نبّه نائب رئيس مجلس الوزراء غسان حاصباني إلى أن “المرحلة دقيقة وتتطلب افعالا من الحكومة لا ردات فعل”، مشيرا الى أن “ثمة خارطة طريق موضوعة في مجلس الوزراء”، حيث دعا الى “اتخاذ القرارات اللازمة الآن كي نبرهن للمواطن اللبناني قبل المجتمع الدولي أننا نستطيع أن نغيّر”.
وحذّر حاصباني، في حديث إلى “صوت لبنان – الضبية”، من “أننا وصلنا إلى مرحلة تتخطى الوضع الطبيعي وتتطلب عملا فعليا”، داعيا المسؤولين الى أن “يعوا بأن تقديم حلول عادية وإقرار الموازنة في موعدها الدستوري، رغم اهمية وضرورة ذلك، لم يعد يكفي لوقف التحديات المتراكمة لأننا دخلنا بمرحلة التداعيات السريعة”.
وقال حاصباني: “هناك جو عام يقول إن إقرار الموازنة إنجاز كبير. هذا ضروري ولكن لا يكفي لأن الأهمية الأكبر بألا تكون موازنة لتجميع متطلبات الوزارات ولا يجوز أن يزيد العجز في الموازنة الجديدة أكثر من الموازنة السابقة. كما لا يجوز ان نعود بعد سنة لنرى ان العجز اكبر بكثير مما وضعناه اليوم على الورق. علينا أن نجعل لبنان وجهة سليمة ومستقرة للاستثمار ولاكتتاب السندات. هذا يتطلب اتخاذ اجراءات بالتوازي مع الموازنة وليس بالضروري ان تكون نصوص هذه الاجراءات مدرجة في نص الموازنة. قد تكون هذه الاجراءات اما قوانين مستقلة تقر بسرعة كقانون الجمارك وقانون المناقصات المعمومية وكقانون النظام التقاعدي. وقد تكون عبر قرارات سريعة في مجلس الوزراء او حتى بقرار وزير، ولكن نتفق عليها الآن ونتابعها فورا فتعزز المداخيل او تخفف المصاريف، كضبط الجمارك والحدود البرية غير الشرعية. كذلك هناك قرارات تؤمّن حسن تطبيق خطة الكهرباء ولنأخذ قرارا سياسيا بفضح ما اذا كان هناك من يعرقل تطبيقها. يجب ايضا التطبيق الفوري للقوانين المتعلقة بقطاع الاتصالات والموضوعة منذ العام 2002”.
وإذ ذكّر حاصباني بأن “في العام 2019 تحفظت “القوات اللبنانية” على الموازنة في مجلس الوزراء وصوتت ضدها في مجلس النواب، فيما اعلنت بقية الأطراف التي صوتت لمصلحة الموازنة انها غير كافية ولكن وعدوا بأن قبل موازنة العام 2020 سنتخذ اجراءات متكاملة وأفضل”، لفت إلى أن “الآن قانون مشروع الموازنة العام 2020 ليس أفضل من موازنة 2019، بل هناك زيادة نفقات تفوق 900 مليار وزيادة قليلة جدا في الواردات، ونرى ان واردات مقترحة اختفت كالاملاك البحرية”!
وأضاف: “من غير المقبول أن نسمع أن هناك مؤامرات تحاك لتبرير ما وصلنا اليه او عندما نكون امام استحقاق كبير نتهم الخارج لإبعاد اللوم عن الوضع الداخلي. علينا أن نعي أن هناك جوا متشنج لذا جو الخطابات العالية ليس بمكانه”.
وشدد حاصباني على أن “من حق المواطن ان يرفع صوته ويعبر عن وجعه ومن واجب المسؤول ان يتصرف بمسؤولية لمعالجته”، مردفا: “أمضينا اكثر من ساعة في جلسة مجلس الوزراء نناقش التعبير عن الرأي ولكن يوجد قانون فليطبق وللنصرف الى الوضع الاقتصادي الملح. من باب الكلام العام تناول فخامة رئيس الجمهورية ووزير الدولة لشؤون القصر الجمهوري في الجلسة الاخيرة لمجلس الوزراء تطبيق القوانين والمواد الجزائية على الأشخاص الذين يهينون بطريقة علنية عبر الاعلام او وسائل التواصل الالكتروني او خلال التظاهرات. ونحن ندعو الى التفريق بين حرية التعبير التي يجب أن تصان لكي لا نصبح دولة قمعية، ونحن لسنا مع قمع الحريات ضمن ضوابط القانون، وبين إثارة الشائعات. فالناس ليس لديهم دائما المعطيات الصحيحة، وقد تؤدي معلوماتهم إلى شائعات خاطئة مما قد يتسبب بحال من الخوف والهلع، لذلك يجب أن يستند الإنسان إلى معطيات صحيحة”.
