نظمت “الثانوية الوطنية الارثوذكسية – مار الياس” في ميناء طرابلس لقاء تحت عنوان ” ثقافة التعددية وقبول الاختلاف”، وذلك برعاية وحضور سفير دولة الامارات العربية المتحدة حمد سعيد الشامسي وجانو فران ممثلة رئيس المنطقة التربوية في الشمال نهلا حاماتي، مدير الثانوية الارثوذكسية ميشال قطرة، مديرة جامعة اليسوعية في الشمال فاديا علم الجميل، مدير ثانوية الروضة مصطفى المرعبي، مدير ثانوية بكفتين بشارة حبيب، اضافة الى حشد من الفاعليات التربوية والثقافية والاجتماعية والدينية والهيئتين التعليمية والادارية وطلاب المدرسة.
بداية مع النشيدين اللبناني والاماراتي، ثم كانت كلمة ترحيبية من غسان انطون شكر فيها السفير على حضور الى الثانوية، مؤكدا ان “اللقاء هذا نظم ضمن مبادرات “عام التسامح”، لافتاً الى انه سيتم ادخال وثيقة الاخوة كجزء دراسي في مادة الاجتماع في الثانوية الوطنية الارثوذكسية – مار الياس.
بعدها تم عرض فيلم وثائقي من وحي المناسبة، ففقرة غنائية مع نجمة the voice kids الطالبة لين حايك التي ابدعت باغنية “العطاء” لسلوى القطريب.
بعد ذلك كانت كلمة لمدير الثانوية ميشال قطرة قال فيها: “منذ أن تأسست مدرستنا تحت اسم الثانوية الوطنية الأرثوذكسية، وضعت الإنسان في صدارة اهتماماتها، على أن تكون صرحاً تربوياً وليس فقط تعليمياً، كان انماء الإنسان ولم يزل هدفاً اساسياً بالنسبة لها ، بغض النظر عن انتمائه. من هنا، ليس صدفة أن يكون اسمها الثانوية الوطنية أولاً ثم الأرثوذكسية، وكأنّ المؤسسين يقولون أنه لا يمكننا أن نكون شاهدين لايمان ديني ما لم يكن الآخر شريكنا في الانسانية ومحبته في كل خطوة”.
اضاف:” ضمن هذا الاطار يأتي لقاؤنا اليوم حول “ثقافة التعددية والانفتاح” امراً بديهيا، تشهد له مسيرة عمرها يقارب المائة وعشرين سنة. وان كنا اليوم على مشارف الاحتفال بمئوية لبنان الكبير، فما علينا الا أن نذكر ونتذكر دائماً ان أساس فكرة قيام هذه الدولةهو الايمان بالتعددية التي من دونها يفقد هذا الوطن مبرر وجوده.”
تابع: “تقول المفكرة الاميريكية هيلين كيلير “إن أهم ثمار التربية هي التسامح”، فرحنا كبير أن يتوج لقاؤنا اليوم برعاية سعادة “سفير دولة التسامح” الدكتور حمد سعيد الشامسي، وهي الدولة صاحبة الافكار النيرة والطروحات الرائدة في العالم، حيث أطلقت مطلع هذا العام مبادرة عام التسامح، مبحرة بذلك عكس تيار التزمت والجهل، الذي ينتشر كالوباء في كل العالم، حتى بدأ يطال بعض الدول التي كانت تعرف بحرصها على حقوق الانسان …واستهل عام التسامح بخطوة فريدة من نوعها، تاريخية ومفصلة ، حيث اجتمع قداسة البابا فرنسيس وسماحة مفتي الازهر الكريم الشيخ احمد الطيب في أبوظبي ليطلقا الصرخة بكل حزم ووضوح :” إن مجد الله هو ان يحيا الانسان لا أن يهلك” . ولكي تكتمل نعمة الحياة لا بد من المشاركة التي هي وحدها كفيلة بأن تخرج الانسان من انانيته وتجعله يحقق مقاصد الله عز وجل في خلقه.”
وقال: “ما ذكرته ليس سوى جزء صغير من وثيقه الأخوة الإنسانية التي تضم بالإضافه الى ما سبق ذكره أفكار ومواقف جريئة – أعتقد أننا لم نشهد جرأه كهذه منذ زمن طويل. إننا إذا نضع هذه الوثيقة الثمينة بين أياديكم وقد أدرجت كجزء من المادة الإجتماع لتكون محط تأمل والبحث في كيفية تجسيد القيم السامية التي ندعو اليها فنحن على يقين من أنكم ستستمدون من خلال دراستها أفكار رائعة ومشاريع خلاقة تهدف الى ترجمة المحبة الإنسانية وسوف نلتقي مجدداً في حفل ختامنا لنستعرض ما أنتجتموه و نتشارك معاً فرحة العيش الأخوة الحقة”.
