ارتدادات التأزم الاقتصادي بدأت تنعكس رويدا رويدا على وجه التحالف السياسي القائم بين الرئيسين ميشال عون وسعد الحريري وصولا الى القاعدة التي انحرفت في المعارك التويترية اليومية، الى حد إقدام الرئيس الحريري على إلغاء ندوة لوزير الخارجية جبران باسيل كانت مقررة في مقر التيار الازرق في محلة القنطاري السبت المقبل.
ويكتسب هذا التطور اهمية خاصة مع دخول الرئيس ميشال عون سنته الرئاسية الرابعة، وبهذه المناسبة كان له لقاء مع مجموعة من الصحافيين تحدث فيها بصراحة عما يعتقده وراء هذه الهجمة عليه وعلى الدولة في هذا الوقت، متحدثا عن «جذور خارجية للتحركات الشعبية الاخيرة». ولم يقلل الرئيس ميشال عون من اهمية التحرك الشعبي الرافض للتردي المعيشي والنقدي، ولذلك فقد استدعى المدعي العام المالي القاضي علي ابراهيم وسأله عن مصير بضع ملفات مشوبة باتهامات بالفساد وبينها صندوق الضمان الاجتماعي ومرفأ بيروت، الا انه استدرك بأن جانبا من أسباب التأخير في هذه الملفات بطء القضاء في التحقيق فيها والحسابات السياسية الكبيرة التي لا تزال تغطيها. واعرب الرئيس عون عن اعتقاده بوجود جذور خارجية للتحركات الشعبية التي انطلقت الاسبوع الماضي، الا ان ادواتها لبنانية، وان غاية هذه الحملات النيل من الدولة برمتها، واعلن اطمئنانه الى الاحتياطي النقدي في مصرف لبنان، مؤكدا ان الليرة ليست ابدا على وشك السقوط، وسأل: هل ينوون اخذنا الى النموذجين القبرصي واليوناني من اجل وضع اليد على لبنان؟ انا اجزم ان ثمة قوى خارجية تريد الاقتصاص من رئيس لبنان ومعاقبته بعد الذي اعلنته على الملأ في نيويورك، فأنا لن اقبل باستمرار اللجوء الفلسطيني والنزوح السوري في لبنان.
وفي اشارة غير سارة الى واقع العلاقات بين اهل السلطة، قال الرئيس عون ان الحكومة في حال اقرب الى الغياب عن الوعي، لا تعرف سوى ان تخسر الوقت، فيما البلاد تعوم على بحر من الشائعات، وايضا على بحر من الفضائح، ما يوجب التحرك سريعا بعد الذي سمعناه من لجنة الاتصالات النيابية (الهدر في وزارة الاتصالات) وسواها، عن ضلوع ثلاثة وزراء على الاقل في فضائح، ومن الواجب التحرك لمساءلتهم ومساءلة سواهم ممن تحوم حولهم الشبهات، وخلال اسبوع سنسمع كلاما مهما على هذا الصعيد. كل هذه المعطيات السلبية توّجها الرئيس الحريري بالاعلان عن إلغاء ندوة لوزير الخارجية جبران باسيل في قصر الرئاسة القديم في القنطاري، حيث مقر تيار المستقبل، مساء السبت المقبل، في اطار حوار مفتوح.
وكانت كتلة المستقبل النيابية لاحظت تمادي بعض الاصوات في تحريف التاريخ والتطاول على الرئيس الشهيد رفيق الحريري ودوره الطبيعي في اعادة الاعتبار للدولة الشرعية، واستغربت خروج هذه الاصوات عن قواعد الشراكة في الحكم واستخدامها التغريد اليومي للاساءة الى الرئيس الشهيد، والمقصود هنا نائب منطقة جزين عضو التيار الحر زياد اسود المحسوب على رئيس التيار جبران باسيل، والذي لم يتحفظ على كلمات النائب اسود لا من باسيل ولا من داخل التيار، فكان لابد من الرد على هذا التجاهل بإلغاء الحوار.
صحيفة «الاخبار» تحدثت عن خلاف بين التيارين الازرق والبرتقالي، حيث قالت انه بدأ مع زيارة الحريري الى باريس ولقائه الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون الذي عبر عن استيائه من ادارة الدولة سياسيا وماليا، والتلكؤ في المبادرة الى الاصلاح وخفض العجز وادارة خطة الكهرباء ضمن اطار خفض العجز قبل الركون الى مقررات مؤتمر «سيدر»، وان الحريري ابلغ الجانب الفرنسي ان فريق رئيس الجمهورية الذي يتولى ادارة ملف الكهرباء لا يريد ان يقدم اي تسهيلات، وطلب الحريري الى ماكرون ان يتحدث الى الرئيس عون عندما يلتقيه في نيويورك بهذا الشأن، ونقلا عن مصادر عونية تقول الصحيفة المقربة ان هذا الموضوع طرح خلال لقاء عون وماكرون في نيويورك، وان الرئيس عون غضب بعدما علم بكلام الحريري ورد بكلام قاس، ومنه ان رئيس الحكومة كسول ولا يعمل.