أعدّ مكتب رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري ورقة تحت عنوان «إجراءات إنقاذية للأشهر الستة المقبلة»، وجرى توزيعها على أعضاء «اللجنة الوزارية المكلّفة دراسة الإصلاحات المالية والاقتصادية» في إطار مناقشاتها الجارية لمشروع قانون موازنة العام 2020. تضمّنت هذه الورقة جملة واسعة من الإجراءات التقشّفية والضريبية الإضافية والمكرّرة، أبرزها:
– على صعيد الموظفين: تجميد زيادة الرواتب والأجور لمدة 3 سنوات، بدءاً من عام 2020، زيادة الحسومات التقاعدية من 6% الى 10%، اعتماد التعاقد الوظيفي، تعديل نظام التقاعد وتوحيد التقديمات الاجتماعية.
– على صعيد الكهرباء: زيادة أسعار الكهرباء، وإلغاء دعمها تدريجياً لتصبح صفراً في عام 2022.
– على صعيد الضرائب: رفع معدل الضريبة على القيمة المضافة على الكماليات إلى 15% فوراً، ورفعها تدريجياً إلى هذا المعدّل على بقية السلع الخاضعة للضريبة، زيادة رسوم التبغ بمقدار 3 آلاف ليرة للمستورد و1500 ليرة للمحلي، وزيادة رسوم المشروبات الروحية بنسبة 100%.
اللافت أكثر في هذه الورقة هو ما تضمّنته تحت عنوان «الاستقرار النقدي وخفض عجز ميزان المدفوعات». ففي معرض تأكيدها «الاستمرار في سياسة استقرار سعر الصرف»، أي بمعنى تأمين الشروط لمواصلة تثبيت سعر الليرة، تطرح اللجوء إلى المزيد من الديون الخارجية، عبر «تأمين خطوط ائتمان بالعملة الأجنبية لتمويل عمليات التجارة الخارجية»، أي الاستدانة من الخارج لتمويل الاستيراد. وعبر «تأمين ودائع طويلة الأجل في مصرف لبنان والاكتتاب بسندات الخزينة بالعملات الأجنبية»، أي الاستدانة من الخارج أيضاً لإعادة تكوين موجودات مصرف لبنان بالعملات الأجنبية، وتمكينه من التدخّل لتثبيت سعر الصرف وتمويل عجز ميزان المدفوعات الخارجية. ليس هذا فحسب، بل بحجة الحصول على المزيد من الدولارات، تطرح ورقة الحريري العمل على جذب الاستثمارات الأجنبية، عبر مشاريع الشراكة بين القطاعين العام والخاص، وتحرير القطاع العام وإشراك القطاع الخاص في الملكية العامة والإدارة. وفي هذا السياق، تدعو الورقة إلى البدء بخصخصة شركتي الخلوي وليبان تيليكوم وشركة طيران الشرق الأوسط وشركة الشرق الأوسط لخدمة المطارات وكازينو لبنان وإدارة حصر التبغ والتنباك ومرفأ بيروت وجميع المرافئ الأخرى، إضافة إلى بيع العقارات التي تملكها الدولة!
بمعنى واضح، يقترح الحريري للخروج من الأزمة القائمة أن تبيع الدولة أصولها العامة الى المستثمرين الأجانب وتزيد مديونيّتها الخارجية، وتُرهق المواطنين بالضرائب على استهلاكهم وتسلب الموظفين والمتقاعدين جزءاً من مكاسبهم وتُلقي عبء الكهرباء كاملاً على ميزانيات الأسر… وكل ذلك في سبيل الحصول على حفنة إضافية من الدولارات لشراء المزيد من الوقت وجني المزيد من الأرباح من قبل الذين ربحوا كل الوقت حتى الآن.
الاستقرار النقدي وخفض عجز ميزان المدفوعات:
– التأكيد على الاستمرار في سياسة استقرار سعر الصرف.
– العمل مع الدول التي تربطنا بها علاقات تجارية مُهمّة على تأمين خطوط ائتمان بالعملة الأجنبية، بكلفة متدنّية لتمويل عمليات التجارة الخارجية.
– العمل مع الدول الشقيقة والصديقة على تأمين ودائع طويلة الأمد في مصرف لبنان، والاكتتاب بسندات الخزينة بالعملات الاجنبية لآجال طويلة الأمد.
– استقطاب استثمارات خارجية جديدة من خلال:
- تسريع تلزيم مشاريع الشراكة بين القطاعين العام والخاص من خلال تكثيف عمل المجلس الأعلى والإسراع في اتخاذ القرارات.
2· تشركة القطاعات الخدماتية وتحريكها من خلال إشراك القطاع الخاص في ملكيّتها وإدارتها، وبشكل يحافظ على مستوى الإيرادات التي تحوّلها تلك القطاعات إلى الخزينة وزيادتها تدريجياً، و/أو يؤدي إلى خفض كبير لحجم وكلفة الدين العام.
