كتبت مريم سيف الدين في “نداء الوطن”:
سادت حالة من الذعر بين أهالي التلامذة في مختلف المدارس اللبنانية، بعد شيوع خبر تعرّض طفلين لمحاولتي خطف، نهار الجمعة الماضي، أمام مدرسة الليسيه فردان في بيروت. انتشر الخبر عبر “واتساب” بتسجيل صوتيّ لوالدة إحدى الطفلات، تقول فيه إن ابنتها تعرضت إلى محاولة خطف بالقرب من المدرسة على الرغم من زحمة الناس وتواجد القوى الأمنية. ما دفع بوالدة ثانية للإعلان عن أن ابنها تعرّض أيضاً لمحاولة خطف فاشلة بالقرب من المدرسة نفسها. ووزّع التسجيلان بسرعة عبر مجموعات “واتساب”، فأثارا ذعر الأهالي على امتداد لبنان.
أصداء الريبة والخوف انتقلت إلى “فيسبوك”، وتحدّث أهالٍ عن محاولات مشابهة تعرّض لها أطفالهم في أماكن مختلفة. فانطلقت موجة التوقعات والتحليلات وانتشر الحديث عن وجود عصابات تعمل على خطف الأطفال، إما بهدف بيعهم أو الاتجار بأعضائهم.
لا تؤكّد البرقيّة التي أرسلتها غرفة العمليات في وحدة الشرطة في بيروت حصول محاولتي الاختطاف ولا تنفيهما، فالبرقية تنقل إفادة مدير المدرسة، زاهد حيدر، التي أبلغها للقوى الأمنية بناءً على أقوال الأهل، بعد ثلاثة أيام من تاريخ الحادثتين المزعومتين. وبينما يرفض حيدر الإدلاء بأيّ تصريح، يطمئن مصدر أمني في اتصال مع “نداء الوطن”، أن لا داعي للهلع، “فالتحقيقات مستمرة وتحتاج إلى وقت”. وفي الوقت الذي تنتشر فيه شائعات عن وجود عصابات تخطف الأطفال، ينفي المصدر حصول أيّ عملية خطف للأطفال خلال الشهر الماضي. ويؤكد أنّ هناك احتمالاً بألا يكون ما حصل نهار الجمعة “محاولة خطف جدية”، ويؤكد مسؤولية قوى الأمن بالحفاظ على أمن التلامذة، “فدائماً تسيّر دوريّات بالقرب من المدارس”. ولاحقاً، أعلنت قوى الامن الداخلي عبر حسابها على موقع “تويتر”: “لقد تناقلت وسائل الإعلام أخباراً حول شبكات لخطف الأطفال من أمام المدارس. بعد التحقيق، تبين انه لم تحصل أي عمليات خطف للأطفال من امام المدارس، كما أن الأخبار المتداولة حول محاولات الخطف غير دقيقة والتحقيق ما زال مستمراً في حالة واحدة. إن قوى الأمن تطمئن المواطنين الى عدم الخوف والقلق”.
دور إيجابي
وعلى الرغم من حال الذعر التي تسببت بها التسجيلات المرسلة عبر “واتساب”، إلا أنها لعبت دوراً إيجابياً في تنبيه الأهل والمدارس والقوى الأمنية إلى ضرورة تشديد الإجراءات الأمنية قرب المدارس، والتأكّد من تسليم الأطفال إلى ذويهم قبل خروجهم من حرم المدرسة. خصوصاً أن الحادثتين المثارتين تمحورتا حول واحدة من أشهر المدارس الواقعة في قلب العاصمة، ووسط حضور أمني (وفق شهادتي الوالدتين) ما ضاعف من حال الصدمة. ومقابل التهويل أثيرت شكوك حول دقّة الروايتين، إذ من المستبعد أن تقوم عصابات للاتجار بالأعضاء باستهداف أطفال أمام مدارسهم وفي ظل إجراءات أمنية. فهذه العصابات عادة ما تبحث عن أطفال مهمّشين لن تضجّ الدولة بخبر فقدانهم. ولربما هي عاطفة الأمومة التي استحكمت بالوالدتين ودفعتهما للخوف على طفليهما. فالوالدة الأولى تحدثت عن محاولة لاختطاف طفلتها التي كانت برفقتها وسط حشد من الناس وبحضور القوى الأمنية، من قبل إمرأة سمينة مسنّة حاولت وضعها تحت عباءتها ولاذت بالفرار بعد صراخ الأم. بينما تحدثت الوالدة الثانية عن محاولة خطف ابنها من قبل شخص يقود سيارة رباعية الدفع سوداء اللون داكنة الزجاج، “طلب منه الصعود إلى السيارة لإيصاله إلى المنزل، على الرغم من تواجد عناصر من الجيش والأمن على الرصيف”، وفي القصتين قطبة مخفيّة. ولم يُذكَر أنّ أيّاً من الوالدتين تقدمت بدعوى رسميّة على خلفيّة ما تعرّض له طفلاهما.
من جهتها وزّعت المدرسة تعميماً على الأهالي يشير إلى ضرورة تذكير أطفالهم بعدم التعاطي مع الغرباء في الشارع. وتعلن فيه أنها طلبت من القوى الأمنية اتخاذ التدابير اللازمة في المنطقة المحيطة بالمدرسة. وبعد أن أصبح التحقيق في الحادثتين بعهدة فصيلة الروشة، ينتظر الجميع النتيجة التي سيتوصّل إليها، علّه يكشف حقيقة ما جرى في أسرع وقت ممكن، ويزيل التساؤلات والمخاوف. ومهما كانت النتيجة، يبقى الأهمّ ايلاء ملف سلامة التلامذة الأولوية، واتخاذ كافة الاجراءات اللازمة لحمايتهم من أي خطر على مدار العام الدراسيّ وفي كلّ المناطق.