كتب بولا أسطيح في صحيفة الشرق الأوسط:
استبق حزب «القوات اللبنانية» مهلة الـ72 ساعة التي أعطاها رئيس الحكومة سعد الحريري للفرقاء السياسيين للتجاوب مع ورقته الاقتصادية الإصلاحية، فأعلن انسحابه من مجلس الوزراء تجاوباً مع المطلب الأساسي للمتظاهرين ألا وهو إسقاط الحكومة. وفي الوقت الذي كان من المتوقع أن يتزامن انسحاب وزراء «القوات» الـ4 مع استقالة وزيري «التقدمي الاشتراكي»، خرج رئيس «القوات» سمير جعجع بعد منتصف ليلة أول من أمس ليستبق قرار حليفه وليد جنبلاط بعد التماس توجهه للبقاء في السلطة.
وردت قيادة «القوات» الاستقالة إلى «عجز الحكومة عن اتخاذ الخطوات المطلوبة لإنقاذ الوضع الاقتصادي المالي المعيشي المتفاقم». واعتبر جعجع في حديث تلفزيوني أنه «فات الأوان والشارع أصبح بمكان آخر عن الإصلاحات التي يتحدثون عنها لذلك يجب الذهاب إلى تركيبة أخرى وحياة سياسية جديدة»، داعيا إلى تشكيل «حكومة تكنوقراط حيادية عن الأكثرية الوزارية والنيابية الحالية ومنسجمة مع بعضها البعض وليس كالحكومة الحالية بمائة رأس». وأوضحت مصادر «القوات» أن القيادة كانت على تنسيق مع رئيس «التقدمي الاشتراكي» لاتخاذ خطوات مشتركة، «لكننا بالنهاية لا نلوم أحدا، إذ نتفهم أن لكل طرف توقيته وتوجهه واعتباراته، ونحن لنا رؤيتنا وأولوياتنا التي دفعتنا لاتخاذ قرار الاستقالة، وإن كنا نفضل لو ترافقت مع استقالة وزيري الاشتراكي»، مؤكدا في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أنه «سواء كنا داخل أو خارج الحكومة سنكون بحالة تنسيق مع الاشتراكي والمستقبل لأننا نؤمن توازنا استراتيجيا في البلد يجب أن يستمر».
وأضافت المصادر: «ما حصل لن يبدل شيئا في طبيعة العلاقة التي تجمعنا بحليفينا، لكن أمام قواعدنا وناسنا كما أمام المد الشعبي الجارف، لا يمكن أن نستمر بهذه الحكومة، وندعو الرئيس الحريري للقيام بالمثل». وأشارت المصادر إلى أن «المطلوب حاليا تشكيل حكومة اختصاصيين لأن الحكومة الحالية غير قادرة أن تقود مرحلة الإنقاذ الاقتصادي، فالمشكلة ليست في الأوراق الاقتصادية بل المشكلة في: من يطبق ماذا». وفي الوقت الذي لم يصدر أي موقف رسمي عن «الوطني الحر» من استقالة وزراء «القوات»، رحب مصدر قيادي عوني بهذه الاستقالة، لافتا إلى أن «القواتيين كانوا يمارسون المعارضة من الداخل فيعرقلون المشاريع الحيوية للبلد طامحين لتحقيق مزيد من الشعبية، أما اليوم فقد تغير الوضع وانضموا إلى الصفوف التي كان يتوجب أن يكونوا فيها منذ البداية». وقالت المصادر لـ«الشرق الأوسط»: «لكن المفارقة أن حليف جعجع أي جنبلاط تركه في منتصف الطريق، ونحن نفضل اليوم لو ينضم إليه لننصرف نحن للعمل والإنجاز».
وعلّق وزراء «القوات» على قرار القيادة الاستقالة من الحكومة، فأكد نائب رئيس مجلس الوزراء غسان حاصباني أن استقالة «القوات اللبنانية» من الحكومة «استقالة نهائية نابعة عن قناعة وحاجة وليست أي نوع من المناورات»، لافتا في حديث إذاعي إلى أنها «ليست موجهة ضد الحريري أو أي شخص محدد بل صادرة عن قناعتنا بأن الحكومة بتركيبتها الحالية وطبيعتها غير قادرة على مواجهة التحديات الاستثنائية التي يواجها لبنان». وأضاف: «هذه الاستقالة من أجل الدفع نحو نمط عمل جديد وتشكيل حكومة تتخذ القرارات المطلوبة والإصلاحات الجذرية لا الطفيفة».
من جهته، غرّد وزير العمل المستقيل كميل أبو سليمان عبر حسابه على «تويتر» قائلا: «بما أن الشعب اللبناني بكل مكوناته فقد الثقة بقدرة هذه الحكومة على إنقاذ الوضع المالي والاقتصادي والاجتماعي، وانسجاما مع مواقفنا السابقة قدمت استقالتي مع زملائي في القوات اللبنانية». وأضاف أبو سليمان: «سعيت خلال عملي في وزارة العمل والحكومة إلى أن أقدم نهجاً مختلفاً بطريقة التعاطي بالشأن العام، يرتكز على: احترام القوانين وتطبيقها مهما كانت الضغوطات، تعزيز الشفافية، ومكافحة الفساد بالفعل وليس بالقول والحرص على المال العام».
أما وزير الشؤون الاجتماعية المستقيل ريشار قيومجيان فاعتبر أن «الأمور المعيشية وصلت إلى وضع خطير والحكومة الحالية لا تستطيع القيام بعملية الإنقاذ المطلوبة، ولا يمكنها أن تحكم بعد اليوم»، مضيفا: «إن استمرار الحكومة الحالية يعني «داوني بالتي كانت هي الداء» في وقت يحتاج البلد إلى طبيب آخر وعلاج آخر».