دعا رئيس الحكومة الأسبق فؤاد السنيورة إلى “تأليف حكومة مصغرة من اختصاصيين برئاسة الرئيس سعد الحريري”، مطالبا بأن “يستخلص رئيس الجمهورية العبرة مما جرى وأن يدرك أن هناك انحسارا في صدقية العهد وشعبيته”.
وقال السنيورة، في حديث لقناة “العربية”: “على رئيس الجمهورية ان يدرك أن التغيير المفروض القيام به هو الاعتراف بأن هناك خللا لا يمكن رأبه الا من خلال عودة رئيس الجمهورية ليتصرف كرئيس جمهورية”، لافتا إلى أن “المواطنين ضجروا وغضبوا وعبروا عن استيائهم عبر هذه المسيرات التي تحصل ربما للمرة الاولى”.
وعن ورقة الحريري الاقتصادية، قال السنيورة: “أعتقد أن القرارات التي اتخذت الاثنين هي في جزء كبير منها مواضيع جرى الحديث عنها لتنفيذها في السنوات السابقة، ولكن كان هناك تلكؤ واستعصاء. لكن القيام بها الآن هو جيد وما حصل البارحة باتخاذ هذه القرارات أمر جيد. فعليا هناك امر غير مكتمل بشأن هذه القرارات، لأنها تفتقر الى الالية الصحيحة لتنفيذها من قبل حكومة لم تستطع ان تثبت بأدائها جدية أو صدقية، فالحكومة يجب عليها من خلال تآلفها وتعاونها وانسجامها والتزامها أن تعطي الصورة الصحيحة عن امكان تنفيذ مثل هذه القرارات، وهذا ما لا تستطيعه الحكومة الحالية”.
وأضاف، ردا على سؤال: “هذه القرارات لا تفتقد الى وجود الحكومة الموثوقة والقادرة فقط بل تفتقد أيضا إلى أمر آخر وهو انه ومن اجل اخراج لبنان من أزمته ينبغي ان تتوفر الثقة التي تسهم وتؤدي الى إطلاق النمو الاقتصادي مجددا. لأنه وعلى مدى 8 سنوات ماضية، فإن لبنان لم يحقق اي نمو على الاطلاق الا بنسبة 1% أو -1%. كذلك فإن هناك عجزا كبيرا في الخزينة والموازنة وكذلك عجزا كبيرا في ميزان المدفوعات، وذلك يعود إلى وجود خلل كبير في السياسة الخارجية اللبنانية وفي سياسة لبنان في علاقته مع الدول العربية ومع أسواقه في الدول العربية. وهذا الخلل لا يسهم في إيجاد فوائض في ميزان المدفوعات، وهو الأمر الذي يشكو منه لبنان ويