Site icon IMLebanon

لا ترموا صفار البيض بعد اليوم!

كتبت سينتيا عواد في “الجمهورية”:

 

يشتهر البيض بأنّه مصدر للبروتينات العالية الجودة التي تُصلح العضلات، وتتحكّم في مستويات السكر في الدم، وتعزّز المناعة والقوّة، وتساعد على خسارة الوزن. فضلاً عن أنه مليء بالفيتامين D الضروري لعظام وأسنان قويّة. لكن وفي حين يتمّ اعتبار البيض من أهمّ المأكولات الصحّية، إلّا أنّ صفاره له سُمعة سيّئة دفعت بالعديد من الأشخاص إلى حذفه كلّياً من النظام الغذائي. فهل هذا الجزء الذهبي هو فعلاً مضرّ للإنسان كما هو شائع؟
هناك أساطير كثيرة مُحيطة بصفار البيض، ويبدو أنّها ليست كلها صحيحة. فعلى غِرار المنطقة البيضاء، يحتوي الصفار نسبة عالية من البروتينات، جنباً إلى الكثير من الفيتامينات والمعادن الأساسية. وفي هذا السياق، قالت إختصاصية التغذية، عبير أبو رجيلي، لـ»الجمهورية»، إنّ «تناول البيضة كاملة يضمن التوازن الصحيح للبروتينات والسعرات الحرارية، ويسمح لمعظم الأشخاص بالشعور بشبع ورضى أكثر على الوجبات الغذائية. ووجدت دراسة صدرت عام 2015 في مجلّة Nutrients أنّ النساء البدينات اللواتي تناولن البيض بانتظام بعد الحمل سجّلن علامات أعلى في مؤشر الأكل الصحّي مقارنةً باللواتي لم يقمن بالمثل، مُقترحةً أنّ البيض قد يلعب دوراً في عادات الأكل الصحّية».

منجم من المغذيات
وأضافت ابو رجيلي: «المعلومة التي ستُثير دهشة ملايين الأشخاص هي أنّ صفار البيض يحتوي على فيتامينات أكثر وبمستويات أعلى من بياضه. فكل صفار واحد يزوّد الجسم بـ7 فيتامينات تشمل B6، وB9، وB12، وA، وD، وE، وK. ومن بين هذه المغذيات، فإنّ الفيتامينات A وD وE متوافرة فقط في الصفار وليس البياض، بالإضافة إلى الكاروتينات والـDHA. وبالنسبة إلى المعادن، فإنّ الجزءين يتشاركان الأنواع ذاتها، أبرزها الكالسيوم، والماغنيزيوم، والحديد، والبوتاسيوم، والصوديوم، والسلينيوم. لكنّ الفارق أنّ الصفار يملك كميات أعلى من معظمها: على سبيل المثال، 90 في المئة من الكالسيوم و93 في المئة من الحديد في البيض موجودة تحديداً في الصفار».

حقيقة ارتباطه بالكولسترول
لكن ماذا عن ارتباطه الوثيق بالكولسترول؟ علّقت أبو رجيلي: «في حين أنّ الأطباء أوصوا منذ أعوام الأشخاص بالحدّ من استهلاك صفار البيض، خصوصاً الذين يشكون من ارتفاع الكولسترول، أو ضغط الدم، أو أمراض القلب، إلّا أنّ أبحاثاً أكثر تركيزاً وجدت أنّ مستويات الكولسترول العالية في الدم تكون أقل تأثراً في الأطعمة المُحتوية طبيعياً على الكولسترول، مثل البيض، مقارنةً بالعوامل الفردية مثل العرق، والجنس، والأداء الهورموني، والغذاء العام. وتوصل العلماء أخيراً إلى أنّ الكولسترول السيئ (LDL) يرتفع أكثر عند تناول الأطعمة الغنية بالدهون المشبعة مقارنةً بالبيض. يعني ذلك أنه يمكن تناول البيض مع صفاره بِلا أدنى خوف، شرط الاعتدال في الكمية، بما أنّ استهلاك أي طعام بشكل مُبالغ قد يُلحق الأذى بالصحّة مهما كان جيّداً للجسم».

