أما وقد عاد ابن البترون جوزيف حنّوش إلى عائلته سليمًا معافى الأربعاء الماضي، بعد أن اختُطف بقوّة السلاح في السابع والعشرين من شهر آب الفائت على طريق عام كفردبش – البقاع، لا يزال السؤال الكبير يدور حول العملية “الغامضة”: من هي الجهة الخاطفة؟ ولماذا لم يتم توقيف من قاموا بالعملية وهم “معروفون”؟
أوساط مواكبة للاتصالات التي جرت لإطلاق سراح حنّوش، أكدت لـ”المركزية” أن “الخاطفين الذين اشترطوا لتحريره الحصول على فدية مالية بـ 450 مليون ليرة تم تخفيضها إلى 207 ملايين ليرة بعد عملية تفاوض استمرت طوال فترة احتجاز، معروفون لدى الأجهزة الأمنية بالاسم وبمكان وجودهم، لا بل أنه تم التفاوض معهم بالمباشر وغير المباشر من أجل ترتيب عملية الإفراج عن حنّوش. ورغم أن دخول المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم على خط القضية ولو “متأخّراً” فعل فعله بتحريره في إنجاز جديد يُسجّل له بعد نجاحات سابقة في تحرير مخطوفين من لبنان وخارجه، إلا أن سيناريو العملية من ألفها إلى يائها، خصوصًا الجزء المتعلّق بالخاطفين لا يُعفي الدولة وأجهزتها الأمنية وبعض القوى السياسية أيضًا من المُساءلة والمحاسبة لجهة توقيف الخاطفين، حتى لو كانت النهاية سعيدة”.
فحنّوش الذي بقي مخطوفًا لاكثر من شهر وتم نقله من خلال المعابر غير الشرعية إلى الداخل السوري كما تشير المعلومات، لم “يستنفر” الدولة للقيام بالخطوات البديهية التي تُنفذّها أجهزتها الأمنية بعد كل عملية اختطاف. فلا مداهمات لأماكن مُشتبه بـ”احتضانها” الخاطفين كما تجري العادة ولا حشد أمنيًا “ظاهرًا” لآليات وقطعات القوى المسلّحة في البقاع بحثًا عن المطلوبين. وهو ما يجعل طرح علامات الاستفهام أمرًا مشروعًا: لماذا تحضر الدولة في الشقّ الأخير بعد أن تكون عملية تحرير المخطوفين شارفت على نهايتها “وبالمباشر” بين الجهة الخاطفة وذوي المخطوفين؟ ولماذا تغيب عن مسؤوليتها منذ حدوث الاختطاف لتتحرّك سريعًا فتُعيد الحق لأصحابه من دون أكلاف مادية ولا حتى بشرية؟
على أي حال، يبقى الأساس وفق الأوساط “رفع الغطاء السياسي عن المطلوبين فعلًا وليس قولًا، إذ إن الأجهزة الأمنية تقوم بواجباتها على أكمل وجه، لكن عندما تصل إلى مرحلة توقيف المطلوبين تبدأ التدخلات السياسية “لتؤمّن” هروبهم أما لمناطق داخل لبنان أو خارجه”.
فبرأيها “لو تُركت للأجهزة الأمنية حرية التصرّف من دون ضغط سياسي لما حصلت عمليات قتل وخطف مسرحها الدائم في منطقة البقاع”، مذكّرةً “بعملية خطف الأستونيين السبعة منذ سنوات وجريمة بتدعي التي ذهب ضحيتها الشهيدين صبحي ونديمة الفخري وغيرها من جرائم سرقة في وضح النهار تُديرها عصابات مُنظّمة”.
وأكدت الأوساط أن “لا فائدة من خطط أمنية للبقاع قبل أن ترفع القوى السياسية الفاعلة في المنطقة، لاسيما الثنائي الشيعي “حزب الله” وحركة “أمل” الغطاء السياسي قولًا وفعلًا عن مطلوبين. فيد الأجهزة الأمنية وحدها لا تُصفّق وهي تحتاج إلى تعاون الأحزاب الفاعلة في أي منطقة تشهد حادثًا أمنيًا لتأتي بالثمار المطلوبة”.
أما لماذا يتحمّل الثنائي الشيعي، تحديدًا “حزب الله” مسؤولية التعاون مع أجهزة الدولة لتثبيت الأمن والاستقرار في البقاع، حتى ولو أعلن الأمين العام للحزب السيد حسن نصرالله خلال كلمته في مهرجان التحرير الثاني في بلدة العين البقاعية أن “هناك مسؤولية تقع على عاتق الدولة تجاه أهالي منطقة البقاع. ولا يجوز أن نسمح لأحد أن يدفع باتجاه أن يتحمل “حزب الله” المسؤولية الأمنية في البقاع”، فتردّه الأوساط إلى “قوّته على الأرض وتأثيره في البقاعيين. فمتى “ساعد” الدولة في جلب المطلوبين ولملمة السلاح بين الناس تُقطع الطريق أمام العصابات وأصحاب السوابق في تنفيذ مخططاتهم التخريبية، فلا يعودون “يتلطّون” بوهج سلاح من هنا أو غطاء سياسي من هناك”.