من الواضح ان إدارة الرئيس الاميركي دونالد ترامب، تبدو اكثر قناعة بأن العقوبات الاقتصادية القاسية، وغير المسبوقة التى فرضتها الولايات المتحدة على إيران ستجبرها فى النهاية على الجلوس إلى طاولة المفاوضات وفقاً للشروط الأميركية. فالاقتصاد الإيراني الذى ينزف بشدة جرّاء هذه العقوبات سيدفع طهران وفقاً لكثير من “منظّري” السياسة الترامبية إلى الاستجابة للمطالب الأميركية في ما يتعلق بطموحاتها النووية، وهو ما يعني فى هذه الحالة ان واشنطن حققت ما تريد من دون ان تُطلق رصاصة واحدة، مما يُشكّل إنجازاً سياسيا كبيرا للرئيس ترامب الذي سيقدمه للرأي العام الأميركي كانتصار مع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية، لكن من دون اي كلفة عسكرية ما يُعزز فى حال تحقيقه حظوظه بالفوز بولاية رئاسية جديدة.
ومع تقدّم الخيار الاقتصادي على حساب العسكري-السياسي التقليدي، اصبح المسؤولون في وزارة الخزانة الاميركية ارفع شأناً وتأثيراً من اكبر جنرال او موظّف في وزارة الدفاع (البنتاغون) واستطراداً وزارة الخارجية. لان الخيار المعتمد حاليا داخل الإدارة الأميركية، يعتمد على “الحصار” الاقتصادي بدلاً من إطلاق البارود. وردع إيران بالعقوبات الاقتصادية “المفتوحة” في المجالات كافة، والتي تمثّل بحسب رؤية البيت الأبيض ضربات موجعة للنظام الإيراني، باتت “العصا السحرية” الأقوى من نيران القذائف، ويمكنها إخضاع حكومات واطاحة أنظمة، خصوصاً ان واشنطن “تخنق” الاقتصاد الإيراني بمنع طهران من بيع النفط في السوق الدولية.
وبدأت العقوبات المفروضة على إيران تؤتي ثمارها، بحسب تقديرات البيت الابيض ووزارة الخزانة، وهو ما لن يردع ترامب في فرض المزيد منها، لانها الخيار الافعل والاقل كلفة والاكبر ضرراً والماً للمُستهدفين.
وهو ما اكده المبعوث الأميركي الخاص بإيران، براين هوك في اكثر من مناسبة، “بأن سياسة البيت الأبيض تقضي بفرض المزيد من العقوبات لإحراز تقدم ضد النظام الإيرانى، حتى يأتي إلى طاولة المفاوضات، للتوصل إلى اتفاق آخر، بدلا من ذاك الذي انسحبنا منه قبل سنة”.
وفي مقابل تمسّك الادارة الاميركية بسلاح الاقتصاد وذخيرة العقوبات بدلا من الخيار العسكري، يسعى المسؤولون الايرانيون الى “استدراج” ترامب الى مواجهة عسكرية قد تستفيد منها طهران في المفاوضات لاحقاً، لانها تُدرك بأن ترامب لا يرغب بالحرب، لكن ما لا تُدركه انه لن يتهرّب متى وقعت المواجهة العسكرية، بل سيردّ بقوة لاثبات جبروت دولته العسكري وعظمة اميركا دولياً.
وتشير اوساط دبلوماسية لـ”المركزية” الى “ان التصعيد الذي تلجأ اليه ايران في الخليج وفي اتجاه دوله، لاسيما السعودية، بعد الاعتداء الذي تعرضت له منشآت “ارامكو” النفطية منذ اسبوعين، يُظهر بأنها تستعجل المواجهة بهدف الجلوس حول طاولة المفاوضات وفي يدها ورقة قوية يمكنها ان تستعملها عند الضرورة، خصوصاً ان اذرعها العسكرية كـ”حزب الله” والحشد الشعبي ستنضمّ الى المواجهة”.
والى الملف النووي، انضمت قضية الجزر الاماراتية الثلاث الى التصعيد بين الولايات المتحدة وحلفائها من جهة وايران من جهة اخرى، مع اعلان الامارات العربية امس ان الجزر الثلاث التي تسيطر عليها ايران (طنب الكبرى مساحتها 9 كيلومتر مربع) وطنب الصغرى(2 كلم2) وجزيرة ابو موسى (20 كيلومترا) هي جزر عربية تعود ملكيتها لها وانها لن تتخلى عنها، وقد تبدأ مسيرة المطالبة بها عبر قنوات ووسائل عدة بهدف اخراج ايران منها واعادتها الى الحضن العربي.
ورجّحت الاوساط الدبلوماسية ان يُطرح هذا الملف على طاولة المفاوضات مع ايران عندما يحين الوقت.