يدعونا المجلس الوطني للإعلام (المرئي والمسموع بحسب القانون)، نحن كمواقع وصحافة إلكترونية إلى اجتماع ظهر الاثنين لـ”الحوار حول الأداء الإعلامي الالكتروني على قاعدة الحرية الإعلامية وضرورة مراعاته للقواعد المهنية الأخلاقية والابتعاد عن الإثارة وبث الشائعات والإساءة إلى الآخر والقدح والذم”!
سنلبّي الدعوة لأسباب مبدئية وأخلاقية واجتماعية ليس أكثر. نذهب إلى الاجتماع لا لأسباب مهنية لأن المجلس الوطني للإعلام، بمن فيه من رئيس وأعضاء نكنّ لهم كل الاحترام، لا يستطيع أن يعطينا دروساً في المهنية وهو بات أشبه بمجلس محنّط بعد انقضاء أعوام طويلة على انتهاء ولايته، ويستفيق من غيبوبته كلما احتاجته السلطة السياسية لممارسة دور تهويلي ما. ولا نذهب أيضاً لأسباب قانونية لأن لا سلطة لهذا المجلس المنتهية صلاحيته على المواقع الالكترونية ولا على الصحافة الالكترونية، وصلاحياته التي لا يجرؤ على استعمالها محصورة بوسائل الإعلام المرئية والمسموعة.
سنلبي الدعوة لأننا نأبى إلا أن نخوض كل معارك الحريات، ونذهب لنقول كلمتنا عالياً كما دائماً بأننا لم ولن نقبل يوماً بأن نرضخ لأي محاولة ترهيب أو ترغيب، وبأننا سنبقى في مواجهة كل مشاريع “التدجين”.
أنا تلميذ الشهيد جبران تويني في مدرسة “نهار الشباب” ومن ثمّ “النهار”، جبران الذي بقي منه فتات جسد بعد اغتياله بمتفجرة الحقد وفي مواجهة أخطر أنواع الإرهاب، الإرهاب لقمع الفكر والكلمة، لكن بقي منه كل العنفوان والفكر والإرث الذي حمّلنا إياه، فبربّكم هل يظنّ أحد أنني مستعد لأي مساومة في موضوع الحرية؟
أنا زميل الشهيد سمير قصير الذي اغتالوه لأنه كان رأس حربة في معركة الحريات وفي “انتفاضة الاستقلال”، وهو من واجه النظام الأمني بأروع المقالات يوم سألهم “عسكر على مين؟” فهل نهاب أحداً أو تهديداً أو تهويلاً أو تلميحاً بعد ذلك؟!
أنا رفيق وزميل مي شدياق التي ضحّت بنصف جسدها كي لا تساوم على حريتها وإيمانها، فهل أقبل بتضحية أقل؟
أنا ابن مدرسة علّمتني أن أقول الحقيقة مهما كانت صعبة، وسأبقى أقولها من دون مجاملة أو محاباة لأحد مهما علا شأنه. سأقف في وجه السلطان، كل سلطان، لأقول له إننا في لبنان دفعنا ثمن حريتنا دماً غالياً ولن نقبل بأن نفرّط بها مهما كان الثمن اليوم وغداً.
صحيح أن بعض الإعلام الالكتروني، أو بعض منتحلي صفة الإعلام من خلال مواقع الكترونية يسيئون إلى مهنة الصحافة بفعل أنهم ينشرون أي شيء سواء مقابل حفنة من الدولارات أو لهثاً خلف “نقرات” إضافية، لكن لا يمكن إصلاح الوضع في جوّ من التهويل على الحريات، ومحاكمة جريدة “نداء الوطن” تشكل نموذجاً فاقعاً عن محاولات التهويل القائمة لـ”ضبط” الإعلام تحت سقف مصالح السلطة والترويج لها على حساب الحرية والحقيقة!
أياً يكن، فإن ما يجري لا يشكل أكثر من جولة جديدة من معركة الحريات التي سنخوضها برأس مرفوع. لم ولن نخاف أي تهويل أو استدعاء أو محاكمة أو حتى أكثر من ذلك. سقفنا هو: إيماننا بلبنان السيد والحر والمستقل، إصرارنا على دولة تحتكر السلاح وتخلو من الفساد وتؤمّن العيش الكريم لمواطنيها، وتقديسنا للحرية التي من دونها لن يبقى لبنان!