IMLebanon

“فوبيا” المشنوق… آخر الدواء الكيّ

كتبت غادة حلاوي في “نداء الوطن”:

 

تقول رواية أولى إن النائب نهاد المشنوق خسر أخيراً نحو 10 ملايين دولار لشرائه ألماساً مغشوشاً، وتتحدّث رواية ثانية عن شرائه مصرفاً لبنانياً بـ 50 مليون دولار، وتكشف ثالثة أنه اشترى قصراً في إسبانيا. هو نفسه الرجل الذي يحرّك إدارة تحرير جريدة “نيويورك تايمز” الأميركية للتشهير بعلاقة رئيس الحكومة سعد الحريري بعارضة جنوب افريقية، وهو الذي سرّب خبر “سقوط سيدر” عن لسان الإدارة الأميركية، وهندس خبر “تسوّل” الحريري في الإمارات. كما أنه متهم بالتنسيق مع المخابرات السورية وإقامته علاقة ممتازة مع “حزب الله”… وهكذا دواليك. فما المقصود من سيل هذه الأخبار والشائعات التي تساق بحق المشنوق؟ من يقف خلفها؟ وهل صحيح أن هناك غرفة عمليات سوداء لا عمل لها سوى تهشيم صورة المشنوق، منذ كان وزيراً للداخلية؟ وكيف ينوي الردّ؟

في أوساط المشنوق من لاحظ أنه كلّما مُني رئيس الحكومة بنكسة ما في المال أو السياسة، يأتي من يطلق حملات على مواقع التواصل وفي وسائل الإعلام، تهاجم المشنوق وتحمّله مسؤولية ما يحصل. وفي هذا الأمر ما يشبه “الاغتيال المعنوي الذي لم يعد السكوت عنه ممكناً”.

على الرغم من هذا الاقتناع، يتلقى المشنوق سيل الشائعات التي تطاوله بهدوء. فأن يكون هناك طرف ما تفرّغ لحياكة الشائعات بحقه، والإضرار بسمعته أمام جمهور السنّة تحديداً، فهذا الطرف يشعر بوجود خطر كبير يمثله المشنوق تجاهه. وإذا كان حالياً يؤثر عدم التسرّع في الرد، معوّلاً على قدرة الناس على التمييز بين الخبر الصحيح وبين الشائعات، إلا أن صمته قد لا يطول. وهو الذي يختزن الكثير لقوله، عن علاقته السياسية بسعد الحريري، ومراحل اختلافهما في حقبة وزارة الداخلية، وصولاً إلى تقديم المشنوق استقالته، ورفض الحريري لها في حينه. كذلك عن مرحلة الانتخابات النيابية وما رافقها، وعن برنامجه للمرحلة المقبلة. والأخير أساسي “إذ يبدو واضحاً أن مطلقي الشائعات متخوّفون من حراك ينوي المشنوق القيام به”، بوصفه نائباً غادر كتلة “المستقبل” أخيراً ليقول إنه لا يلتقي مع سعد الحريري.

ليس خافياً أن المشنوق بات يتحرّك باتجاه تكريس الانفصال السياسي عن “المستقبل”، وبناء حراك سياسي مستقل، له وجوده في الشارع السني، والبيروتي تحديداً، يعبّر عن هواجس هذه البيئة. ووفق ما بات واضحاً، فإن هذا المشروع الذي يفكر المشنوق بتنفيذه قد تكون له امتدادات أبعد من بيروت، مستفيداً من وجود إحباط يصيب الوسط السني بسبب ما يعتبره البعض اعتداءً وتفريطاً بصلاحيات رئيس الحكومة، وتهميشاً لدوره بفعل التسويات، ولربما شكل ما سلف المدخل لإطلالة المشنوق المقبلة ليطلق خطابه “في مواجهة تسوية كان عرابها وتراجع حين شعر بأن خللاً كبيراً اعتراها”.

تحرّك المشنوق سيكون مضادّاً للإحباط وليس مسوّقاً له، “لأنّ الشارع السني متعطّش للسياسة بدل الكلام الاقتصادي”. والمشنوق خبير سياسي عتيق، وكان مقرّباً من الحريري الأب، ومن الابن حتى الانتخابات النيابية، بالإضافة إلى عدائه للنظام السوري وعلاقاته الجيدة سعودياً وامارتياً ومصرياً.

في المقابل، يستند رئيس الحكومة الحالي إلى أمر واقع يقول إن لا بديل عنه في الطائفة السنية، وإنه محبوب من الناس على رغم كل التنازلات والاعتراضات على سلوكه السياسي. فضلاً عن توافر عاملين مريحين له هما “ربط نزاع” مع “حزب الله” وتحالفه مع “التيار الوطني الحرّ”، ما يجعله غير قلق على مستقبل رئاسته للحكومة.

هذه الأمور التي تصبّ في مصلحة الحريري، تقابلها نقطة ضعف أساسية لدى المشنوق وهي أن الحملات عليه تسيء إلى صورته وتحاول إلصاق تهمة به بأنه غير محبوب، وهو الذي نال 6411 صوتاً تفضيلياً، رغم اعتبارها “طعنة مستقبلية” له يوم الانتخاب، والتي ستكشف تفاصيلها لاحقاً.

وبالنظر إلى أن الحريري يعاني الأمرّين في الحكومة وخارجها حالياً، فإن ما لا يستطيع المشنوق تكذيبه، هو أنّ طموحه السياسي لم يتوقف مع خروجه من الحكومة، طالما أنّ العودة إليها، أو إلى رئاستها، ليست مهمة مستحيلة، ولا هي تهمة يجب التبرّؤ منها.