كتب غاصب المختار في صحيفة “اللواء”:
فاجأ نائب رئيس المجلس النيابي ايلي الفرزلي الوسط السياسي بالتمني على رئيس الجمهورية ميشال عون في برنامج تلفزيوني، «طلب تأجيل النقاش في المجلس النيابي بالمادة الدستورية 95 المقرر في جلسة 17 تشرين الأول، لأنّ مسألة التفسير تعني التعديل، وستشهد وجهات نظر متضاربة تنعكس بصورة سلبية على الوضع العام».
وقد تبنى عضو كتلة التنمية والتحرير النائب ياسين جابر في حديث اذاعي وجهة نظر الرئيس الفرزلي، متمنياً ايضا على رئيس الجمهورية طلب تأجيل او الغاء بحث رسالته، بسبب ظروف الوضع الراهن، ويبدو ان ثمة قوى سياسية اخرى تفضّل تلبية رئيس الجمهورية تمنيات النواب بتاجيل او الغاء البحث في مادة دستورية قد تفتح الابواب امام طلب قوى اخرى البحث في مواد دستورية اخرى، ما قد يؤدي الى انقسام سياسي حاد لا يحتمله البلد، فيما الدعوات من القوى السياسية ومن الدول الصديقة تركز على حفظ الاستقرار الداخلي.
ولم يُعرف ما اذا كان نائب الرئيس الفرزلي قد طرح تمنيه هذا بمبادرة ذاتية منه، او انه سبق ووضع رئيس الجمهورية في صورة هذا الاقتراح ولفت نظره الى ان الوضع الداخلي لا يسمح الان بمثل هذا الموضوع نظراً لحساسيته السياسية الكبيرة.
وكان رئيس الجمهورية العماد ميشال عون قد دعا في رسالة وجهها في 31 تموز الماضي، الى رئيس مجلس النواب نبيه بري الى «مناقشة مجلس النواب وفقا للاصول، المادة 95 من الدستور، ولاسيما منها الفقرة «ب» الواردة تحت عنوان «وفي المرحلة الانتقالية»، حيث «تُلغى قاعدة التمثيل الطائفي ويعتمد الاختصاص والكفاءة في الوظائف العامة والقضاء والمؤسسات العسكريّة والأمنيّة والمؤسسات العامة والمختلطة وفقاً لمقتضيات الوفاق الوطني…»، معطوفةً على الفقرة «ي» من مقدّمة الدستور التي تنصّ على أن «لا شرعيّة لأيّ سلطة تناقض ميثاق العيش المشترك»، «وفقا لقواعد التفسير الدستوري. وذلك حفاظا على ميثاقنا ووفاقنا الوطني وعيشنا المشترك».
واعرب الرئيس عون «عن امله في ان يساهم تفسير مجلس النواب في الاضاءة الوافية له ولأي سلطة دستورية معنية بالمسائل التي وردت في الرسالة».
وأتت رسالة الرئيس عون – حسب النص فيها – «في ضوء اللغط الذي رافق اقرار المادة 80 من موازنة العام 2019، لاسيما الفقرة الاخيرة منها، ما يتطلب جلاءه، خصوصا ان نقاشا مستفيضا حصل بين المكونات السياسية حول الخلل الميثاقي في اعتماد نتائج المباريات (لمجلس الخدمة المدنية) التي تضمنتها المادة 80 المذكورة في قانون الموازنة للعام 2019، وابتكرت حلولا- او كانت في طور الابتكار – لتفادي هذا الخلل قبل تدخل المشترع، فضلا عن ان مشاريع المراسيم المعنية لم تصدر بسبب الخلل المذكور الذي شابها بشكل فاضح».
وقالت مصادر رسمية مطلعة إنه من المبكر ان يبت رئيس الجمهورية في طلب النواب هذا، لأن الجلسة بعد عشرة ايام، وهوكان في خضمّ انشغالات وأولويات كثيرة مؤخراً، من زيارته الى نيويورك للمشاركة في اعمال الجمعية العامة للامم المتحدة، وانشغل بعد عودته في متابعة ومعالجة تداعيات ازمة النقد بالليرة والدولار، التي انعكست بلبلة كبيرة وخطيرة في الاسواق على كل المستويات وادت الى تحركات نقابية وشعبية. كما انه انشغل في متابعة مواضيع مشروع الموازنة والاصلاحات وإجراءات مكافحة الفساد وسواها من مواضيع ملحة.
وذكرت مصادر نيابية ان مبرر تمني النواب هو ان وضع البلد السياسي والاقتصادي والمالي والنقدي والمعيشي له الاولوية الان، خاصة ان الحكومة لا زالت منهمكة في مناقشة مشروع موازنة 2020 ومقترحات الاصلاحات، كما ان رئيسها سعد الحريري منهمك هذا الشهر والشهر المقبل، في زيارات للخارج بحثا عن تنفيذ مقررات مؤتمر «سيدر» وعن مشاريع اسثتمارية عربية واجنبية تساعد في معالجة الوضع الاقتصادي الصعب. وانه من الاولى ايلاء هذه المواضيع الاهتمام اللازم سواء من مجلس النواب او مجلس الوزراء، عدا عن اهتمام الرئيس عون شخصيا بمعالجتها. مشيرة الى «ان طلب الرئيس مستند على خلاف سياسي ونيابي حول موضوع إجرائي وظيفي يتعلق بحفظ حق الناجحين في امتحانات مجلس الخدمة المدنية بالتوظيف بعد مرور سنتين على إجراء المباريات، وهناك اعتراض على عدم تكافؤ التوزيع الطائفي في نتائج المباريات، ولا يوجد سبب قاهر ميثاقي يخل باستقرار البلد ونظامه السياسي».
ولكن المصادر الرسمية تشير الى انه ليس بإمكان المجلس النيابي تجاوزطلب رئيس الجمهورية وهو حق دستوري له، ولا مخرج لهذه المسألة سوى بثلاثة خيارات: الاول ان يبادر الرئيس عون الى الاستجابة لتمنيات النواب بالطلب من رئيس المجلس النيابي تأجيل او الغاء درس الرسالة وتحديد الموقف مما طلبه فيها.
الثاني: ان يطلب النواب سحب هذه الرسالة مع شرح الأسباب الموجبة، ولرئيس الجمهورية ان يستجيب او لا مع هذا الطلب.
الثالث: ان تتم تلاوة الرسالة في جلسة 17 تشرين اول، لكن من دون ان تتم مناقشتها واتخاذ الموقف منها، ويتم بالتالي تاجيل البت به الى اشعار آخر، الارجح ان يطول كثيراً.