كتبت ايفا ابي حيدر في “الجمهورية”:
في ظلّ فوضى الأزمة المالية التي يمرّ بها لبنان وارتفاع اسعار الدولار في السوق السوداء، والتخوّف من مزيد من التدهور في الاوضاع المالية، اصبح لسان حال الناس، ما هي افضل وسيلة لحماية مدخراتنا؟ هل نتركها بالليرة اللبنانية أم نحوّلها الى الدولار او نقسمها ما بين ليرة لبنانية ودولار؟ فماذا يقول الخبراء؟
خيّم الهلع من تفلّت الامور المالية وفقدان الليرة اللبنانية لقيمتها مقابل الدولار على المواطنين الاسبوع الماضي، فسجّل الطلب على تحويل الاموال المودعة بالليرة اللبنانية الى الدولار ارتفاعاً لافتاً مقارنة مع الاسبوع الذي سبقه. كما دفع هذا الخوف باللبنانيين الى تكديس اموالهم في بيوتهم، في استرجاع لما كان يحصل ابّان الحرب الاهلية.
وكان زاد من الهلع تقنين عمل الصرافات الآلية في غالبية المصارف اللبنانية، انتشار الاشاعات من توقف اعطاء القروض في المصارف، بالاضافة الى تحديد سقف لسحب الدولار من المصارف.
وقد زاد الطين بلّة مشهد تزاحم المواطنين على محطات الوقود ليكتمل مشهد ذكريات الحرب اللبنانية. فما خطورة الأزمة التي نمرّ بها ؟ وكيف يجب ان يتعاطى معها المواطن لحماية ممتلكاته ومدخراته؟
في هذا السياق، أكّد الخبير المالي غازي وزني، انّه لا يمكن ابداً ان نقدّم النصائح للمواطنين عن افضل السبل للتعاطي مع الأزمة، لكن البلبلة التي استُجدت في السوق الاسبوع الماضي غير مبررة لا اقتصادياً ولا مالياً ولا نقدياً.
وقال وزني لـ«الجمهورية»: «صحيح اننا نمرّ بأزمة مالية واقتصادية، وهناك عجز مرتفع جداً في ميزان المدفوعات، كما لدينا مشكلة في ارتفاع نسبة الاستيراد، لكن ما حصل الاسبوع الماضي من هلع وخوف وارتفاعات في الاسعار في سوق الصيرفة غير مبرّر».
اضاف: «انّ مستقبل البلد يتوقف على عناصر متعددة منها: قدرة الحكومة على معالجة الأزمة النقدية والاقتصادية والمالية الموجودة، مؤتمر «سيدر»، بالاضافة الى التنقيب عن النفط والقدرة على إقرار الموازنة في غضون اسبوعين او ثلاثة. هذه المؤشرات مهمة جدا واساسية في المرحلة المستقبلية للبلد».
وقال: «انّ الحكومة تهرّبت من مسؤولياتها في الموضوع الاقتصادي ونقلتها الى مصرف لبنان الذي اصبح مناطاً به حماية الاستقرار النقدي، وقد أضيفت اليه مسؤولية جديدة وهي تمويل الاقتصاد وتنظيم عمليات الاستيراد، في حين انّ هذا ليس من مسؤولياته، بل انّ هذه العملية ستؤدي الى نزيف اضافي لاحتياطات مصرف لبنان بالعملات الاجنبية».
وتابع: «يبلغ حجم الاستيراد في لبنان 20 مليار دولار ولا احد يمكنه ان يتحمّل هذا الموضوع. لذا تمّ التوافق على فتح اعتمادات بسلع معينة حيوية واستراتيجية، مثل البنزين، الذي تبلغ فاتورته ملياري دولار، الادوية وفاتورتها مليار و300 مليون دولار، والطحين فوق المليار دولار. لذا لا يجوز للحكومة ان تتنصّل من مسؤولياتها وتحميل المركزي المسؤولية وحده».
وختم: «انطلاقاً من ذلك، على المودع اليوم ان يراقب كل هذه الامور وكيفية معالجتها من الحكومة ومدى جدّيتها في المعالجة ليبني على الشيء مقتضاه».
قرداحي
من جهته، أشار الخبير الاقتصادي شربل قرداحي، الى انه في ظل الأزمة المالية التي نمرّ بها لا شك أنّ من الضروري للمواطن أن ينوّع في محفظته المالية من الاصول الخاصة، اياً كان حجم المبلغ الذي يملكه. ومن الافضل ان تتنوع المحفظة ما بين العقار والسيولة (الكاش) والاسهم وغيرها.
وقال لـ«الجمهورية»: «إذا كان للمواطن عمل خاص فالأفضل ان يكون قسم من استثماراته يتعلق بالاعمال. وفي ما خصّ محفظة العقارات فالأفضل ايضاً ان تتنوع لتشمل عدة مناطق وليس منطقة واحدة. اما في ما خصّ السيولة، فالافضل للمواطن ان يكون لديه تنوع بالعملات قدر الامكان ما بين الليرة اللبنانية والدولار واليورو الى جانب امتلاك الذهب».
ورداً على سؤال، اكّد قرداحي، «ان اليوم هو الوقت المناسب لشراء الذهب، ومن يملك القدرة المالية فإنه الوقت الانسب للاستثمار بالعقار لاسباب عدة، اهمها انّ اسعار العقارات تراجعت بشكل لافت، والتصحيح في القطاع العقاري حصل بفعل تراجع الطلب وبفعل الازمة التي نعيشها حاضراً، ما يسمح بتنويع المحفظة. إذ انّه في هذه الحالة يكون المودع سحب جزءاً من امواله النقدية وامّن لها الحماية من خلال الاستثمار بالعقار الذي يسجّل راهناً تراجعاً في الاسعار».
وأضاف: «الامر مشابه في ما خصّ الذهب، إذ انّ فوائد الاستدانة في معظم البنوك المركزية في العالم هي فوائد سلبية، اي بحدود الصفر وما دون، الى جانب عمليات التحفيز النقدي، اي استسهال طباعة العملة. ما يؤشر الى انّ اسعار الذهب سترتفع في المستقبل، ما يعني انه سيكون لحيازة الذهب عائد مرتفع، وتحمي المحفظة».