأحكام الجائرة بحق الإعلامييين والمؤسسات كوسيلة ضغط، تؤكّد يعقوبيان لـ “نداء الوطن” سعيها لإقرار قانون إعلام جديد. وترى يعقوبيان أن مشروع قانون الإعلام الذي جرت دراسته في لجنة الإعلام وحوّل إلى لجنة الإدارة والعدل “لا يقل سوءاً عن القانون الحالي وربما أكثر منه سوءاً. طلبتُ من رئيس لجنة الإدارة والعدل النائب جورج عدوان تشكيل لجنة لإعادة صياغته لأنه جرصة وبهدلة، إذ يسمح للمجلس الوطني للاعلام بإقفال صحيفة مدة أسبوعين، ويمكنه إقفال تلفزيون أيضاً”. وتكشف أنها عملت مع مجموعة قضاة على إعادة صياغة مشروع القانون، وإعادته إلى لجنة الإدارة والعدل بانتظار أن يعيده عدوان إلى جدول أعمال اللجنة كما تقدّمت به.

وتعبّر يعقوبيان عن خشيتها من تعديل الإصلاحات التي أدخلت إلى المشروع، “فلدى السلطة السياسية شهية لأن تبقي هذا السيف مصلتاً على رقاب الإعلام والإعلاميين، لذلك أتخوّف من ألا يصل المشروع مع الإصلاحات التي أدخلناها، وربما هي من السبب في إهماله”. وتعليقاً على ازدياد التضييق على الإعلام وقمع الحريات في السنوات الأخيرة، تصف يعقوبيان العهد بـ”عهد البطش الإعلامي”. “فللأسف وبوقاحة غير مسبوقة يجري كم أفواه للصحافيين والمواطنين أيضاً، واستدعاء وتعذيب وترهيب من يعبّر عن رأيه”. كذلك تصف يعقوبيان بالـ “مسخرة” طلب رئيس الجامعة اللبنانية الدكتور فؤاد أيوب من وسائل إعلام وإعلاميين حذف مقالات ومنشورات كتبوها سابقاً، وعدم نشر مستقبلاً ما يعتبره مسيئاً إليه وللجامعة.