كتبت فاتن الحاج في صحيفة “الاخبار”:
يحجز مجلس الوزراء الرواتب التقاعدية وتعويضات نهاية الخدمة لنحو 22 أستاذاً متفرغاً في الجامعة اللبنانية تقاعدوا عام 2019. غازي أيوب، الأستاذ المتفرغ في كلية التكنولوجيا، بلغ السن القانونية في 15 كانون الثاني الماضي، يروي رحلة معاناته مع إجراء «كسر، لسبب ما، عرفاً ساد لعشرات السنوات في الجامعة، وهو أن الأستاذ المتفرّغ يدخل تلقائياً ملاك الجامعة إذا تقاعد، بما يعنيه ذلك استحقاقه للمعاش التقاعدي أو التعويض (بحسب اختياره)، واستمرار الاستفادة من صندوق التعاضد المعني بالتقديمات الصحية والاجتماعية».
منذ أيلول 2018، شرع أيوب في معاملة التقاعد، إذ رفع مجلس الجامعة، كما جرى عليه العرف، مشروع مرسوم بدخوله الملاك إلى وزير التربية السابق مروان حمادة الذي رفعه بدوره إلى مجلس الوزراء. ولدى تقاعد أيوب، كانت حكومة جديدة قد شكّلت وتغيّر الوزير، ما اضطره لإعادة الإجراءات نفسها، ووقع الوزير أكرم شهيب مشروع المرسوم الثاني وأحاله مجدداً إلى مجلس الوزراء في أيار الماضي، أي أن «المعاملة عالقة في المجلس منذ 5 أشهر».
حتى الآن، لا يعرف أيوب وزملاؤه مصير تقاعدهم، فيما يشير إلى أنّ «مجلس إدارة صندوق التعاضد لم يشطب، في إجراء داخلي، أسماء الأساتذة من الجدول، باعتبار أنّ من يستفيد من تقديمات الصندوق هم أساتذة الملاك فقط، ولكن يمكن أن تشطب الأسماء في أي لحظة». إلا أن مصادر أكاديمية في الجامعة توضح أنّ «الأستاذ المتفرغ يستفيد من خدمات الصندوق بعد التقاعد حتى لو لم يدخل الملاك، شرط أن يكون أمضى 10 سنوات في الجامعة على الأقل، وهو لا يدفع مساهمة كالداخل في الملاك، أي 2.5 % من معاشه التقاعدي، بل مقطوعة تبلغ مليون ليرة، أي أقل بكثير من 2.5%».
وفي حين أن هناك خشية من أن تكون للأمر علاقة بمشروع إعادة النظر بنظام التقاعد وإجبار الأستاذ على اختيار التعويض، قالت مصادر مطلعة في وزارة التربية إنّ هذا الملف «لا ينفصل عن مبدأ التوازنات الذي يطبق في كل مكان، تماماً كما يحصل بالنسبة إلى ملف التفرغ، فالمعيار هو التوازن الطائفي وليس كفاءة الأستاذ وقدراته الأكاديمية ومهاراته»، لافتة إلى أنّ حرمان أساتذة متفرغين لا ناقة ولا جمل لهم في هذا الأمر غير مقبول.
رئيس الجامعة فؤاد أيوب، من جهته، أكد أنّ «الإدارة قامت بكل الإجراءات اللازمة بناء على اقتراح الكليات وأصحاب العلاقة، والملف يأخذ مجراه الطبيعي والروتيني في مجلس الوزراء، والمعاملات تسير بصورة دورية، ولا أعتقد أن هناك أي مشكلة في الموضوع، ويمكن مراجعة الأمر إدارياً وليس إعلامياً».
وكان رئيس الهيئة التنفيذية لرابطة الأساتذة المتفرغين يوسف ضاهر رفع، أخيراً، الصوت في هذا الملف، واصفاً اياه «بالظلم الذي لم تعتد عليه الجامعة من قبل»، داعياً المسؤولين داخل الجامعة وخارجها الى العمل سريعاً ليقبض هؤلاء معاشاتهم التقاعدية وتغطية أوضاعهم الصحية.
وعلى خط موازٍ، سأل ضاهر في اتصال مع «الأخبار» عن الأسباب التي تؤخر دخول نحو 1000 أستاذ في ملاك الجامعة، علماً بأنّ معظم هؤلاء تفرغوا في العام 2014 (القانون ينض على ادخال الأساتذة إلى الملاك بعد سنتين على تفرغهم)، وقد راعى ملفهم يومها مبدأ «التوازن الطائفي» (53% مسلمين و 47% مسيحيين).
وفي السياق، أقر المجلس النيابي، في جلسته التشريعية هذا الأسبوع مشروع القانون الوارد بالمرسوم الرقم 5120، والذي يصحح تقاعد أساتذة الجامعة، نظراً لكون سنوات الخدمة لغالبيتهم لا تتجاوز 30 سنة خدمة بخلاف موظفي القطاع العام (التدريس في الجامعة يشترط حيازة الدكتوراه التي تستغرق وقتاً بعد الإجازة). وقد أعطاهم القانون 5 سنوات إضافية لدى تقاعدهم وفقاً لنظام التقاعد العام للذين أمضوا في الجامعة 15 سنة وأكثر.