فوائد ثمينة
وتطرّقت خبيرة التغذية في ما يلي إلى أبرز المنافع عند تناول صفار البيض بانتظام واعتدال:

• الكاروتينات المتوافرة في صفار البيض، وتحديداً “Lutein” و”Zeaxanthin”، تنعكس إيجاباً على صحّة العين. فهذه المواد التي هي عبارة عن صبغات تمنح صفار البيض لونه الذهبي، تخفّض خطر الإصابة بالضمور البقعي المرتبط بالتقدّم في العمر، وكذلك إعتام عدسة العين. إنها تعمل بمثابة مضادات الأكسدة في العين، فتحميها من الجذور الحرّة التي يمكن أن تُتلف عدة أجزاء من شبكية العين.

• الفيتامينات والمعادن والمغذيات الأخرى في صفار البيض تساعد أيضاً في دعم صحّة القلب والأوعية الدموية. إستهلاك صفار البيض باعتدال لم يُظهر فقط عدم ارتباطه بأمراض القلب، بل أيضاً فإنّ المغذيات في الصفار، مثل “Choline”، تسهم في تنظيم وظيفة القلب والأوعية الدموية. من جهة أخرى، يحتوي صفار البيض على الحامضين الأمينيين، “Tryptophan” و”Tyrosine”، اللذين قد يساعدان في الوقاية من أمراض القلب.

• وجدت دراسة من “University of North Carolina” أنّ النساء اللواتي استهلكن أعلى معدل من الكولين كنّ 24 في المئة أقلّ عرضة للإصابة بسرطان الثدي مقارنةً بنظيراتهنّ اللواتي تناولن أدنى جرعة من هذه المادة.

• فوائد الكولين لم تنتهِ بعد! فالحصول على جرعة كافية منها خلال الحمل والرضاعة مهمّ جداً بما أنّها أساسية لنمو الدماغ الطبيعي. ناهيك عن أنّها تعزّز التركيز خصوصاً عند الأولاد في المدرسة، وتُقوّي ذاكرة الكبار.

• يحتوي صفار البيض على مادة الكروميوم التي تساعد في إفراز الإنسولين في الجسم لضبط مستوى السكر في الدم.

• يُعتبر صفار البيض من المأكولات المفيدة للأشخاص الذين يتبعون حمية معيّنة لأنّه منخفض السعرات الحرارية، بحيث أنّ كل صفار واحد يحتوي فقط على 55 كالوري. بالإضافة إلى 2,7 غ من البروتينات التي توفّر الشبع لوقت أطول، ما يمنع اللقمشة. ويمكن تحضير عجّة «خفيفة» مؤلّفة من صفار واحد من البيض، مع بعض أنواع الخضار، وإضافة القليل من البندورة لترطيبها قليلاً بدلاً من استخدام الزيت، وبالتالي الاستمتاع بوجبة غذائية صحّية ولذيذة لا تؤمّن سوى نحو 80 كالوري.

كذلك عرضت ابو رجيلي مجموعة فوائد أخرى مُحتملة لصفار البيض، أهمّها أنه «يرفع الأداء المناعي بما فيه النشاط المضاد لكل من الأكسدة والميكروبات والسرطان، ويزيد كثافة العظام ومرونتها، ويحافظ على إنتاج دم صحّي خصوصاً محتوى الحديد وعوامل التخثر، ويدعم الأيض الصحّي والمنظّم، ويحسّن أيض الدهون والبروتينات، ويعزّز نمو الخلايا وإصلاحها، ويُبقي ضغط الدم ضمن معدلاته الصحّية، ويدعم صحّة البشرة والشعر، ويحسّن حركة الأمعاء، ويرفع الامتصاص الغذائي أثناء الهضم، وينتج الناقلات العصبية، ويخفّض خطر انسداد الأمعاء وحصى الكلى، ويقلّل الالتهاب العام في الجسم».