Site icon IMLebanon

جديتا بين الحساسيات الطائفية وكسر الأعراف! (تحقيق ميليسا ج. افرام)

تقف بلدية جديتا للمرة الثانية أمام الاستحقاق البلدي بعد 3 أعوام من تأجيل الانتخابات، بعدما فشلت بتشكيل لوائحها في الانتخابات البلدية الماضية اثر اصطدام الاعراف بالعامل الطائفي السكاني.

طبعاً ليست جديتا البلدة الوحيدة التي ستُجرى فيها الانتخابات البلدية في 27 تشرين الأول الحالي، لكن لجديتا خصوصية بالغة الدقة تسببت بالإطاحة بالانتخابات البلدية فيها في العام 2016. وهذه الخصوصية مرتبطة بالتنوع الطائفي داخل البلدة التي تعكس إشكاليات لبنان بطوائفه ومشاكله المعقدة. ففي جديتا في قضاء زحلة يتوزع السكان بين الموارنة والكاثوليك والروم الأرثوذكس والسُنة، والذين يتوزعون في المجلس البلدي على الشكل التالي: 4 للموارنة (رئيس بلدية و3 أعضاء) و4 أعضاء للكاثوليك و3 أعضاء للروم الأرثوذكس و4 أعضاء للسنة (نائب رئيس و3 أعضاء).

الا ان هذا التوزيع الطائفي لمقاعد البلدية، والذي بات عرفاً متوارثاً في جديتا، يصطدم مؤخراً بارتفاع أعداد أبناء جديتا من الطائفة السنية بشكل كبير وذلك اثر تجنيس عدد من العرب السنة وارتفاع عددهم سريعا، ما دفع هؤلاء إلى إعلاء الصوت مطالبين بكسر العرف لتحصيل 5 مقاعد للسنة بدلا من 4 في المجلس البلدي.

حاول المرشحون في الانتخابات البلدية الماضية حل المشكلة الا ان كل الاطراف رفضت التخلي عن مقعد من حصتها لصالح السنة، ليتم الاتفاق على البقاء على العرف قبل أن يسقط الاتفاق وتطير الانتخابات في البلدة. فهل يتكرر السيناريو نفسه اليوم؟

لائحتان غير مكتملتين تتنافسان في الانتخابات البلدية المقبلة في جديتا، الاولى برئاسة توفيق سعادة والثانية برئاسة العميد ميشال خاطر والذي كان قد أعلن سابقا موافقته وتأييده لتخطي العرف واعطاء 5 مقاعد للسنة، ما خلق بلبلة في صفوف مؤيديه.

وينقل عدد من أبناء جديتا عن زيارة قام بها سيادة المطران جوزف معوض إلى البلدة أنه جمع المسيحيين مشدداً على اهمية الوحدة، وعلى ضرورة الحفاظ على الأعراف في المرحلة الحالية منعاً لتكرار تجربة الـ2016 وإبقاء البلدة من دون بلدية!

هكذا باتت مشكلة جديتا تمثل وجها من وجوه الأزمات اللبنانية المتعلقة بالواقع الديمغرافي والتجنيس وغيرها ما يؤدي إلى سعي البعض إلى كسر الأعراف لتكريس وقائع جديدة على الأرض، علماً أن التنافس بين اللائحتين في جديتا مرتبط بالأرقام بمعطيين لا يمكن لأي من المتنافسين على اللائحتين تجاوزها: الأولى ضمنية وتتعلق بسعي كل من اللائحتين إلى استقطاب أصوات المسلمين لتأمين أرجحية في ظل توحّد المسلمين على المطالبة بـ5 مقاعد، وما بين الحذر من استفزاز القاعدة المسيحية بالقبول بكسر العرف ما قد يعني اصطفاف الأكثرية المسيحية في جانب واحد ما يؤدي إلى حسم المعركة بالأرقام ولكن الأمر يهدد بتكرار تأجيل الانتخابات في حال كانت ستؤدي إلى توترات على خلفية طائفية في البلدة!

وعلم موقع IMLebanon ان المشاورات ما زالت مستمرة للوصول الى حل يرضي كل الاطراف، رغم صعوبة التوفيق بين مطالبة الطائفة السنية بمقعد اضافي وبين رفض المسيحيين لكسر الأعراف من دون وقوع مشاكل.

في ظل هذه المعادلات الدقيقة تبقى الاحزاب السياسية خارج اللعبة الانتخابية في جديتا حتى الساعة تجنّباً للغوص في حساسيات طائفية، تاركة للعائلات حل مشاكل البلدة.