من على منبر الأمم المتحدة الذي اعتلاه في 26 ايلول المنصرم، رفع رئيس الجمهورية ميشال عون الصوت الى الحد الاقصى ازاء ازمة النازحين السوريين، ملوّحا للمرة الاولى بالتفاوض المباشر مع الدولة السورية لحل المعضلة التي ترهق لبنان وتزيد الى عجز خزينته عجزا لم يعد بمقدور الدولة تحمله. آنذاك، قال رئيس الجمهورية إن “علامات استفهام عديدة ترتسم حول موقف بعض الدول الفاعلة والمنظمات الدولية المعنية، الساعي إلى عرقلة هذه العودة والادعاءات بخطورة الحالة الامنية في سوريا، وإثارة المخاوف لدى النازحين”، مشيرا الى أن “هذا ما قد يدفع لبنان حكما إلى تشجيع عملية العودة التي يجريها، بالاتفاق مع الدولة السورية لحل هذه المعضلة التي تهدد الكيان والوجود”.
وبحسب تقرير للبنك الدولي، فإن نصف اللاجئين في العالم، وعددهم 26 مليونا، موجودون فقط في ست دول هي تركيا: 14%، الاردن 11%، الضفة الغربية وغزة 9%، لبنان 6%، باكستان 5%، وأوغندا 5%. مقارنةً مع مساحات الدول الست، يُعد لبنان اكثر هذه الدول ضغطا لجهة عدد اللاجئين فيه، من هنا ارتفاع وتيرة المطالبة على اعلى المستويات بتخفيف هذا العبء.
هذا الملف الضاغط سيحضر مرة جديدة على المنبر الاممي في خلال الدورة السبعين للجنة التنفيذية لمفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين المنعقدة في مقر الامم المتحدة في جنيف والتي تستمر حتى الجمعة اذ تتركز على مناقشة المسائل المتعلقة بأزمة اللجوء في العالم، وفي مقدمها القضايا المالية لتقاسم اعباء ايواء اللاجئين في المجتمعات ومن قبل الدول المضيفة، ومسائل اخرى تختص بالحماية الدولية وانعدام الجنسية .
ومن المتوقع ان يلقي مندوب لبنان في جنيف السفير سليم بدورة كلمة لبنان الأربعاء في الاجتماع. وتتركز الورقة اللبنانية الى المجتمعين، بحسب معلومات “المركزية” على مسألة النزوح السوري الى لبنان لجهة ايجاد حل نهائي وسريع له وعدم انتظار الحل السياسي للأزمة السورية كون العديد من اللاجئين السوريين الذين نزحوا الى لبنان باتت مناطقهم مستقرة تتيح لهم عودة آمنة. وفيما يؤكد لبنان حرصه على تأمين الحماية للنازحين، يرى ان عددا كبيرا منهم وبعد التحقق من اوضاعهم نزحوا لأسباب اقتصادية وهم بالمنظور اللبناني نازحون اقتصاديون، وبالتالي فإن عودتهم الكريمة الى المناطق الآمنة في بلادهم يجب ان تترافق مع تأمين المساعدة لهم من المجتمع الدولي لتمكينهم من توفير الحياة الكريمة لهم ولأسرهم، خاصةً أن 74% منهم كان وجودهم في لبنان غير قانوني.
وفي موضوع انعدام الجنسية الذي أُطلق منذ 5 سنوات بهدف حله عام 2024، سيجدد لبنان، وفق المعلومات، مطالبته بتسجيل ولادات النازحين التي تشكل معضلة تضاف الى الازمة الاقتصادية الناتجة عن استضافتهم في لبنان، كما سيدعو المجتمع الدولي الى الايفاء بوعوده بتقديم المساعدة بحسب ما وعدت دول وجهات مانحة للاجئين السوريين، وعدم تحويل هباتهم الى لاجئين من جنسيات اخرى.
ويحث لبنان الدول المعنية بحل الازمة على تشجيع هذه العودة وعدم ربطها بالحلّ السياسي، مع الحرص على سلامة النازحين الذي اضطروا الى النزوح لأسباب سياسية، وذلك انسجاما مع المواقف التي اطلقها عون في خطابه الاممي حيث أكد أن “شروط العودة أصبحت متوافرة، فالوضع الأمني في معظم أراضي سوريا، ووفقا للتقارير الدولية، أضحى مستقرا والمواجهات العسكرية انحصرت في منطقة إدلب، وقد أعلنت الدولة السورية ترحيبها بعودة أبنائها النازحين”. وحذر من تحويل النازحين الى “رهائن في لعبة دولية للمقايضة بهم عند فرض التسويات والحلول”.