ولفت حاصباني الى أنهم “على علم ودراية أن الوضع الاقتصادي يعاني منذ أكثر من سنة ونصف السنة من هذا الواقع الرديء، ومنذ مطلع العهد حذّرت “القوات اللبنانية” من الوصول الى هذه النقطة”. وتابع: “لكن كان هناك ما يشبه التمهيد للوصول الى ذلك عبر رمي الاتهامات والقول ان هناك من يعطل ويعرقل. فعلى سبيل المثال، حين اعترضنا على طريقة طرح الحلول التي كانت تطرح لملف الكهرباء لم يكن الامر تطاولا وهجوما على العهد كما صوّر بعضهم بل حركة تصحيحية لملف كان يعالج منذ سنوات بطريقة خاطئة. في صميم هذه الخطوة تحصين وحماية العهد والحكومة من الانتقادات والأخطاء الكبيرة التي يمكن ان تؤدي لهدر اكبر. ولو ان ما يقومون به اليوم تم منذ العام 2014 كان اصبح التيار الكهربائي متوفرا وعجزنا صفر. عندما تقع المشكلة، من السهل أن توجه السهام إلى مكان آخر، لكن اليوم هناك ناس يجب أن تتحمل مسؤوليتها”.
وأردف حاصباني قائلا: “يبدو أن الخلاف ليس سياسيا بين معظم الأطراف بل خلاف مصالح. هناك فرق كبير بينهما وعندما يمر ملف عبر تفاهم بين المجموعات “بيمشي”. جزء من التسويات يتخطى التسوية السياسية الصرف إلى مصالح إما بمداخيل أو تسهيلات. قبل التعيينات، تعلو الأصوات وعندما يقومون بالتسويات يسكت الجميع بانتظار تعيينات أخرى. اما نحن كقوات لبنانية فتمسكنا بأن تكون التعيينات وفق آليات واضحة وشفافة.”
ورأى أن “البلد لا يحتمل نوايا سيئة ويجب ان نعمل بطريقة موضوعية. لا المناكفات ولا عدم الثقة والتشكيك بالآخرين ولا موضوع التعيينات يهم بقدر الإصلاح الفعلي للوضع الاقتصادي. الناس لا يثقون في الوضع المالي لأنه لم تُتخذ قرارات تعطي هذه الثقة، فهناك محاصصات وتسويات أوصلتنا لما وصلنا إليه. من أهم الإصلاحات ضبط المعابر غير الشرعية وضبط الجمارك أي وضع سكانر ووضع كشف جمركي من المصدر. الحصول على البيان جمركي من المصدر يجب أن يكون سريعا ونحن نتوقع من وزارة المال ان تعمل على وقف الهدر في القطاع الجمركي سريعا، كما ان تشكيل هيئات ناظمة مستقلة يريح المستثمرين ومؤشر بأن حقوقهم ستكون محفوظة، ويحد من الوقع السياسي على القرارات. لكن هناك محولة لنسف دور الهيئة الناظمة كهيئة مستقلة وتملك السلطة”.
وعن الوضع المالي وتوفر السيولة بالعملة الاجنبية، قال حاصباني: “إذا لم يكن هناك إصلاحات فورية تخفف عجز الخزينة وعجز الميزان التجاري وتعيد الثقة للمستثمرين ليعيدوا ضخ اموال في لبنان وتبقى هناك كتلة من العملات في السوق اللبناني لن يضبط الوضع المالي”.
وردا على سؤال، ختم حاصباني قائلا: “الطائفة الارثوذكسية منفتحة على الجميع وتتعاون معهم وفيها تعددية آراء ولا يمكن لأحد ان يختذل موقف الارثوذكس ويضعهم تحت عباءة احد لغايات شخصية وأهداف سياسية”.