Site icon IMLebanon

تصعيد غير مسبوق في المناطق المسيحية

كتبت بولا أسطيح في صحيفة “الشرق الأوسط”:

بلغ التصعيد في الشارع المسيحي مستويات غير مسبوقة على وقع الحراك المطلبي المستمر منذ أيام الذي انضم إليه حزب «القوات اللبنانية» الذي بات محسوماً أنه يتجه للاستقالة من الحكومة. وتنسق قيادة الحزب موقفها مع رئيس الحكومة سعد الحريري كما مع رئيس الحزب «التقدمي الاشتراكي» وليد جنبلاط، بحيث تطمح أن يعلن الحريري الاستقالة بعد نفاد الساعات الـ72 التي حددها في خطابه مساء أول من أمس، ما يؤدي تلقائياً إلى استقالة الحكومة ككل، وإلا تتجه لإعلان انسحاب وزرائها من مجلس الوزراء وهو ما قد يحصل بشكل متزامن مع إعلان مماثل من قبل وزراء «الاشتراكي».

وتشهد المناطق المسيحية حراكاً كبيراً منذ أيام بعدما كانت تتركز الاعتراضات والمظاهرات في السنوات الماضية في مناطق وشوارع محددة، أصبح اليوم قسم كبير من هذه المناطق مشلولاً تماماً بفعل قطع الطرقات وخروج المتظاهرين بأعداد كبيرة إلى الشوارع. وطالت التحركات مناطق حيوية كالدورة وجل الديب والذوق والصالومي التي تم قطع الطرق الرئيسية فيها بالدواليب المشتعلة والسيارات. وانضم «القواتيون» إلى المتظاهرين بعد دعوة قائدهم سمير جعجع للمشاركة بالتحركات الشعبية الجارية «وفق منطق وأجواء هذه التحركات، أي من دون شعارات وأعلام حزبية، والالتزام بأقصى درجات المناقبية والتصرفات السلمية».

وبهذا القرار يعود حزب «القوات» ليتلاقى مسيحياً مع حزب «الكتائب اللبنانية» الذي كان قد لاقى سريعاً المعترضين في الشارع من منطلق أنه الحزب الوحيد الذي يلتزم صفوف المعارضة منذ فترة. ويبدو أن «القواتيين» لن يتأخروا بالانضمام إلى هذه الصفوف من جديد، وهو ما أكدته مصادر «القوات»، لافتة في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن التوجه هو للاستقالة من الحكومة أياً كان قرار الرئيس الحريري بعد انقضاء الساعات الـ72. وأضافت المصادر: «المشاورات مستمرة مع رئيس الحكومة ورئيس الحزب التقدمي الاشتراكي، لكن التوجه بات محسوماً خاصة أننا ندرك تماماً أن القوى السياسية المشاركة في الحكم غير قادرة على التعهد بشيء، وهي لا تستطيع ولا تريد تحقيق الإصلاح الذي تعدنا فيه منذ 3 سنوات، وتسعى من خلال مواقفها الحالية لتجاوز ما يحصل في الشارع لا أكثر ولا أقل». وشددت على أن ما تشهده المناطق المسيحية، كما المناطق اللبنانية كافة، من اعتراضات «ليس على الإطلاق تظهيراً لصراع عوني – قواتي، إنما صراع بين الناس والتيار الوطني الحر وبالتحديد رئيسه (جبران باسيل) الذي يتحمل مسؤولية جزء يسير مما آلت إليه الأمور نتيجة تصرفاته وممارساته ومواجهاته المتنقلة والعناوين الاستفزازية التي يطرحها وعدم إعطائه الأولوية للواقع الاقتصادي والمعيشي».

وفي مقابل تحميل حزبي «القوات» و«الاشتراكي» عهد الرئيس ميشال عون و«الوطني الحر» مسؤولية ما آلت إليه الأوضاع في البلد، شنت الهيئة السياسية لـ«التيار الوطني الحر» أمس حملة عنيفة على الحزبين، معتبرة أن «الحركة المطلبية تتعرض لاستغلال لحرفها عن أهدافها من جانب طرفين أساسيين في الحكومة اللبنانية هما حزب القوات اللبنانية والحزب التقدمي الاشتراكي اللذان يتمسكان بالسلطة لتحقيق مكاسب خاصة بهما»، لافتة إلى أنهما «عمدا إلى ركب موجة المعارضة لا بل الإيحاء بقيادتها فيما هما أكثر من عرقل عمل الحكومة بمواقفهما وفسادهما السياسي والمالي». وأضافت: «نذكّر الرأي العام أن هؤلاء كانوا ميليشيا ترهيب وتشبيح أثناء الحرب وهم اليوم ميليشيا بلباس مدني، فمن أين لهم ثرواتهم وقصورهم؟». ونبه «الوطني الحر» اللبنانيين من أن «هؤلاء مخربون بطبعهم والطبع يغلب التطبع، ويكفي مشاهدة ما قاموا به من أعمال تخريبية في اليومين الماضيين».

وفي جبهة «الكتائب»، أشار رئيس الحزب النائب سامي الجميل إلى أن المطلوب من الحراك الحالي «تحقيق انتقال سلمي وطبيعي للسلطة وإلا ستذهب السلطة طرداً»، لافتاً إلى أن «الخطوة التالية يجب أن تكون انتخابات نيابية جديدة، وإذا لم تقبل السلطة بحكومة جديدة حيادية فلتتحمّل مسؤولية ما يحصل في الشارع».