Site icon IMLebanon

وسط بيروت يستعيد مشهدية الاحتجاجات!

تشكّل الحركةُ الخارجيةُ لرئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري في اتجاه عواصم خليجية وأوروبية، ما يشبه «ورشةَ العملِ المتنقّلة» التي تُلاقي الاستنفارَ الداخلي لفرْملةِ الإشاراتِ المُقْلِقَة التي عبّر عنها بدء الانزلاق «المُقَنَّع» للواقع المالي – الاقتصادي نحو «الخط الأحمر» من خلال بروز أوّل «دلائل حسية» على شحّ الدولار الأميركي وما رافَقَ ذلك من ارتباكٍ كبير في سوق الصرف و«ازدهار» السوق الموازية (الصيارفة) وتالياً ظهور سعريْن لـ «العملة الخضراء».

ويحطّ الحريري اليوم في الإمارات في زيارةٍ تستمرّ يومين يلتقي خلالها ولي عهد أبو ظبي الشيخ محمد بن زايد، ويشارك في مؤتمر الاستثمار الاماراتي – اللبناني الذي يُعقد غداً. علماً أن رئيس الوزراء يترأس وفداً يضم 6 وزراء إلى جانب حاكم مصرف لبنان و50 شخصية مصرفية واقتصادية.

وإذ اختصر سفير الإمارات حمد سعيد الشامسي محطة الحريري، التي صارتْ «زيارة دولة»، بأنها «عنوان لتجديد الثقة بلبنان وتحفيز الآخرين على البحث عن فرص استثمارية فيه (…) ونريد المؤتمر رافعةً تساهم في استعادة الاقتصاد اللبناني زخمه وإعادة بث الروح فيه»، فإن ما يجعل هذه المحطة تكتسب أبعاداً مهمة أنها تدشّن جولةً ستحمل رئيس الحكومة خلال هذا الشهر إلى ألمانيا، حيث تحدّثت تقارير عن أن المستشارة أنجيلا ميركل تعقد مؤتمراً استثمارياً مُخصّصاً للبنان، على أن يتوجّه أواخر أكتوبر إلى الرياض لتوقيع 19 اتفاقية، على أن يشتمل نوفمبر على زيارتيْن مبدئياً واحدة لموسكو وثانية لباريس.

وتخضع هذه الجولة التي تحمل عنواناً اقتصادياً واستثمارياً، لمعاينة لصيقة في اتجاهيْن: الأوّل ما سينتج منها على صعيد تأكيد العواصم المعنية بها لالتزاماتها بمؤتمر «سيدر»، وإذا كانت ستخرج بدعم «عينيّ» مباشر ولا سيما من الإمارات والسعودية في غمرة استعداد لبنان لطرح سندات بالعملة الأجنبية بقيمة نحو مليارَيْ دولار (تُخصّص لإعادة تمويل الديون المستحقة وتدعيم المالية العامة)، وذلك عبر صيغة إما ودائع لدى المصرف المركزي أو الاكتتاب في هذه السندات. والثاني ما ستظهّره الزيارات من استمرار «مظلّة» الدعم الخارجي للبنان الواقع بين مطرقة وضع مالي يعانِد جاذبية السقوط وبين سندان المواجهة الكبرى في المنطقة.

وتأتي محاولة الحريري استنهاض الدعم الخليجي – الدولي على وقع «انفصامٍ» في المشهد الداخلي المنقسم بين حدّيْن:

* محاولات توحيد الصفّ لإطلاقِ ورشة الإصلاح عبر «القطار السريع» في ملاقاة شروط «سيدر»، وهي الورشة التي تشكّل موازنة 2020 عنوانها الرئيسي مع الإصلاحات الموازية التي لا تزال محور أخذ وردّ حول طبيعتها وحدودها وإذا كانت ستُدرج في صلب الموازنة أو تكون من «ملحقاتها».
* «التشققات» السياسية التي تطلّ برأسها تحت عناوين تُراوِح بين الحريات الإعلامية وحرية التعبير وبين ملف مكافحة الفساد، والتي تتقاطع مع استمرار «ارتجاجات» شحّ الدولار في الأسواق وعدم قفل باب التحركات الاحتجاجية في الشارع.
وفي هذا الإطار، يتفاعل المنحى الذي اعتُبر «كاتماً لأفواه» الصحافة والإعلام والناشطين على مواقع التواصل من قبل السلطة السياسية، تحت عنوان «منْع الشائعات» حول الأزمة المالية والمساس بمقامات الرئاسات.

وبرزت أمس السبت، دعوة المدعي العام المالي القاضي علي إبراهيم، لكل من وزير الاتصالات الحالي محمد شقير ووزيري الاتصالات السابقين جمال الجراح (وزير الإعلام الحالي) وبطرس حرب، للاستماع اليهم في ملفّ الاتصالات، في ظل رفض الجراح وشقير تلبيتها، معتبرين أنها غير قانونية.

ويتزامن هذا المناخ مع رصْدٍ لما ستشهده الساعات المقبلة من تحركات اعتراضية، بدءاً من التظاهرات التي ستُستعاد مشهديتها اليوم في وسط بيروت مع توجيه مجموعة على الأقلّ من الحِراك المدني دعوة إلى الاحتجاج ضدّ السلطة وسياساتها المالية والاقتصادية، في ظل تَرقُّب مزدوج لِما إذا كانت هذه الحركة ستتسع هذه المرة أو ستتكرّر فيها عمليات الشغب التي رافقتْ احتجاجات الأحد الماضي وإطلاق هتافات مسيئة لرئيس الجمهورية، كما لخفايا الدعوة «اللقيطة» التي جرى التداول بها للتظاهر في «ساحة الشهداء» اليوم أيضاً تحت عنوان دعم العهد أي الرئيس عون والتي تبرأ منها «التيار الحر».