كتبت آمال خليل في صحيفة “الاخبار”:
محطة تكرير المياه المبتذلة في مدينة النبطية أشبه بالحزّورة. شركة فرنسية تقاضت 1,5 مليون دولار سنوياً على مدى سبع سنوات لتشغيلها، وستتقاضى أكثر من أربعة مليارات ليرة لتصفية حساباتها مع الدولة قبل تسليمها. كل ذلك من دون تدقيق ولا من يدققون، فيما المحطة بلا فعالية و«كأنها غير موجودة»!
فقد ورد في عدد الجريدة الرسمية الصادر في 19 أيلول 2019، مرسوم جمهوري حمل الرقم 5588، ونص على تقديم مساهمة مالية بقيمة 4 مليارات و522 مليون و5 ألف ليرة لمشروع عقد مصالحة مع شركة «أو تي في فيوليا» (OTV VEOLIA)، لقيامها، بين عامي 2017 و2019، بتشغيل وصيانة محطة تكرير المياه المبتذلة في النبطية لمصلحة مؤسسة مياه لبنان الجنوبي. المساهمة التي ستنقل من احتياطي الموازنة العامة إلى موازنة رئاسة مجلس الوزراء، وتحديداً مجلس الإنماء والإعمار، وقّع عليها رئيس الجمهورية ميشال عون بناء على اقتراح رئيس الحكومة سعد الحريري ووزير المالية علي حسن خليل لدفع مستحقات الشركة الفرنسية.
المدير العام لمؤسسة مياه لبنان الجنوبي، وسيم ضاهر، أوضح لـ«الأخبار» أن المبلغ مخصّص لتصفية حسابات الدولة مع الشركة ودفع مستحقاتها قبل انتهاء عقدها، نهاية العام الجاري، وتسليم إدارة المحطة إلى المؤسسة». ضاهر أشار إلى أن العقد أُبرم قبل تسلمه مهماته بسنوات على رأس المؤسسة، لكنه سأل: «هل دقّق أحد ما إذا كانت الشركة تستحق بالفعل قبض مستحقاتها؟ وهل التزمت بواجباتها التشغيلية لتنال حقوقها المالية علماً أنها تتقاضى، منذ عام 2012، مليون ونصف مليون دولار سنوياً لتكرير 10 آلاف و900 متر مكعب يومياً من الصرف الصحي في مدينة النبطية وبلداتها؟». ويضيف: «لا أعرف كيف احتُسبت المصالحة. لكن يمكن وزارتي المالية والطاقة والمياه ومجلس الإنماء والإعمار التدقيق»، مشدداً على أن محطة التكرير «تبدو وكأنها غير موجودة. فهي لا تعمل جيداً وتشغل خط معالجة واحداً بدل خطين متوافرين. ورغم أن الشركة تقاضت 1,5 مليون دولار سنوياً لتعالج المياه المبتذلة معالجة ثانوية، أي فقط لفصل الصرف السائل عن الحمأة ومعالجة المياه لتصبح صالحة للري، إلا أن هناك خللاً في الأداء. فالمياه المعالجة تخرج من المحطة لترمى في مجرى المياه المبتذلة في وادي الكفور، ما يجعل صعباً التأكد من مستوى المعالجة. كما لا تتوافر في المحطة وحدة لمعالجة الحمأة التي ترمى في أرجاء الوادي».
ضاهر الذي سيلتقي الأسبوع المقبل ممثلين عن الانماء والاعمار والشركة الفرنسية للاستفسار عن أسباب الخلل في المحطة، يؤكد أن «التخطيط والتنفيذ خطأ بخطأ من الأساس» في معظم محطات التكرير، ويشوب هذا الملف «أداء سيئ وهدر متماد للمال العام وفوضى وتضارب في إدارة القطاع بين رئاسة الوزراء ووزارة الطاقة ومجلس الإنماء والإعمار». ولفت، مثلاً، الى أن محطة النميرية التي شيّدت لتضخ الصرف الصحي من بلدة النميرية وجوارها صعوداً إلى محطة وادي الكفور، لم تشغل لأن لا طريق للوصول إليها ولا كهرباء لتشغيلها!، فضلاً عن اختلاط مياه الأمطار بالصرف الصحي في الشبكات العمومية، ما يزيد كمية الصرف الصحي التي تصل إليها خلال الشتاء إلى حوالي 30 ألف متر مكعب.