وتوجه في الختام إلى السفير الشامسي قائلاً: “نتابعكم تطوفون في كل المناطق اللبنانية زارعين المحبة والمشاعر الأخوة الصادقة حيثما حللتم ومن هذا المنطلق ايضاً نتشرف اليوم برعايتكم مشروعنا وبزيارتكم الكريمة لمدرستنا على تاريخ مدينة عرفت في لبنان بأنها مثال للعيش المشترك ويمكنني ان أقول وبكل ثقة بأن لهذه المؤسسة التي تزورنا اليوم أثرا دامغا في هذا المجال فقد ربت وخرجت آلاف الطلاب والطالبات عبر السنين و زرعت فيهم هذه الروح الأخوة. لكم منا أصدق كلمات الشكر لدولتكم الرائدة و شعبكم الحبيب كل التقدير والاحترام.”
أما السفير الشامسي فقال في كلمته: “تنظم سفارة دولة الامارات العربية المتحدة هذا العام العديد من النشاطات ضمن مبادرات عام التسامح، إلا أن هذا اللقاء له طابع خاص لكونه مع أبنائنا الطلبة، ووقوفي في موقع المتحدث الناصح فألمس أهمية دور الأستاذ والمعلمة في نقل المعرفة الى الأجيال. فاليوم نقرأ معاً من درس عنوانه التسامح، فصل العيش المشترك، وحياتنا هي كذلك دروس من فصول في كتب وأهمها على الاطلاق كتاب “الاخوّة الإنسانية” وعلينا أن نحفظ دوماً أن الله خلق بني البشر متساويين من نفس واحدة دون تمييز بين أحد”.
اضاف:” لقد أرادت القيادة الرشيدة في دولة الامارات العربية المتحدة نشر هذه الرسالة على أوسع نطاق في العالم، لأننا نؤمن بأن تضييق مساحة العنف والحروب بين الناس لا تكون إلا من خلال فتح آفاق التسامح وتعميم ثقافة الاعتدال. ومن هذه الرؤية الحكيمة ولدت “وثيقة الاخوّة الإنسانية” على أسس تشكّل قواسم مشتركة لجميع الناس، فكانت الوثيقة ” باسم الله، وباسم النفس البشرية الطاهرة، باسم الفقراء والبؤساء والمحرومين والمهمشين والأيتام والآرامل والمهجرين والنازحين، باسم الشعوب التي فقدت الأمن والسلام والتعايش، وباسم الحرية”. فهل من إنسان يمكن أن يرفض هذه المفاهيم؟ أو هل من إنسان يرى في أي منها اختزالاً لحقوقه أمام حقوق الاخرين؟”.
وشدد على “أن نشر هذه القيم في مناحي المجتمع كافة أمر مهم، والوثيقة تنادي بذلك، غير أنني اعتبر تربية أبنائنا وبناتنا وتعليمهم وفتح عيونهم على مضامينها ومعانيها أمر في غاية الأهمية لأن هؤلاء التلاميذ هم بذور مستقبل أوطاننا وأعمدة مجتمعاتنا، فإن نحن احسنّا الزرع والعناية الآن فإن بلداننا ستجني في السنوات المقبلة مجتمعات منفتحة قابلة على النقاش بين مكوناتها في إطار يصون حقوق الجميع وكراماتهم الإنسانية تحت مظلة العيش المشترك والمصير الواحد، وهنا تبرز أهمية إدراج هذه الوثيقة في المنهج التربوي بوصفه الباب الى عقول التلاميذ”.
واردف:” قبل أيام أكمل رائد الفضاء الاماراتي هزاع المنصوري رحلته الى محطة الفضاء الدولية وعاد الى الأرض حاملاً معه تجربة غنية فتحت أبواب الفضاء أمام آخرين من أبناء بلده. أحببت أن اتوقف معكم أمام هذا الحدث الكبير لأقول إن دولة الامارات وصلت الى حيث هي اليوم لأنها آمنت بالإنسان كقيمة واستثمرت في بناء المستقبل بعيداً عن المفاهيم الضيقة أو الانحياز الاعمى الى أفكار تكبّلنا بأغلال الجهل”.
ودعا السفير الشامسي الطلاب الى قراءة نص وثيقة الاخوة الإنسانية “التي أصبحت جزءاً من منهجكم الدراسي والاطلاع عليها بتمعن، لأن الذي يتفوق منكم في هذا الفصل الدراسي تحديداً سيكون ذلك التلميذ المتميز بفكره المستنير والخارج على الأطر الضيقة من التفكير التقليدي”. وختم:” أتمنى لكم النجاح في كل مساعيكم ولإدارة المدرسة المميزة دوام التقدم لما فيه خير ومصلحة المجتمعات والناس اجمعين.
وفي الختام تم تبادل الدروع التقديرية بين السفير الشامسي ومدير الثانوية ميشال قطرة.