الاستقرار المالي:
– الالتزام بتطبيق دقيق لموازنة 2019، والإجراءات المقرّرة فيها، من خلال متابعة إقرار وتنفيذ المراسيم أو القرارات ذات الصلة (…)
– إقرار إطار مالي متوسّط الأمد، يمتد على السنوات 2020 – 2021 – 2022، يلحظ فائضاً أولياً سنوياً لا يقلّ عن 3% و4% و5% كنسبة من الناتج المحلي وعجز لا يتخطّى الـ7% و6% و5% كنسبة من الناتج، على أساس نقدي، للسنوات المذكورة على التوالي.
– الالتزام الكامل والدقيق بأهداف الإطار المالي المذكور أعلاه، وذلك بدءاً بإقرار موازنة 2020 في مواعيدها الدستورية، واتخاذ القرارات والإجراءات الفورية التالية:
على صعيد النفقات:
- وضع سقف لدعم مؤسسة كهرباء لبنان في عام 2020 بمبلغ 1500 مليار ليرة و750 ملياراً في عام 2021 وصفر في عام 2022.
- تخفيض النفقات (خارج خدمة الدين العام) بما لا يقل عن 500 مليار مقارنة مع موازنة عام 2019، بما فيها إعادة النظر في كل قوانين البرامج، إما لإلغائها وتأمين تمويل خارجي لها أو إعادة جدولتها.
- تجميد زيادة الرواتب والأجور لمدة ثلاث سنوات بدءاً من عام 2020، مع الاحتفاظ بحقوق الموظفين بالتدرّج.
على صعيد الإيرادات:
- زيادة شطرين على تعرفة كهرباء لبنان: الأول من 500 إلى 1000 ك. و. في الساعة بتعرفة 200 ليرة لكل ك.و. والثاني فوق 1000 ك.و. في الساعة بتعرفة 300 ليرة لكل ك.و. وذلك كمرحلة أولى على أن يُصار إلى إصدار تعرفة جديدة، يبدأ العمل بها بالتوازي مع البدء برفع ساعات التغذية.
- زيادة الضريبة على القيمة المضافة إلى 15% على الكماليات فوراً، وزيادتها تدريجياً إلى 15% على باقي الأصناف الخاضعة للضريبة، على أن يُطبّق نصف هذه الزيادة في عام 2021 ونصفها الآخر في عام 2022 (الإيرادات المتوقّعة 1200 مليار).
- زيادة الرسم على التبغ والتنباك بمبلغ 1500 ليرة لبنانية لعلبة السجائر المنتجَة محلياً و3000 ليرة لبنانية على علبة السجائر المستوردة وبنسب مماثلة على السيجار والتنباك.
- زيادة الرسم على المشروبات الروحية 100%.
- زيادة الحسومات التقاعدية من 6% الى 10%.
- وضع وإقرار قانون التسوية الضريبية.
- تحسين الجباية ورفع مستوى الالتزام الضريبي من خلال إقرار مرسوم مناقصة الماسحات الضوئية (scanners) في الجمارك واعتماد بيان التصدير المصدّق من الخارج وضبط المعابر الشرعية وغير الشرعية.
ورقة الحريري: زيادة الـTVA إلى 15% على الكماليات فوراً، وزيادتها تدريجياً إلى 15% على باقي الأصناف الخاضعة للضريبة
- الإصلاح المالي:
- إعداد وإقرار مشروع قانون يرمي إلى إصلاح نظام التقاعد للعاملين في الإدارات العامة في الأسلاك المدنية والعسكرية كافة.
- إعداد وإقرار – خلال مهلة لا تتجاوز ستة اشهر – مرسوم يهدف إلى وضع نظام موحّد للتقديمات الاجتماعية (منحة زواج، منحة ولادة، منحة تعليم، مساعدة وفاة، منحة إنتاج….) يشمل جميع العاملين في القطاع العام يطبق في تعاونية موظفي الدولة وسائر الأسلاك العسكرية والمؤسسات العامة والمجالس والهيئات والبلديات.
- إعداد وإقرار مشروع قانون يرمي الى إنشاء حساب موحّد للخزينة تودع فيه جميع الأموال العامة لتأمين رقابة وإدارة فعّالتين لفائض الأرصدة الموجودة في الخزينة والمؤسسات العامة وتحسين إدارة سيولة الدولة من دون أن يحد من حرية المؤسسات العامة بالتصرّف في أموالها.
- تحديث القوانين والإجراءات الضريبية والمالية
- إقرار قانون جديد للجمارك.
- إعداد وإقرار قانون حديث للمشتريات العامة مع دفاتر شروط نموذجية.
