Site icon IMLebanon

خريطة الطريق الاسرع والاسلم لبدء المعالجة الاقتصادية!

ازاء استفحال الازمة الاقتصادية والمالية وانتقال تفاعلاتها الى الشارع الأحد، في تحرك مجهول الهوية والهدف، بحسب رأي بعض المراقبين، لغياب الجهة القيادية و”الأبوّة” السياسية او المدنية لحراك من هذا النوع لطالما كان ثمة من يتبناه، وفي ضوء عدم بروز خطة اقتصادية جدية تشق طريق معالجة الازمة المستفحلة على رغم حوار بعبدا الاقتصادي الذي اجتمعت حوله كل اطياف السياسة، موالاة ومعارضة، وفي غياب موازنة تقشفية جدية تفرضها طبيعة المرحلة، اذ ان المشروع المطروح امام الحكومة للنقاش لموازنة العام 2020 لا يبدو يأخذ في الاعتبار ادنى مقومات التقشف الاصلاحي المتمثلة بضبط مزاريب الهدر والفساد قبل سلوك الدرب الضرائبي، تؤكد مصادر مالية رفيعة لـ”المركزية” ان وصف الدواء الناجع لداء العجز ليس بالمهمة المستحيلة، فالداء ليس مستعصيا اذا ما توافرت النيات للعلاج والدواء موجود، اذا كان ثمة من  يمتلك الارادة لوصفه. وتشرح المصادر ان المطلوب في هذا الظرف اولا موازنة تقشفية عن حق، بمعنى ان تكون متوازنة لا تتجاوز فيها النفقات الواردات. فواردات الدولة تقدر بنحو 19 مليار دولار ويتوجب تاليا الا يتجاوز الانفاق هذا السقف، اقله في ما تبقى من العام الجاري وفي موازنة 2020. لذلك، تقترح في اطار خطة الحل، ان تقتصر موازنة 2020 على رواتب موظفي الدولة وخدمة الدين مع بعض الاعتمادات التشغيلية (صيانة)لا اكثر، فاللبنانيون الذين تراجع الانماء في سلم اولوياتهم لمصلحة تأمين قوتهم اليومي، لن يعترضوا على وقف شق طريق هنا او استكمال مشروع هناك، بل يتطلعون الى وقف التدهور السريع لوطنهم نحو الانهيار الذي يجمعون على مختلف انتماءاتهم السياسية والطائفية على انه لم يعد بعيدا اذا ما استمر المسؤولون السياسيون في اتباع النهج الحالي في المعالجات القاصرة. غير ان الانماء لن يتوقف، تضيف المصادر، ما دامت مشاريع “سيدر” ستنطلق بعد نحو شهرين بأموال الدول المانحة وباشراف دولي على حسن التنفيذ والانفاق.

ان موازنة متوازنة لعام واحد على الاقل، تقول المصادر، من شأنها ان تسهم في تعبيد طريق الخروج من الازمة، خصوصا اذا سلّم الجميع بوجوب وقف الانفاق غير المجدي والهدر والسرقات والرشاوى والسمسرات التي ترافق مجمل المشاريع. ان سياسة من هذا النوع يمكن ان تجدي نفعا كبيرا تحقق خطوة مهمة على طريق التوازن المالي، فكيف والحال، اذا ارفقت بخطوات اصلاحية جريئة وشجاعة مطلوبة بإلحاح بدءا بمعالجة ملف الكهرباء الذي يستنزف خزينة الدولة ويخنقها. في هذا المجال تنصح المصادر باللجوء الى شركات عالمية كبرى سبق ان عرض بعضها المساعدة من خلال تأمين الطاقة على مرحلتين، الاولى انتقالية يتم خلالها الاستعانة بمولدات ضخمة لتأمين الطاقة الكهربائية في انتظارانجازمعامل توليد الطاقة على الغاز في مدة تتراوح بين سنة ونصف السنة لتبيع بعدها الدولة الطاقة باقل من سنتين، شرط ان تؤمن النقل. وتنصح المصادر بالابتعاد عن خيار الاستعانة بالبواخر لما يعتريها من شوائب ويحيط بها من ملابسات.

وكما في الكهرباء، كذلك في ما يتصل بأزمة النفايات الممكن اذا ما اراد اصحاب القرار ان تتحول من مشكلة الى حل ثم الى مورد انتاجي للدولة. وتوضح ان من شأن الاستعانة بشركات عالمية مختصة بهذا الملف، عرضت بدورها المساعدة لكنها لم تلقَ آذانا صاغية في لبنان على رغم عدم توافر الخطط البديلة، خلافا لدول كثيرة لجأت اليها، فأنهت ازماتها وحولت نفاياتها الى طاقة تستفيد منها في اكثر من مجال.

وتختم: ان خريطة الطريق هذه هي الاسرع والاسلم لبدء المعالجة الاقتصادية واعطاء انطباع للخارج بتوافر الرغبة الحقيقية بالاصلاح، ووضع لبنان على سكة الحل المنشود تمهيدا للخروج من النفق الذي دفعت السلطة الحاكمة البلاد اليه ، وما زالت تدفع راهنا في اتجاه تحميل وزر الازمات للقطاع المالي الذي بفضله ما زال لبنان يقف على رجليه حتى الساعة.