أكانت مفتعلة ام لا، تبقى النتيجة واحدة: احتراق الاحراج في موسم من المفترض ان تكون الدولة مجهزة لمواجهة الكارثة البيئية التي لا تفوّت عاما الا وتلتهم الاخضر واليابس، أبرزها حريق المشرف والناعمة في الشوف، ما دفع الدولة للاستعانة بطائرتين قبرصيتين متخصصتين للمساعدة في إخماد الحرائق، علما ان مروحيات اخرى تصل من اليونان والاردن.
الفضيحة التي كشفت النيران النقاب عنها، تمثلت في إهمال صيانة طوافات الإطفاء الثلاث من نوع سيكورسكي، طرازS-70A، بقيمة نحو 13 مليون دولار، تمّ شراؤها عام 2009 بمسعى من جمعية “أخضر دايم”، التي ضمّت عدداً من الهيئات الإقتصادية وأركان القطاع الخاص ورجال أعمال وعدداً من الجمعيّات البيئية، وتقديمها كهبة الى الدولة. وتضمّنت الهبة 3 سنوات صيانة إضافةً إلى مليون دولار كبدل عن قطع غيار، وبعد انقضاء السنوات الثلاث لم تكمل الدولة صيانتها ما تسبّب بإيقافها عن العمل.
غياب هذه الطوافات عن إخماد الحرائق اليوم، وضع هذه المبادرة التي أطلقت في الأساس من أجل هدف نبيل، في دائرة الاستهداف، وبدأت منذ الصباح التساؤلات عن توقفها عن العمل.
وزير الداخلية والبلديات السابق زياد بارود الذي تم تقديم المروحيات في عهده اوضح أنّ المشكلة بدأت بعد 3 سنوات عند انتهاء هبة الصيانة التي تكلف نحو 450 ألف دولار، معتبرًا أنّ كلفة صيانة طوافات السيكورسكي ليست كبيرة نسبة لكلفة الاضرار التي تخلّفها الحرائق”.
وأضاف: ”حرائق لبنان المأساوية تعيد طرح السؤال ذاته المطروح منذ 2012: أين طوافات السيكورسكي؟! ولماذا لم يتم تعزيز قدرات الدفاع المدني حتى الآن؟! اليكم ما أعرفه، بكل أسف.
الطوافات ال3 كانت هبة ولم تكلف الدولة قرشا واحدا وشملت الهبة الصيانة ل3 سنوات وتدريب الطيارين. وقد اختار المواصفات سلاح الجو في الجيش مع مؤسسة Veritas ثم أرسل دفتر الشروط إلى 21 شركة عالمية ورسا على الأدنى سعرا.
أضاف:”الطوافات استعملت على مدى 3 سنوات وشاركت حتى 2013 بمكافحة ما يزيد عن 11 حريقاً وبفعالية. هل المسألة تتعلق فعلا بالصيانة؟ أم ثمة قطبة مخفية؟ في اي حال، تبقى كلفة الصيانة متواضعة مقارنةً مع غضب الناس وخوفهم والخسائر في الأرواح والممتلكات وفي الأخضر القليل المتبقي.
في المقابل، أكدت مصادر عسكرية لـ”المركزية” ان طوافات السيكورسكي الثلاث التي استقدمت فيما كان الوزير بارود في وزارة الداخلية، والتي وضعت بتصرف الجيش، لم تكن مخصصة لإخماد الحرائق بالأساس بل للنقل، ولم تخل من المشاكل ، اذ ان احداها تعرضت لحادث خلال الهبوط ، اما الطوافتان الاخريان فبحاجة الى قطع غيار وكلفة الصيانة مرتفعة جدا، كما ان قدرة المناورة ضعيفة في مناطق الجبال، فضلا عن ان كل طوافة تحتاج الى كلفة في الساعة تقدر ب٦٥٠٠دولار اميركي، والطوافات تلك لا تحمل الا مياه البحر المالحة بينما يفضل في الحرائق رش المياه الحلوة.
الطوافات تتسع لـ ٤ الاف ليتر مياه الا انها وبسبب الحمولة، فإن فاعلية عملها تصبح محدودة، نظرا للطبيعة الجبلية للمناطق الحرجية. وبالميزانية المحدودة للجيش، كان من المستحيل تأمين صيانتها، بينما من الاجدى الاعتماد على طوافة عسكرية تستطيع القيام بمهمة اطفاء الحريق اضافة الى مهام عسكرية.
في المقابل، اكد الوزير السابق ورئيس جمعية “أخضر دايم” فادي عبود لـ”المركزية” ان جمعية “اخضر دايم” لا علاقة لها باختيار طائرات الهليكوبتر والتقنية لا من قريب ولا من بعيد. انتهى دورنا عند جمع التبرعات. سلاح الجو في الجيش اللبناني هو من اختارها، وهو من توجه الى اسكوتلندا وفحصها، في حين كنا نجمع الأموال لشراء طائرة “كنداير”، لأنهم قاموا في وقتها باستعراض في الكسليك، وشاهدنا كيفية عملها، لكن رأي سلاح الجو كان بأنها غير صالحة للبنان، بسبب تضاريسه الجبلية والوديان، وليس لدينا بحيرات كي تهبط عليها هذه الطائرات، وقد يكون البحر مائجاً في فصل الشتاء فلا تتمكن من الهبوط ايضا الطائرة، حتى في فصل الصيف، عندما يكون البحر مائجا، بالتالي نفضل الهليكوبتر. الجيش هو من اختار المواصفات.
وأضاف عبود: “تلقينا عروضاً من 23 شركة، وكان هذا العرض الافضل لشركة في اسكوتلندا، وذهب الجيش وكشف عليها وطلبنا من مكتب veritas القيام بالكشف الكامل على كل برغي في الطائرة للتأكد من نوعيتها وجودتها”.
واستغرب عبود موقف المصادر العسكرية الذي يقول ان الطائرات غير صالحة، وتساءل: “هل فرضنا الهليكوبتر على الجيش اللبناني؟ طلبت من رئيس الجمهورية العماد ميشال عون إجراء التحقيق، وهذا ما قام به. ولكن “اخضر دايم” لا علاقة له. وعندما وصلت الطائرات اصدر الجيش بيانا أكد فيه استلامه اياها، وبأنه حاضر لإطفاء كل الحرائق. ثم لاحقاً قالوا بأنهم لا يملكون التمويل لصيانتها، واليوم يعلنون بأنها غير صالحة”.
وتابع: “نشتكي دائما من الفساد في لبنان، إنما مقابل الفساد هناك كم اكبر من الهدر والاهمال. كيف يمكن للجيش ان يختار طائرات واليوم يقول إنها غير صالحة. ومجرد البحث عبر “غوغل” يتبين ان هذه الطائرات اكثر من صالحة. فإذا كانوا اكتشفوا من البداية بأن الضباط الذين كانوا مسؤولين اخطأوا في اختيار الطائرات، كان بالامكان عندها مباشرة بيع الطائرات والتفتيش عن بديل منها”.