كتب عمر البردان في صحيفة اللواء:
لا تترك دول مجلس التعاون الخليجي مناسبة، إلا وتظهر من خلالها أنها شديدة التعلق بلبنان، وأنها لا يمكن أن تتخلى عنه، كما ظهر من خلال الاهتمام الذي أولاه المسؤولون الإماراتيون لزيارة رئيس الحكومة سعد الحريري إلى أبو ظبي، وما أفرزته من نتائج صبت جميعها في مصلحة لبنان، بانتظار طبيعة القرار الإماراتي بشأن المساعدة التي تحدث عنها الرئيس الحريري الذي يدرك أن للبنان مكانته لدى الأشقاء الخليجيين الذين يحاولون أن يقدموا له يد العون، على غرار ما فعلته الإمارات، وقبلها المملكة العربية السعودية والكويت وبقية دول المجلس. وهو الأمر نفسه الذي ينتظره رئيس الحكومة في زيارته المقبلة للرياض، حيث سيصار إلى توقيع مجموعة من الاتفاقيات اللبنانية السعودية، في إطار عمل اللجنة المشتركة للبلدين، وسعياً لتعزيز أواصر الروابط التي تجمع بين الشعبين الشقيقين.
وتأتي زيارة الحريري المملكة، في سياق الحرص على تفعيل أطر التعاون بين الدولتين، انسجاماً مع سياسة الانفتاح المتبادلة، وما شهدته العلاقات من تطور على مختلف الأصعدة، بعدما شهد الصيف الفائت حضوراً سعودياً بارزاً في لبنان، بعد قرار الرياض رفع حظر سفر السعوديين إلى لبنان، إيماناً من القيادة السعودية بأهمية ما حققته حكومة الرئيس الحريري، بالرغم من الظروف الصعبة التي يمر بها البلد. والأمر نفسه ينطبق على ما اتخذته أبو ظبي من قرار مماثل، بعدما لمست مدى التقدم الذي حققه لبنان، على المستوى الأمني تحديداً. ولهذا فإن المساعي الخليجية تهدف إلى مؤازرة لبنان ودعم حكومته، سياسياً واقتصادياً، لأنه ووفقاً للمعلومات المتوافرة لـ«اللواء» من مصادر خليجية رفيعة، فإن الوفد اللبناني الذي زار الإمارات أخيراً، سمع كلاماً مطمئناً بأن لبنان سيبقى قوياً، لأن أشقاءه إلى جانبه، لكن هذا لا يعفي اللبنانيين من مسؤولياتهم، في ظل الاحتضان العربي الذي يلاقيه.
وتشير المصادر إلى أن حجم التحديات التي يواجهها لبنان كبير، وهذا ما تأخذه دول مجلس التعاون بعين الاعتبار، انطلاقاً من سعيها الدائم لعدم سقوط البلد في المحظور. ولذلك جاءت الخطوة الإماراتية بدعم لبنان مالياً، بانتظار تحديد طبيعة هذا الدعم في المرحلة المقبلة، على غرار ما سبق وقامت به أبوظبي في الماضي، في حين يتوقع أن تبادر المملكة العربية السعودية إلى القيام بخطوة مماثلة، أشار إليها منذ أكثر من شهر وزير ماليتها محمد الجدعان، على أن يتم البحث في التفاصيل خلال زيارة الرئيس الحريري ووفد وزاري واقتصادي رفيع إلى المملكة في خلال الأيام المقبلة، على أن يزور بعدها برلين وباريس، لحشد أكبر دعم أوروبي للاستثمار في لبنان.
وشددت المصادر على أن هذا الاحتضان الخليجي للبنان، يمثل خير دليل على عمق الروابط التاريخية، ويعكس بالدليل مدى مكانة الرئيس الحريري خليجياً وعربياً، تماماً كما كانت عليه مكانة والده الرئيس الشهيد رفيق الحريري الذي أعاد وضع لبنان على الخارطة العربية والدولية، من خلال توظيف صداقاته الخليجية والعربية والدولية، في خدمة لبنان وقضاياه في المحافل العالمية. وبالتالي فإن لبنان الذي يعاني ظروفاً بالغة الدقة، يمثل أمانة في أعناق أشقائه العرب، وهم حريصون أكثر من أي وقت مضى على مساندته بكافة الوسائل، حتى يستعيد عافيته بشكل كامل.
وكشفت أن هناك زيارات متوقعة لمسؤولين خليجيين إلى بيروت في الأسابيع والأشهر القليلة المقبلة، من أجل المساهمة في إرساء دعائم العلاقات الأخوية وتطويرها لشمل كل المستويات، في ظل توجه خليجي لتقديم الدعم اللازم للبنان في إطار مؤتمر «سيدر» الذي يتوقع منه أن يشكل رافعة للاقتصاد اللبناني، ويمكن الحكومة من تنفيذ مجموعة كبيرة من المشروعات الاقتصادية التي لم يشهدها البلد من قبل.