IMLebanon

المرامل تنهش السلسلة الشرقية… والمستفيدون محسوبون على “الحزب”

نفضت سلسلة جبال لبنان الشرقية عنها غبار الحرب جراء الأزمة السورية وتواجد المجموعات الإرهابية بعد معاناة دامت سنوات قتل فيها من قتل وخطف آخرون، وانكفأت الجماعات المسلحة إلى الداخل السوري بترحيل بعضها عبر اتفاقات ومقايضات، وسيطرة “حزب الله” والجيش السوري على القلمون الشرقي، وإستعادة سكان القرى هناك أمنهم وأمانهم في ظل إنتشار الجيش اللبناني على طول الحدود.

غبار الحرب والأزمة التي عانى منها المواطنون لسنوات حلَّ محلها اليوم غبار المرامل والكسارات المنتشرة في جبال السلسلة الشرقية، تأكل جبالها وتنهش فيها من دون حسيبٍ أو رقيب كما ينهش الذئب فريسته، وسط غطاء سياسي وحزبي يسعى من خلاله البعض إلى شرعنة تلك المرامل، عبر اقتراح قانون في مجلس النواب يرمي إلى تنظيم عمل المرامل والكسارات وتجميعها في السلسلة الشرقية.

ولم يكن عابراً المؤتمر الصحافي الذي كشف فيه نائب “حزب الله” علي فياض عن إقتراح قانون لتنظيم قطاع المقالع والكسارات وتجميعها في السلسلة الشرقية، في ظل غياب تطبيق المرسوم القديم الذي ينظم القطاع والصادر العام 2002 وعدم إلتزام العديد من الذين استثمروا الأراضي في المناطق المحددة بالمرسوم وغير المشمولة أيضاً، وبحسب إقتراح النائب فياض فإن المواقع المقترحة في اقتراح القانون هي المناطق الحدودية كطفيل، بريتال، القاع، رأس بعلبك، عرسال، عين بورضاي، وقوسايا وعيتا الفخار في البقاع الغربي.

ربما يعلم النائب أن عدداً من المتمولين المحسوبين على “حزب الله” قد اشتروا أراضي بمساحات خيالية في تلك المناطق وبأرخص الأثمان، كذلك ومنذ سنوات استملك أحد نواب الدورة النيابية الماضية مئات الدونمات من الأراضي بين طفيل وبريتال، وعليه ثمة غاية من تجميع تلك المرامل في هذه المنطقة التي كان “حزب الله” وخلال الحرب السورية يمسك بتفاصيلها وشكلت ممراً له إلى الداخل السوري، وعليه لـ”حزب الله” مصلحة في تشريع وجود المرامل والكسارات هناك.

بعد انتهاء الأزمة السورية وهدوء الجبهة، إرتفعت وتيرة إنتشار المرامل في السلسلة الشرقية بعد أن كانت مقتصرة على واحدة، وانتشرت النار في الهشيم تأكل من الجبال وتوزع البحص والرمل على مختلف المناطق اللبنانية، وصحيح أن المنطقة فيها من الرمل والصخر ما يناسب المواصفات والأحجام المطلوبة، لكن الإقتراح الذي نال قبول عدد من الأطراف ورفض آخرين وينتظر أن يبادر إلى تقديمه عدد من نواب “بعلبك الهرمل” لتشريعه كون نواب المنطقة أدرى بشعابها، يبرر من يسعى الى تقديمه أن الأرض بشكلها الحالي غير مناسبة للزراعة وبعد استخدامها واستخراج الرمال والصخور يصار إلى إعادة تأهليها لتصبح صالحة للزراعة، كذلك يتسلّح برأي خبراء بيئيين بضرورة الإبتعاد من المناطق السكنية وتركيز المواقع في السلسلة الشرقية.

ربما النائب فياض أصاب في اقتراحه بتحديد المنطقة لتنفيذ مخطط توجيهي ينظم عمل هذا القطاع، لكن إستحداث عشرات المرامل في السلسلة الشرقية، من دون تراخيص وبغطاء الامر الواقع ومخالفة لكل الشروط البيئية اللازمة ومنتهكة المواصفات الهندسية والفنية وغياب الرقابة، يستدعي تحرك وزارة الداخلية باتجاه توقيفها، ووزارة البيئة أيضاً التي زار وزيرها فادي جريصاتي المنطقة منذ أشهر واطلع على عمل تلك المرامل من دون اتخاذ أي إجراء.

وتؤكد مصادر مطلعة لـ”نداء الوطن” أن ما يتردد عن أن الأراضي مكان المرامل غير صالحة للزراعة هو غير صحيح، وتلفت إلى أن جرود تلك المنطقة كانت مزروعة قبل بدء الأزمة السورية، التي حالت دون وصول أصحاب الأراضي إليها والإهتمام بأشجارهم ومحاصيلهم ما أدى إلى يباسها، فضلاً عن أن الغبار والدخان المنبعث من المرامل سيؤدي إلى يباسها، لكن هناك من يصر على عودة الأرض كما كانت من قبل مزهوةً بخضرتها. وتشير إلى أن “المنطقة غنيةٌ بالمياه الجوفية والينابيع السطحية، ووجود تلك المرامل يؤثر على الثروة المائية، ناهيك عن حال الطرق التي تربط القرى والبلدات الحدودية بالمحافظة حيث أصبحت غير صالحة حتى لعبور المشاة، وتغيرت معالم المنطقة بفعل العشوائية في العمل وإعادة تأهيل الأرض”.فوضى قطاع المرامل والكسارات تحتاج طبعاً إلى تنظيم، لكن تحرك الدولة باتجاه أهالي القرى الحدودية واجب أيضاً، ويجب أن يكون هذا التحرك إنمائياً لا عبر تشريع المقالع والكسارات التي تؤذي البشر والحجر، حيث يستفيد منها العشرات من متمولين وحزبيين، ويخسر فيها الآلاف صحتهم وأرضهم ومياههم.