Site icon IMLebanon

لقمة العيش تقود العسكريين المتقاعدين إلى الشارع بلا قطع طرق

تماما كما أرادت الحكومة التي لا تنفك ترفع شعار الاصلاح لتوجيه الرسائل إلى المجتمع الدولي، مرت موازنة 2019 بسلاسة خرقها مشهد العسكريين المتقاعدين يقطعون الطرق ويعتصمون في الشارع للمطالبة بعدم المسّ بحقوقهم التي ناضلوا في سبيلها لسنين طويلة، في موازاة تفانيهم في خدمة الوطن بشرف وتضحية ووفاء. وإذا كانت القوى السياسية الحاضرة في مجلس النواب قد قفزت فوق مطالب “أولاد الدولة” وبينهم النواب المتقاعدون، فإن العسكريين يعودون إلى الشارع غدا، لا لشيء إلا لأنهم يشعرون فعلا بأن لقمة عيشهم مهددة، بفعل امتناع وزير المال علي حسن خليل عن توقيع صرف اعتمادات معاشاتهم التقاعدية، بذريعة أن خزينة الدولة تفتقر إلى الأموال اللازمة لهذه النفقة. وهم اليوم يضعون اللمسات الأخيرة على اعتصامهم المقرر اعتبارا من فجر الغد أمام مبنى الضريبة على القيمة المضافة في بيروت.

وعلى مسافة 24 ساعة من الاعتصام الميداني، أوضح العميد المتقاعد جورج نادر لـ “المركزية” أن “تحرك الغد يعد وقفة تحذيرية لن تكون لها امتدادات، في انتظار ردة فعل وزارة المال التي لا تزال تتمنع عن توقيع صرف حوالات العسكريين المتقاعدين الذين لم يقبضوا بعد تعويضاتهم، علما أن بعض العسكريين لم يقبضوا رواتبهم منذ 4 شهور”، مشيرا إلى أن “القانون يلحظ  أيضا مساعدات مرضية ومدرسية للعسكريين لا يزال وزير المال يتمنع عن توقيع الحوالات الخاصة بها، بذريعة أن الدولة لا تملك المال الكافي،  لكننا لسنا مجبرين على تصديق هذا النوع من الحجج”.

وشدد على أن “تحرك الغد احتجاجي، لكن الخطوات المقبلة قد تكون أصعب وموجعة أكثر، مطمئنا إلى أن “لا قطع طرق غدا. وهذا النوع من الخطوات ليس من شيمنا ولا من ثقافتنا، استخدمناها مرة واحدة مكرهين.

وكما في كل مرة يعلو فيها صوت”رفاق السلاح” احتجاجا على المس بالحقوق والمكتسبات، يسارع عضو تكتل لبنان القوي النائب العميد شامل روكز إلى ملاقاتهم عند منتصف طريق مطالبهم، بدليل أنه ذهب إلى حد التوقيع على الطعن الذي أعده العسكريون المتقاعدون بموازنة العام 2019. وهذه المرة أيضا، من المفترض أن يكون روكز حاضرا إلى جانب زملائه السابقين الذين خاضوا كثيرا من المعارك الوطنية معه.

وفي السياق، أكد نادر أن “العميد شامل روكز لم يقصّر يوما في تضامنه معنا، شأنه في ذلك شأن سائر النواب من العسكريين والعمداء المتقاعدين”.

لكن لمشاركة روكز تحديدا هذه المرة نكهة مختلفة، لأنها تبدو مطعّمة بالمواقف “المعارضة” للنهج السياسي السائد في البلد، التي أطلقها أخيرا، خصوصا في ما يتعلق بالأزمة الاجتماعية التي انفجرت أخيرا وقادت الناس إلى ساحات التظاهر. وفي قراءة لهذه الصورة، أشار نادر إلى أن “روكز ينسجم مع نفسه أكثر، فهذا هو العميد شامل روكز الذي نعرفه ويعرفنا وقد خدمنا في الجيش معه طويلا في الأيام السود”.

وإلى جانب تحرك الغد، يستعد العسكريون المتقاعدون للقداس الذي يقام السادسة عصر السبت المقبل في كنيسة الصعود في الضبيه لإحياء ذكرى معركة 13 تشرين 1990، بمشاركة روكز وعدد من أعضاء ما اصطلح على تسميتها “المعارضة العونية” التي يجتمع تحت رايتها المناوئون لخيارات رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل، ما دفع بعض المراقبين إلى اعتبار القداس رسالة سياسية قاسية إلى القيادة البرتقالية. غير أن نادر أوضح أن “هذا العام، أراد الضباط المتقاعدون ممن شاركوا في القتال في 13 تشرين إقامة قداس لتكريم شهدائنا، بعيدا من الاستغلال الذي تنبري إليه الأحزاب السياسية”، داعيا هؤلاء إلى أن “يطالبوا بمعرفة مصير رفاق السلاح المخطوفين والمخفيين قسرا”، ومشددا على “أننا أمّ 13 تشرين ونحن من صنعناه”.