تحت عنوان “إجراءات إنقاذية للأشهر الستة المقبلة”، أعدّ مكتب رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري ورقة تتضمّن بنودا اصلاحية جرى توزيعها على اعضاء “اللجنة الوزارية المكلّفة دراسة الإصلاحات المالية والاقتصادية” في إطار مناقشاتها الجارية لمشروع قانون موازنة العام 2020.
وضمن خانة “العقارات المملوكة من الدولة”، اوردت ورقة الانقاذ ثلاثة اجراءات تُساعد في تخفيض الانفاق وهي: إجراء جردة بكامل العقارات المملوكة من الدولة بكل اجهزتها بما فيها العسكرية والأمنية، إجراء تقييم لهذه العقارات يحدد حاجة الإدارة لها، والبدء بعملية بيع او استثمار هذه العقارات.
تتقاطع الورقة الاصلاحية للحريري مع “لائحة” الخطوات الانقاذية التي اشار اليها وزير المال علي حسن خليل في معرض حديثه عن مشوار الاصلاح وخلال مناقشة موازنة العام 2019، ومنها استعادة املاك الدولة المنهوبة منذ عشرات السنين بقوّة “الغطاء السياسي” احيانا وقوّة السلاح غالبا.
فهذه الاملاك والمشاعات الموجودة في مناطق كثيرة تم وضع اليد عليها على مرّ السنوات ما نتج عن ذلك من استباحة لمساحات واسعة من الأراضي البرية والبحرية على حساب الدولة والخزينة.
وفي السياق، تسأل اوساط سياسية مراقبة، عبر “المركزية”: “هل تبخرت وعود وزير المال بتشكيل لجنة متابعة لاستعادة هذه الاملاك والمشاعات التي تم وضع اليد عليها في “غفلة” من الزمن وحُرمت الخزينة من عائداتها”؟
وفي زمن الاصلاح وممارسة التقشّف من اجل ترشيق الانفاق، اعتبرت الاوساط أن “لا بد في المقابل من اتّخاذ خطوات عملية وجريئة لإغلاق “حنفية” الهدر التي تجري فيها المليارات في وقت يُمكن الاستغناء عنها بخريطة عمل جدّية تكون ثمرة تعاون مختلف الوزارات المعنية”.
ولعل ابرز هذه الخطوات، وفق الاوساط، تشييد مبانٍ رسمية جديدة تضمّ وزارات وإدارات ومؤسسات عامة على بقعة جغرافية واحدة خارج العاصمة تُوفّر اولا على خزينة الدولة الايجارات وعلى المواطنين عناء الازدحام المروري وهدر الوقت. فهناك مبانٍ حكومية كثيرة استأجرتها الدولة منذ سنوات كلفتها السنوية بالملايين. فإيجار سنة واحدة كفيل بشراء ارض وتشييد مبنى موحّد عليها يضمّ ادارات ومؤسسات عامة.
اكثر من ذلك، تحدّثت الاوساط عن ان بعض اصحاب هذه المباني المؤجّرة للدولة محسوبا على بعض القوى السياسية وهو ما جعله يرفع قيمة ايجارها السنوي مستفيدا من غطاء هذه القوى.
وإلى المباني الحكومية المؤجّرة، اشارت الاوساط الى مشاعات في مناطق عدة “صودرت” من اصحاب النفوذ والغطاء السياسي من دون حسيب او رقيب، ويجنون الملايين نتيجة استثماراتهم فيها.
وبناءً على ذلك، طالبت الاوساط القوى السياسية التي “ركبت” موجة الاصلاح ومكافحة الفساد بأن تُعطي ملف استعادة املاك الدولة المنهوبة والمشاعات حيّزا واسعا من الاهتمام، لأنه يدر على خزينة الدولة المليارات. فهذا الملف يُعدّ من “المحميات” الكبرى التي اذا ما تم اختراقها توفّر على الدولة واللبنانيين الكثير.
كما طالبت المعنيين بوضع تقرير مفصّل يتضمّن خريطة توزيع هذه الاملاك المنهوبة والمشاعات المُسيطر عليها والتواصل مع رؤساء البلديات والمخاتير لتحديد مواقعها وهوية شاغلي المشاعات او مالكي الابنية والحصول منهم على ايفادات بالاراضي التابعة للدولة او ما يُعرف بالمشاعات في نطاق هذه البلديات كخطوة أولى في اتجاه استعادتها وتثبيت هيبة الدولة عليها، خصوصا ان تركها سائبة للطامعين بها جعلها موضع نزاع بين المعتدين عليها، وما يحصل في القرنة السوداء بين بشري والضنية خير دليل.