رحلة البحث عن “المليونيرة” الصيداوية الحاجة وفاء المعروفة الحاجة وفاء المعروفة بلقب “أم الشكر”، لم تكن خاتمتها سعيدة… بلقائها، إذ غادرت منزلها الكائن قرب نادي “المعني” في صيدا القديمة، منذ أن ضج “الناشطون” على “مواقع التواصل الاجتماعي” بقصتها، بعد أزمة “جمّال ترست بنك” بأنّها تملك حساباً مصرفياً بقيمة مليار و339 مليون ليرة لبنانية!
هذه “المليونيرة” الصيداوية، شكلت صدمة بين أبناء المدينة خاصة واللبنانيين عامة، على اعتبار ان الكشف عنها جاء وليد “صدفة” بعد أزمة المصرف، وفي وقت يئن فيه اللبنانيون من الضائقة الاقتصادية والمعيشية الخانقة ولأنها تملك مبلغاً كبيراً (مليار و339 مليون ليرة لبنانية)، البعض تقبّلها على مضض، والبعض الآخر انتقدها بشدة، والبعض الثالث دافع عنها مقارنةً مع مسؤولين يجمعون أموالاً طائلة عن طريق “الفساد” و”السمسرات” ولا أحد يحاسبهم، غير أنهم جميعاً، صبوا جام غضبهم على المتسولين الذين يحترفون “مد اليد” و”السؤال” كـ”مهنة”، فلا يعرف الفقير من الغني، و”تضيع الطاسة” بين “الحاجة” و”العادة”.
منزل الحاجة وفاء
قصدت “نداء الوطن” صيدا القديمة في رحلة بحث عن الحاجة وفاء، حيثما جلت تسابق شهرتها إسمها، الجميع يعرفها، من تسأل يشير إليك: هذا منزلها. يقع بالقرب من “النادي المعني”، في الطبقة الأولى، بناؤه من الحجارة القديمة، وهو في الأصل منزل العائلة وملكها، وليس مستأجراً كما قيل سابقاً بحيث يعطف عليها البعض ويدفعون إيجاره، توفي والداها منذ عقود طويلة، وبقيت عزباء لم تتزوج، لها ستة أشقاء، ثلاث بنات يقطنّ مع أزواجهن، واحدة في بيروت والثانية في طرابلس والثالثة مغتربة في الولايات المتحدة الأميركية، وثلاثة أشقاء، أحدهم شكري الذي توفي بمرض عضال.
يروي أبناء “البلد” قصصاً مختلفة لمراحل حياتها، تفتحت عيونهم عليها وهي تتسول وتمد يدها، “طول عمرها هيك…”، يقول أحد جيرانها، قبل أن يضيف: “ولا تكتفي بذلك بل تشارك في الأفراح والأتراح والمناسبات بهدف الحصول على مساعدة وأقلها تناول الطعام، لا تطبخ في منزلها، بل تطلب من هذا بيضة، ورغيف خبز من ذاك أو حبات قليلة من البطاطا لتؤمن قوت يومها من دون أن تشتري شيئاً”.
وأوضح جيرانها، أن “المليونيرة” وفاء، لا تهدأ، تغادر منزلها صباح كل يوم، بحثاً عن المال، قوية، تجادل حتى تقنع الناس بمساعدتها، ولا تعود إلا عصراً، بعدما تجمع “غلة”، يقولون: “نحن لم نتفاجأ بغناها، كنا نعلم أنها ليست فقيرة، ولكننا تفاجأنا بأنها تملك مبلغاً كبيراً (مليار و339 مليون ليرة لبنانية)، في أحد المصارف وربما لها حساب آخر”.
وأكد هؤلاء لــ “نداء الوطن”، أن “المليونيرة” وفاء غادرت منزلها على عجل بعد انتشار قصتها، فحضر شقيقها ليلاً ونقلها إلى بيته، وقد أوصدت الأبواب الخشبية القديمة خلفها، وهو أشبه بقرار ضمني بعدم التسوّل مجدداً أو أقله حتى تهدأ العاصفة، التي أحدثتها حين أرادت سحب أموالها من المصرف بعد إدراجه على “القائمة السوداء” الأميركية، فأبلغت أنها ستحصل عليه “شيكات” من المصرف المركزي، ما أدى إلى افتضاح أمرها بعدما عمد البعض إلى تصوير الشيكات.
قصص التواصل
وقد أظهرت مقاطع فيديو مختلفة على “مواقع التواصل الاجتماعي”، “المليونيرة” وفاء وهي تتسول، تجادل أحد أبناء المدينة الذي تطلب منه المساعدة لأنها فقيرة، فيرفض ويؤكد لها أنها تملك حساباً مصرفياً، تنفي ذلك، وفي خلال شهر رمضان، كانت تقصد ساحات صيدا القديمة والمقاهي، حيث يسهر الناس وتطلب مساعدتهم، فيعطفون عليها لكبر سنها.
بعد إستيعاب “صدمة الثراء”، حفلت مواقع التواصل الاجتماعي بالتعليقات المختلفة، بين مؤيد ومتحفظ ومدافع عنها، وتميزت إحداها بنوع من الممازحة، إذ كتب الكثير من الشبان “تتزوجينا”، “أحببتك من النظرة الأولى”، بينما كتبت نسرين دندشلي ظافر، تبلسم مشاعر المتبرعين “من تصدق فصدقته وقعت في يد الله وليس في يد “أم الشكر”، فلتعلموا ومن أعطى من ماله ولو القليل فهو مال الله الرزاق وليس بمالك”.
بينما علق محمود كرجية: “الغالبية تطالب بمحاسبة المتسولة وفاء بسبب ما اكتشف عنها بأنها تملك مبلغاً كبيراً في حسابها. جمعت هذا المبلغ بالتسول وحرمت نفسها ملذات الحياة وما زالت، هذا شأنها… وفاء لم تشارك بالفساد، لقد ألبست نفسها ثوب المتسولة واعتنقت هذا منذ كانت في ريعان شبابها، فاختلطت أموال التسول بأموال الفوائد حتى أصبحت تملك هذا المبلغ. فلنحاسب من سرق هذا البلد ومن جعل من الفساد رزقه وما زلنا نتفرج عليه ونصفّق له”.
وفي “هشتاغ” بعنوان “حلوا عن وفاء… والناس بلاء للناس”، كتب عدنان أسمر يقول “الناس كانوا عم يعطوها برضاهم وهي ارتضت لنفسها التسول لكن من مد يده الى جيوب الناس بطرق ملتوية وبحجج واهية ليغتني هو وأسرته من صغار وكبار المسؤولين السياسيين هم من يجب ملاحقتهم ومحاسبتهم، عن جد، نحن شعب نتلهى بالقشور ونترك اللب، الذي هو أساس مصيبتنا في لبنان، إن من يريد الإصلاح ومحاربة الفساد والرشوة هم أنفسهم من قام بالسرقة والفساد”.
بينما قال محمد الدادا: “أكملت طريق الشحادة وتجميع أموال التسوّل حتى أصبح إدماناً، لم تسرق ولم تصادر أملاكاً بحرية ولم تتقاسم السرقة من نفط وكهرباء وماء…”.