في وقت تغرق البلاد في ازمة اقتصادية ونقدية تُهدد بسقوط الهيكل فوق رؤوس الجميع اذا لم يتم تداركها بإجراءات سريعة، فتح رئيس مجلس النواب نبيه بري نقاشا واسعا حول قانون الانتخاب، مقترحا من خلال كتلة “التنمية والتحرير” صيغة انتخابية جديدة تتركز على النظام النسبي في دائرة واحدة، من دون الصوت التفضيلي، مع اعطاء النساء 20 مقعدا إلزاميا، موزّعة مناصفة بين المسلمين والمسيحيين.
ويأتي اقتراحه، كما يعلن في مناسبات عدة، انطلاقا من أن القانون الانتخابي الحالي القائم على النسبية مع الصوت التفضيلي أنتج مجموعات نيابية طائفية ومذهبية أثّرت كثيرا على الحياة السياسية. لذلك يصرّ على المضي في مناقشته في اللجان النيابية المشتركة التي تستكمل البحث فيه الأربعاء برئاسة نائب رئيس المجلس ايلي الفرزلي، متجاوزا دراسته على حدة داخل كل لجنة مختّصة.
غير ان اصرار بري على تمرير القانون الانتخابي في لحظة حرجة اقتصاديا وماليا ومتفجّرة اقليميا ودوليا تتطلّب تجميع القوى السياسية لا تشتيتها، يصطدم بجدار “مسيحي” صلب في رفض النسبية مع الدائرة الواحدة من الصعب تجاوزه، وهو الذي يُعد “أب الميثاقية” ويرفض اقرار قانون لا يحظى بالميثاقية. وقد تكتلت القوى المسيحية (“التيار الوطني الحر” و”القوات اللبنانية” و”الكتائب” وتيار “المردة”) تحت قبّة البرلمان رفضا للقانون قافزةً بذلك فوق خلافاتها السياسية حول ملفات وقضايا اخرى.
فكيف تتوزّع خريطة مواقف الكتل المسيحية من القانون وقراءتها للاصرار على مناقشته عشية استكمال بحثه في اللجان النيابية المشتركة؟
“التيار” وتطوير شوائب القانون الحالي: وفي ما يُشبه رفض البحث في اقتراح بري من اساسه، أكد عضو تكتل “لبنان القوي” النائب آلان عون، لـ”المركزية”، أن “حدود النقاش بالنسبة لنا تطوير القانون الحالي وسدّ الثغرات التي ظهرت خلال الممارسة وليس اعادة النظر بالقانون ككل”، وشدد على أن “أي نقاش بتطوير القانون الحالي يجب ألّا يمسّ صحّة التمثيل التي حققناها في الانتخابات الأخيرة”.
وقال: “منفتحون على تطوير القانون الحالي وتحسينه وليس إعادة النظر في مبدأ القانون ككل”. وأعلن “أننا على تنسيق وتواصل مع الاحزاب المسيحية الاخرى من اجل توحيد الموقف في هذا الشأن”.
ورفض عون الحكم على النيّات، في معرض ردّه على سؤال، عن خلفيات طرح الاقتراح في هذا التوقيت، ولو أنه اعتبر أن سؤالا كهذا مشروع، وسأل: “هل من المُفيد البحث مجددا في قانون الانتخاب في وقت نعيش نوعا من الاستقرار الانتخابي بعد اقرار القانون الحالي؟”، إلا أنه شدد في الوقت نفسه على “حق كل كتلة نيابية طرح ما تريده وفي التوقيت الذي يُناسبها”.
وختم: “المهم ان تتوضّح الصورة وان تكون حدود النقاش بالشكل الذي اشرنا اليه”.
“القوات”… والتوقيت المشبوه! بدوره، أوضح عضو تكتل “الجمهورية القوية” النائب وهبي قاطيشا، لـ”المركزية”، “أننا سنكون صوتا واحدا غدا في رفض القانون”. وقال: “انتظرنا عقودا من اجل تحسين التمثيل المسيحي في الدولة، فنجحنا في اقرار قانون انتخابي قائم على النسبية مع الصوت التفضيلي. فهل نأتي اليوم لنسف كل ذلك من خلال البحث في قانون انتخابي جديد لا نعرف متى ننتهي من مناقشته”؟
وفي حين تساءل عن “توقيت” طرح القانون في وقت نحن نتخبّط في ازمة معيشية، قال: “المريض يُصارع الموت ونحن نناقش في لون ونوعية ربطة العنق التي سيرتديها بدل البحث في معالجته”.
وأكد قاطيشا “أننا على تواصل مع الكتل النيابية المسيحية من أجل توحيد الموقف داخل اللجان المشتركة وإسقاط صفة الميثاقية عنه”، موضحا، ردا على سؤال ، أن “معارضة اقتراح القانون لا تقف عند المسيحيين فقط، حتى ان ممثلي تيار “المستقبل” والحزب “التقدمي الاشتراكي” داخل اللجان أبدوا اعتراضهم عليه”.
وختم بالجزم بأن “لا عودة الى الوراء في مسألة تصحيح التمثيل المسيحي”.
“الكتائب”… واستحالة التنفيذ: من جهته، أوضح عضو كتلة “الكتائب” النائب الياس حنكش، لـ”المركزية”، أن “الصيفي تعتبر ان تطبيق اقتراح قانون الرئيس بري يواجه استحالة تقنية لجهة تركيب لوائح من 128 مرشّحا، مع احترام التسلسل الطائفي، علما انه لا يُحسّن التمثيل المسيحي كما كنا نطالب به”.