- إعداد وإقرار قانون الضريبة الموحّدة على الدخل ونظام ضريبي مبسّط للأعمال الصغيرة والحرفيين.
- إعداد وإقرار قانون يرمي إلى تحديث وتطوير قانون الإجراءات الضريبية بما يحقق تبسيط الإجراءات ورفع مستوى الالتزام الضريبي وإعادة النظر في الغرامات بدل الاستمرار في وضع قوانين تخفيض الغرامات باستمرار.
- إعداد دراسة تهدف إلى إعادة النظر في كل الرسوم والضرائب غير المباشرة بهدف إلغائها أو زيادة مردوديتها أو دمجها.
الإسراع في تنفيذ خطة الكهرباء:
- الإسراع في تلزيم معامل الإنتاج.
- عقد اجتماعات دورية للجنة الوزارية لمواكبة تنفيذ خطة الكهرباء بكل بنودها واتخاذ ما يلزم من قرارات وإزالة أي معوقات قد تعيق أو تؤخر تنفيذها.
- تعيين رئيس وأعضاء مجلس إدارة مؤسسة كهرباء لبنان.
- تعديل القانون 462 وإقراره في مجلس النواب وتشكيل الهيئة الناظمة.
تفعيل إدارة أصول الدولة وتحريرها: المؤسسات العامة:
* الطلب من الوزراء كافة رفع تقارير عن المؤسسات العامة والمصالح المستقلة والهيئات التابعة لها يتضمن مهامّها ومدى الحاجة إليها وإمكانية إلغائها أو دمجها مع مؤسسات أخرى وإمكانية تشركتها وتخصيصها إما كلياً أو جزياً.
مراجعة موازنات المؤسسات والمرافق العامة بهدف تخفيض نفقاتها وزيادة إيراداتها ما يؤدي إلى زيادة المبالغ المحوّلة إلى الخزينة.
تحديد المؤسسات التي ستتم تشركتها وتلك التي يمكن للدولة تحريرها أو خصخصتها كلياً أو جزئياً، وأبرز المرافق الممكن المباشرة في خصخصتها كلياً أو جزئياً هي شركتا الخلوي وليبان تلكوم وشركة طيران الشرق الأوسط وشركة الشرق الأوسط لخدمة المطارات وكازينو لبنان وإدارة حصر التبغ والتنباك ومرفأ بيروت وباقي المرافئ.
إعداد وإقرار مشروع قانون يجيز للحكومة تحويل المؤسسات والمرافق العامة ذات الطابع التجاري إلى شركات مساهمة، كما يجيز البيع الكلّي أو الجزئي لأسهم تلك الشركات مع تعيين الحد الأقصى لتوزيع النسبة التي تبقى ملكاً للدولة وتلك التي يتم طرحها للجمهور والنسبة التي يمكن طرحها للمستثمرين مع إعطائهم حق الإدارة الكاملة.
البدء بتشركة المؤسسات والمرافق العامة ذات الطابع التجاري من خلال تعيين مجالس إدارتها للبدء بتقييم أصولها ووضع أنظمتها.
البدء بطرح اسهم الشركات للبيع وفق الأظمة والقوانين التي ترعاها.
العقارات المملوكة من الدولة:
إجراء جردة بكامل العقارات المملوكة من الدولة بكل أجهزتها بما فيها العسكرية والأمنية.
إجراء تقييم لهذه العقارات يحدد حاجة الإدارة لها.
البدء بعملية بيع أو استثمار هذه العقارات.
تسريع وتيرة الإنفاق الاستثماري وتنفيذ المشاريع الاستثمارية:
الإسراع في إطلاق المشاريع الاستثمارية المقرّرة في مجلس النواب والبالغة 3.3 مليارات دولار
إعداد وإقرار قانون برنامج بقيمة 750 مليار ليرة مخصّص لتأمين اعتمادات التمويل المحلي وكلفة الاستملاكات العائدة إلى هذه المشاريع.
إقرار مجلس الوزراء لائحة مشاريع المرحلة الأولى من برنامج الإنفاق الاستثماري (سيدر)
الطلب من مجلس الإنماء والإعمار تحديد المبالغ المتوقّعة لتغطية كلفة الاستملاكات والتمويل المحلي للمشاريع المدرجة في المرحلة الأولى من برنامج الإنفاق الاستثماري – سيدر.
إعداد وإقرار مشروع قانون برنامج مخصّص لتأمين اعتمادات التمويل المحلي وكلفة الاستملاكات العائدة إلى هذه المشاريع.
الإسراع في تلزيم المشاريع من خلال توفير الإمكانيات البشرية الضرورية لمجلس الإنماء والإعمار والوزارات المعنية، من خلال الاستعانة بشركات متخصصة محلية وأجنبية، بما يمكّنها من الإسراع في إعداد دفاتر الشروط وإطلاق المناقصات وتلزيم مشاريع البُنى التحتية، بهدف التمكن من إنفاق ما بين 1.5 الى 2 مليار سنوياً.
