سألت بعض المصادر الوزارية كيف يوفق البعض بين من يريد للبنان أن يتجاوز أزماته المالية والنقدية وبين وضع العراقيل أمام تعيين نواب جدد لحاكم مصرف لبنان من شأنه أن يدفع في اتجاه استكمال مجلسه المركزي، خصوصاً أنه من دون استكمال تعيين هؤلاء يتعذر عليه الانعقاد ليكون في مقدوره اتخاذ القرارات المطلوبة لتوفير الحلول، ولو على مراحل لهذه الأزمات، خصوصاً أنه مضى 6 أشهر على انتهاء ولايتهم. وقالت إن مصرف لبنان في حاجة إلى اتخاذ قرارات، لكن تعذّر انعقاد مجلسه المركزي يحول دون اتخاذها، لأن لا صلاحية لحاكمية المركزي التفرد في إصدارها بالنيابة عن المجلس.
وكشفت المصادر عن مخرج كان ابتدعه الوزير خليل لتأمين النصاب القانوني الذي يسمح للمجلس المركزي لمصرف لبنان بالانعقاد للنظر في الأزمة النقدية، وقالت إنه يقوم على تعيين نواب الحاكم على مرحلتين، لكن اقتراحه اصطدم برفض من الوزير باسيل. وأوضحت أن خليل اقترح تعيين نائبي الحاكم الشيعي والسنّي في مرحلة أولى باعتبار ألا خلاف على التمديد للمنتهية ولايتهما رائد شرف الدين ومحمد بعاصيري، على أن يصار لاحقاً إلى تذليل العقبات التي تحول دون الاتفاق على نائبي سلامة، الدرزي والأرمني.
بيد أن باسيل أحبط إمكانية السير بهذا الاقتراح الذي وافق عليه الرئيس الحريري، حسب تأكيد مصادر نيابية لصحيفة “الشرق الأوسط”، مع أنه يؤمن النصاب القانوني الذي يسمح بانعقاد المجلس المركزي.
وعزت المصادر رفض باسيل إلى أنه يصر على أن يكون نائب الحاكم الأرمني من حصة “التيار الوطني” بدلاً من أن تبقى من حصة حليفه حزب “الطاشناق” إضافة إلى أنه يرفض أن يكون الدرزي من حصة “الحزب التقدمي الاشتراكي”، رغم الحرص الذي أبداه ويبديه الأخير للاندفاع في اتجاه باسيل لحماية المصالحة في الجبل، وطي صفحة الخلاف لخفض منسوب الاحتقان الطائفي والمذهبي في هذه المنطقة. ثم إن باسيل يشترط أن يكون مفوض الحكومة لدى «المركزي» من حصته.
ولم يغب عن بال المصادر النيابية ما حصل من رد فعل في الجلسة التشريعية الأخيرة للبرلمان، عندما طلب الرئيس الحريري سحب المشروع الخاص بفتح اعتماد لتنفيذ بعض المشروعات، ومنها إنشاء سد في منطقة المتن الشمالي.
فالذي حصل انطوى على نفحة طائفية من قبل مجموعة من النواب المنتمين إلى “التيار الوطني الحر” وحزبي “القوات اللبنانية” و”الكتائب اللبنانية”، بذريعة أنه يريد حرمان مناطق معينة من تنفيذ هذه المشروعات. وللعلم، يحق لرئيس الحكومة أن يطالب بسحبه للبحث في كيفية تأمين التمويل له من خلال الاقتراض بفائدة أقل من 13 في المائة على المبلغ الواجب استدانته لتمويل تنفيذها، إضافة أن لا جدوى من إنشاء السد في ضوء الدراسات التي أُجريت في خصوص الأرض الذي سيقام عليها، وأظهرت أن هناك صعوبة في تجميع المياه فيه بسبب كثرة التسريبات.
وعليه فإن المزايدات الشعبوية، من خلال لجوء البعض إلى غسل يديه وتقديم نفسه للرأي العام بأن المسؤولية في تفاقم الأزمات تقع على عاتق غيره، يبدو كأنه أراد أن يحجز لنفسه مقاعد في المنصّات المخصصة للمتفرجين، مع أنه يتسابق على حصد المغانم في التعيينات، ويصر على احتكار حصة المسيحيين فيها.
لذلك، فإن الأسبوع المقبل بدءاً من غد الاثنين سيخصص للبحث في المخارج لتجاوز أزمة السيولة في الدولار، من جهة، وفي تأمين الاعتمادات لاستيراد القمح والمشتقات النفطية، التي يفترض، كما تعهد الرئيس الحريري، أن ترى النور بعد غد الثلاثاء، وإنما بلسان حاكم مصرف لبنان الذي أعد مجموعة من التدابير التي ستؤدي إلى انفراج الأزمة.