لم يحل الانهماك الرسمي والاستنفار اللوجستي لكل أجهزة الدفاع المدني والاطفاء والجمعيات الأهلية لمكافحة النيران التي اجتاحت لبنان، الثلثاء، قبل ان ترأف به العناية الالهية مساء، بهطول الأمطار، من دون تسجيل حركة على الخط السياسي، تمثلت بزيارة مفاجئة للرئيس سعد الحريري لرئيس المجلس نبيه برّي في عين التينة، في محاولة إنقاذ ما يُمكن انقاذه للموازنة، التي واجهت في مجلس الوزراء الاثنين احتمال خروجها عن المهلة الدستورية، بسبب التباينات والسجالات، والتراجع عن التعهدات، ما دفع الرئيس الحريري إلى رفع الجلسة دون تحديد موعد جديد لالتئام شمل الحكومة مجدداً.
وبحسب المعلومات، فإن أولى ثمار لقاء عين التينة، والذي شارك فيه أيضاً وزير المال علي حسن خليل، جاء بدعوة الحكومة إلى الاجتماع بعد ظهر الاربعاء في السراي الحكومي، لاستئناف درس مشروع الموازنة، بدلاً من اجتماع لجنة الإصلاحات في نفس الموعد، كما تقرر ان يعقد مجلس الوزراء جلسة أخرى في السراي عند الواحدة من بعد ظهر غد الخميس لبحث جدول أعمال عادياً من 36 بنداً.
ولوحظ ان الحريري دخل عين التينة من باب جانبي وغادرها أيضاً من المدخل نفسه، من دون الإدلاء بأي تصريح، لكن مصادر رئيس المجلس أوضحت ان “اللقاء مع الحريري تمحور حول المسار الذي تسلكه الموازنة العامة في جلسات مجلس الوزراء واللجان الوزارية والسبل الآيلة لتذليل العقبات لإنجاز الموازنة وإحالتها الى المجلس النيابي في المواعيد الدستورية، فضلاً عن المخاطر الناجمة من اضاعة الوقت في السجالات السياسية وانعكاساتها الخطرة على الوضعين المالي والاقتصادي اللذين لا يحتملان التلكؤ في اتخاذ الاجراءات الفورية للجم التدهور الحاصل.
واشارت الى ان البلد الذي يحترق بنيران الأزمات في حاجة الى خطوات تطفئ هذه النيران وليس الى إشاعة اجواء تؤجج من اشتعالها.
كما كان موضوع اتساع رقعة الحرائق التي التهمت مساحات شاسعة من الأشجار الحرجية في الشوف وجبل لبنان ومناطق لبنانية عدة حاضرة في اللقاء.
وفي المعلومات، ان برّي اعرب عن قلقه الكبير من تأخير إقرار الموازنة في مجلس الوزراء، وهو قال امام زواره: “انه في حال عدم إقرار الموازنة في مجلس الوزراء غداً (اليوم) أو الخميس على أبعد تقدير “فالله يسترنا”.
ورأى برّي ان خطورة الوضع الاقتصادي توازي خطر إسرائيل.
وقال: “لا يجوز الاستمرار في المماطة وتأخير الموازنة.. كفى”.
وعلمت “اللواء” ان الحريري شكى لبرّي الوضع الحالي ومما جرى في جلسة مجلس الوزراء الأخيرة، فطلب منه رئيس المجلس الصبر، داعياً اياه حسم الأمور لأن الوضع متأزم للغاية ولا يحتمل التأخير أو الرهان على الوقت، حتى ولو تمّ اللجوء إلى التصويت.
وذكرت معلومات خاصة، انه في حال جرت الأمور على النحو الإيجابي في جلستي مجلس الوزراء اليوم وغداً، فإنه سيُصار إلى تحديد جلسة نهائية يوم الجمعة في قصر بعبدا لإقرار الموازنة، أو في حدّ أقصى يوم الاثنين المقبل، عشية انتهاء المدة الدستورية لرفع الموازنة إلى المجلس في أوّل ثلاثاء بعد بدء الدورة العادية أي 22 تشرين الحالي.
وبحسب ما رشح من معلومات فإن برّي يميل إلى وجهة نظر الحريري، بوجوب السير بالاصلاحات في موازاة اعداد الموازنة، ولا بأس في ان تتضمن فذلكة الموازنة مجموعة من الإجراءات الإصلاحية، بينما يُصار إلى وضع مجموعة أخرى في مشاريع قوانين تحال إلى المجلس النيابي، لكن هذا الرأي اصطدم في آخر جلسة لمجلس الوزراء، برفض وزراء “التيار الوطني الحر” و”القوات اللبنانية” الموافقة على الموازنة، إذا لم تتضمن مشاريع وافكار إصلاحية، الأمر الذي اثار انزعاج رئيس الحكومة، ودفعه إلى مغادرة القاعة غاضباً.
الا ان المصادر اعتبرت ان العودة إلى عقد جلسات للحكومة مؤشر إلى احتمال تجاوز هذه النقطة، ومعها أيضاً كل ما يتعلق بموضوع الضرائب سواء على البنزين أو على الضريبة على القيمة المضافة، أو بالنسبة للحسومات التقاعدية.