إطلاق مشروعي أليسار ولينور بالشراكة مع القطاع الخاص.
تحفيز القطاعات الإنتاجية:
مناقشة تقرير «ماكنزي» في مجلس الوزراء، ووضع آلية لتنفيذ التوصيات القطاعية الواردة فيه.
تبسيط الإجراءات والبدء بتطبيق الحكومة الالكترونية:
إصدار تعميم إلى الإدارات كافة للعمل على تبسيط الإجراءات وتخفيض الوقت المطلوب لإنجاز المعاملات.
إقرار استراتيجية شاملة للتحوّل الرقمي للحكومة ومخططها التنفيذي والبدء بتقديم الخدمات الالكترونية.
إصدار المراسيم التطبيقية المتعلقة بقانون المعاملات الالكترونية والبيانات ذات الطابع الشخصي وقانون الوساطة القضائية في لبنان.
* إقرار قانون حماية المعلومات الشخصية.
تنظيم الإدارة العامة:
تعيين أعضاء مجالس الإدارات للمؤسسات والهيئات:
– تعيين نواب حاكم مصرف لبنان.
– تعيين رئيس وأعضاء مجلس الإنماء والإعمار.
– تعيين رئيس وأعضاء الهيئة الناظمة للاتصالات.
– تعيين رئيس وأعضاء مجلس إدارة ليبان تلكوم.
– تعيين رئيس وأعضاء مجلس إدارة لمؤسسة كهرباء لبنان.
– تعيين رئيس وأعضاء الهيئة الناظمة للكهرباء.
– تعيين رئيس وأعضاء الهيئة الناظمة للطيران المدني.
– تعيين الشواغر في موظفي الفئة الأولى في الإدارات العامة والأسلاك القضائية.
اتخاذ مجلس الوزراء قراراً يرمي إلى تكليف جهات من القطاعين العام والخاص إنجاز المهام التالية، خلال مهلة لا تتجاوز ستة أشهر، وإعداد النصوص الضرورية من قوانين ومراسيم تمهيداً لإقرارها:
– إجراء مسح شامل يبين الوظائف الملحوظة في الملاكات ويحدد الوظائف التي تحتاج إليها الإدارة للقيام بالمهام الموكلة إليها وتحديث ملاكاتها.
– تحديد أعداد الموظفين والمتعاقدين والعاملين فيها بأي صفة كانت، وتحديد الحاجات والفائض.
– تحديد الكلفة الحالية والمستقبلية للموارد البشرية وكلفة نهاية الخدمة بما يتيح تقدير النفقات المتوسطة الأجل.
– اقتراح الإجراءات الملائمة لتقليص وضبط وترشيد الإنفاق على الرواتب والأجور وملحقاتها.
– إنجاز التوصيف الوظيفي في إطار هيكلة الإدارة وتطويرها.
– إقرار مشروع قانون يرمي إلى وضع نظام حديث لتقييم الأداء الوظيفي، في ضوء التوصيف الوظيفي الجديد، يأخذ في الاعتبار معايير الإنتاجية والكفاءة.
– درس إمكانية تعيين الموظفين عن طريق التعاقد لكل توظيف جديد (باستثناء السلك الخارجي والأسلاك العسكرية والأمنية والقضائية) مع احتفاظ للموظفين القدامى بمكتسباتهم التقاعدية.
تعزيز الشفافية والحدّ من الفساد:
إقرار استراتيجية وطنية لمكافحة الفساد ومخططها التنفيذي.
إصدار المراسيم التطبيقية للقانون المتعلق بتعزيز الشفافية في قطاع البترول في لبنان، الذي يحتوي على معظم أحكام مبادرة الشفافية في الصناعات الاستخراجية (EITI)
إصدار المراسيم التطبيقية لقانون حق الوصول إلى المعلومات وقانون حماية كاشفي الفساد.
تعزيز الهيئات الرقابية: التفتيش المركزي ومجلس الخدمة المدنية وهيئة التأديب وديوان المحاسبة وتفعيل دوره خصوصاً بما يتعلق بالرقابة اللاحقة.
تعزيز الحماية الاجتماعية:
تترافق الإجراءات المالية مع إجراءات تهدف إلى تقوية شبكات الحماية الاجتماعية من خلال:
وضع نظام للتغطية الصحية الشاملة.
تعزيز وتطوير نظام مكافحة الفقر.
تعزيز التقديمات للمعوّقين ولذوي الاحتياجات الخاصة والمسنّين.
زيادة مساهمة الدولة في دعم الإسكان لذوي الدخل المحدود والمتوسط.