كتب ألان سركيس في “نداء الوطن”:
يبدو أن الحزب “التقدّمي الإشتراكي” قد ارتاح نسبياً من محاولة عزله وتطويقه بعدما أزيلت عن كاهله تداعيات جريمة قبرشمون.
ليس جديداً على رئيس الحزب “الإشتراكي” وليد جنبلاط التأقلم مع الظروف السياسية الصعبة التي تمرّ بها البلاد، فهو الذي اضطرّ إلى أن يلبس عباءة الزعامة الدرزية بعد استشهاد والده في 16 آذار من العام 1977، فعلّمته الظروف والمطبّات التي مرّ بها كيف يصبح أكثر نضجاً وخبرةً.
يستفيد جنبلاط من عوامل عدّة تجعله أكثر صلابةً، فالعامل الأول هو تكتل البيئة الدرزيّة حوله وفشل محاولة خرقها تارةً عبر إستعمال رئيس الحزب “الديموقراطي اللبناني” النائب طلال أرسلان وطوراً عبر رئيس حزب “التوحيد العربي” وئام وهّاب.
ويمكن وصف “تطرية” موقف جنبلاط تجاه العهد ولقاء نجله النائب تيمور برئيس “التيار الوطني الحرّ” الوزير جبران باسيل بـ “سنبلة القمح التي تحني رأسها أمام العواصف”، فهناك 3 سنوات باقية من عمر العهد، وبالتالي لا يريد جنبلاط أن يخوض معركة عند كل استحقاق، أو الدخول في صراع مع العهد وفريقه.
ويحافظ جنبلاط على علاقته مع الإشتراكية العالمية بشكل أساسي وذلك لمعرفة ما يدور في عواصم القرار وكيف يكون إتجاه الرياح الإقليمية والدوليّة، وكيف يمكن أن تؤثّر على لبنان عموماً وعلى الوضعية الدرزية خصوصاً.
ومن جهة أخرى، يثبت جنبلاط علاقاته مع الدول الفاعلة، وكان آخرها مع روسيا التي يقوم نجله تيمور بزيارات متتالية إليها، في حين كان موقف موسكو حازماً في المرحلة الأخيرة والذي كان رافضاً لعزل جنبلاط وتطويقه بعد أحداث قبرشمون.
ولا يزال جنبلاط يقرأ في كتاب الأزمة السوريّة وتطوراتها، ويعتبر هذا الملف أساسياً بالنسبة إليه، لأنه يوجد عدد كبير من الدروز في سوريا، ويعتبر جنبلاط نفسه مسؤولاً عن حماية وجودهم كي تمرّ العاصفة الهوجاء التي تضرب سوريا والمنطقة.
وكان جنبلاط أوّل من ناصر الثورة السورية ودعا إلى إسقاط نظام الرئيس بشار الأسد، وقد وضع في 16 آذار من العام 2012، في ذكرى استشهاد والده، علَم الثورة السورية على ضريحه.
وفي هذا الإطار، يبقى هناك انقسام داخلي حول مسألة التنسيق مع النظام السوري، وقد أثار كلام رئيس الجمهورية العماد ميشال عون من على منبر الأمم المتحدة علامات إستفهام عدة خصوصاً عندما تحدّث عن “أن بعض مواقف الدول غير المبالية بأزمة النزوح قد تدفع لبنان حكماً إلى تشجيع عملية العودة التي يجريها، بالاتفاق مع الدولة السورية لحل هذه المعضلة”.
ويرفض الحزب “التقدمي الإشتراكي” كل المواقف التي تخرج عن الإجماع الوطني، وتقول مصادر “الإشتراكي” لـ”نداء الوطن”: “لا يمكن أخذ موقف رئيس الجمهورية والهجوم عليه لمجرّد الهجوم، فإذا نظرنا بموضوعية نرى أن الرئيس يقول إننا سنقوم بكل ما نقدر عليه من أجل عودة النازحين”.
وتتابع المصادر: “لكن في الحقيقة، فإن الجميع متفق على أن مشكلة النزوح تشكّل أزمة وطنيّة، ومن هذا المنطلق هناك البيان الوزاري الذي تحدّث عن هذه الأزمة وحدّد كيفية التعامل معها، كما توجد المبادرة الروسيّة – الأميركية التي يتفق الجميع على أهمية تطبيقها، لكنها مجمّدة لأسباب دوليّة”.
ويشدّد “الإشتراكي” على أن النظام السوري لا يريد عودة النازحين، بل يريد من كل هذه الضجة التي تثار أن يقطف ثمارها سياسياً عبر إعادة تعويمه والحديث معه، كذلك يسعى إلى أن يترافق مشروع عودة النازحين مع ضخّ الأموال عليه من أجل إعادة الإعمار وهذه الأمور كلها غير متوافرة حالياً”.
ويؤكّد “الإشتراكي” أنّ عودة النازحين مرتبطة بقرار دولي، فلماذا يريد البعض إعطاء صكّ براءة للنظام حالياً؟
ويتساءل الجميع كيف سيكون الموقف اللبناني بعد عودة عون والوفد المرافق من نيويورك، ويؤكّد “الإشتراكي” أنه منفتح على أي طرح، “ومع إحترامنا لفخامة الرئيس” إلا أن هناك مجلس وزراء يقرر، ويجب ألاّ يتفرّد أحد بالقرار، والعمل ضمن الأطر السياسية التي حددها مجلس الوزراء وتراعي مصالح لبنان العليا، والأطر التقنية التي يعمل عليها المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم، وفي حال لم نصل إلى أي إتفاق جديد في مجلس الوزراء، فيجب ألا ينفرد أحد بالقرارات الكبرى.