كتب يوسف دياب في صحيفة “الشرق الأوسط”:
سلكت التحركات الشعبية في مدينة صور (جنوب لبنان) منحى تصادمياً، مع ظهور عشرات المسلحين في شوارع المدينة، تردّد أنهم ينتمون إلى حركة «أمل»، ومواجهتهم للمتظاهرين عبر تصويب السلاح عليهم وإطلاق النار أحياناً لفضّ الاعتصامات.
وانتشرت مقاطع فيديو مصوّرة على مواقع التواصل الاجتماعي تُظهر عدداً من المسلحين المفترض أنهم تابعون لـ«أمل» يهاجمون المتظاهرين داخل أحياء مدينة صور وفي النبطية، وهو ما اعترفت به الحركة ضمناً، إذ أكدت رفضها للمظاهر المسلحة في شوارع صور وأعلنت أنها بصدد «إجراء تحقيق لتحديد المسؤوليات واتخاذ التدابير اللازمة»، طالبة من الأجهزة الأمنية «ممارسة دورها في حماية المواطنين بمن فيهم المتظاهرون»، مستنكرة التطاول على رموزها وعلى رأسهم الإمام موسى الصدر ورئيس مجلس النواب نبيه برّي.
إلى ذلك، أكد مصدر قريب من «أمل» لـ«الشرق الأوسط» أن «الظهور المسلّح ومواجهة العناصر المشبوهين والمندسّين في المظاهرة السلمية، لم يكن بقرار من قيادة (أمل) بل باندفاعة شخصية من هؤلاء المسلحين». وقال المصدر، الذي رفض ذكر اسمه: «نحن نحترم حقّ التظاهر والتعبير عن الرأي في كلّ لبنان، لكنّ الناس تفاجأت بعناصر مدسوسة في قلب المظاهرة، بدأت تشتم بعبارات نابية حركة أمل ورموزها (رئيس مجلس النواب نبيه بري وزوجته رندة برّي ونواب ووزراء الحركة)، وبدأت بالاعتداء على الأملاك الخاصة».
ولفت المصدر ذاته إلى أن «البعض لم يكن يرغب في التظاهر والمطالبة بحقوق، بل أراد الشغب والتخريب، وهذا لا يقرّه أي قانون في العالم، وأي بلد لا يسمح بهذه الارتكابات». وتابع: «فوجئنا بتقاعس أجهزة الدولة في وقف الاعتداءات، وعندما شاهد الناس الشغب الذي طال مصالحها، جرت مواجهة المندسين ولم يتعرّض أحد للمتظاهرين السلميين. إذا لم تقم الدولة بواجباتها بحماية الممتلكات، فإن الناس ستحمي مصالحها من النهب والحرق والإتلاف».
وأثارت الشعارات التي أطلقت في اليومين الماضيين حفيظة المنتمين إلى حركة «أمل»، لأنها طالت شخص الرئيس برّي وعائلته، واستتبعت بالاعتداء على منازل نواب الحركة في مدينتي صور والنبطية، وهو ما انسحب على منازل نواب «حزب الله» لا سيما منزل النائب محمد رعد، رئيس كتلة نواب الحزب، وتمزيق صور وشعارات لقيادات الثنائي الشيعي الذي كان التعرض لهما أقرب إلى المحرمات.
وحالة الاعتراض على الظهور المسلّح غير الشرعي لم تقتصر على معارضي الثنائي الشيعي، بل انسحبت على المقربين منهما الذين نصحوا بعدم مواجهة الناس بقوّة السلاح. ورأى الكاتب والمحلل السياسي قاسم قصير في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أنه «بغض النظر عن الأخطاء التي قد يرتكبها المتظاهرون، فإن قمع الحراك الشعبي بقوة السلاح لن يوقف حركة الناس، بل يعزّز حالة الغضب». وأكد أن «المطلوب من القوى السياسية أن تتعاطى مع غضب الناس، بشكل إيجابي». وقال: «إذا حصلت أخطاء من المتظاهرين، مثل إحراق بعض المؤسسات (إحراق استراحة صور التي تستثمرها السيدة رندة بري، زوجة رئيس مجلس النواب)، فيجب الاستعانة بالجيش والقوى الأمنية لضبط الوضع»، معتبراً أن «الاستعانة بالمسلحين والميليشيات أمر غير قانوني وغير دستوري، وسيؤدي إلى صدام مسلّح، ولن يوقف غضب الناس».
واتهم مصدر سياسي شيعي معارض لـ«حزب الله» وحركة «أمل»، عناصر الحركة بإحراق استراحة صور المملوكة من رندة بري، لتبرير قمع المتظاهرين والاعتداء عليهم وسحبهم من الشارع. وقال المصدر لـ«الشرق الأوسط» إن «أمل وحزب الله سيحاولان منع المظاهرات بأي ثمن» في مناطق نفوذهما، مشيراً إلى أنهما «يخشيان جرأة الناس بعد كسرهم حاجز الخوف واقتحام مقرات الحزب والحركة». ولفت المصدر إلى تهديد نصر الله في كلمته أمس بالنزول إلى الشارع و«قلب المعادلة»، معتبراً أن أمين «حزب الله» لا يقبل أن «يتعاظم الحراك المدني الرافض لسياسته التي قادت لبنان إلى الخراب»، بحسب المصدر الشيعي ذاته المعارض لـ«أمل» و«حزب الله».