كتب خليل فليحان في صحيفة الشرق الأوسط:
لم يكن بإمكان الحكومة اللبنانية أن تبقى صامتة إزاء الهجوم التركي على شمال سوريا؛ لأن ذلك يعتبر خرقاً لسيادة الدولة السورية. وعلمت «الشرق الأوسط» أن التعليق على ذلك الهجوم أتى بعد تشاور بين الرؤساء الثلاثة. ففي حين أتى تعليق رئيس الجمهورية ميشال عون هادئاً وخلا من أي إدانة للخرق التركي، وقال فيه: «إن التطورات العسكرية على الحدود السورية – التركية تشكّل تطوراً خطيراً، ولبنان يأمل ألا تكون لها تداعيات على وحدة سوريا وواقع النازحين فيه»، جاء بيان وزارة الخارجية عنيفاً وشديد اللهجة عندما أدانت فيه الهجوم العسكري التركي واعتبرته عدواناً، ودعت أنقرة إلى سحب قواتها من الأراضي السورية.
وقال البيان: «تدين وزارة الخارجية والمغتربين العملية العسكرية التي تقوم بها القوات المسلحة التركية شمالي سوريا الذي تعتبره عدواناً على دولة عربية شقيقة واحتلالاً لأرض سوريا، وتعريض أهلها للقتل والتهجير والنزوح». وجاء في البيان: «تدعو وزارة الخارجية والمغتربين القيادة التركية إلى إعادة النظر وتحثها على العمل مع الدول المعنية لإعادة الاستقرار في سوريا وتطبيق القرارات الدولية مع التشديد على وحدة الشعب السوري».
ولم تشأ مصادر دبلوماسية لبنانية أن تتكهن ما سيكون عليه ردة فعل الموقف التركي على بيان وزارة الخارجية، وذكرت أن لبنان لا يمكن أن يسلّم بشن أي اعتداء عسكري على أراضي دولة أخرى وهو عضو في منظمة الأمم المتحدة، كما أنه في الوقت نفسه عضو مؤسس في جامعة الدول العربية.
وأضافت المصادر: «صحيح أن موقف رئيس الحكومة سعد الحريري يهاجم الرئيس السوري بشار الأسد لبقائه في سدة الرئاسة وارتكابه أفظع المجازر في حق شعبه منذ اندلاع الحرب في سوريا، إضافة إلى ما ارتكبه في لبنان وإدراج سعد الحريري على لائحة المطلوبين، إلا أنه لم يمانع في إصدار بيان رسمي ضد الاعتداء التركي على الأراضي السورية».
وأوضحت المصادر، أن العلاقات مع تركيا من جراء إدانة العدوان على شمالي الأراضي السورية هي حالياً في درجة حساسة.
ويذكر أن وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو زار لبنان في 25 أغسطس (آب) الماضي، ووصفت المحادثات بأنها كانت واعدة وتؤسس إلى مزيد من التعاون في مجالات الاستثمارات والسياحة والتبادل التجاري بين البلدين، علماً بأن الميزان التجاري مع لبنان هو لصالح أنقرة، كما أن آلاف اللبنانيين يختارون المجمعات السياحية التركية لتمضية عطلتهم.
ولم يمض على هذه الزيارة إلا أسابيع قليلة حتى اهتزت العلاقات مع أنقرة عندما تعرض الرئيس عون في الأول من سبتمبر (أيلول) الماضي إلى هجوم تركي عنيف رداً على ما ورد في خطابه عن الذكرى المئوية لتأسيس لبنان عندما اتهم الإمبراطورية العثمانية بأنها مارست «إرهاب الدولة في لبنان» أثناء الحقبة العثمانية.
وأدانت الخارجية التركية موقف الرئيس عون ورفضته، وزعمت أنه لا يتماشى مع نتائج زيارة أوغلو إلى بيروت ولا مع العلاقات الودية الثنائية، كما ورد في البيان.
ورداً على ذلك، قصد عدد من الشبان مقر السفارة التركية في بيروت في 6 سبتمبر الماضي ووضعوا لائحة على باب السفارة كتب عليها «كمان انتو انضبوا» مع رسم جمجمة؛ مما أدى إلى احتجاج تركي رسمي وقلق على سلامة الدبلوماسيين. وأبلغت الخارجية في أنقرة السفير اللبناني لدى تركيا غسان المعلم ذلك بعد استدعائه إلى مقر الخارجية.
وختمت المصادر، بأن التوقعات برد الفعل التركي على الموقف اللبناني الأخير حول العملية العسكرية في سوريا، سيتراوح بين استدعاء السفير المعلم وإبلاغه ردة الفعل وشرح الهدف من الهجوم العسكري، أو أن أنقرة ستتخذ موقفاً متشدداً من الموقف الرسمي اللبناني.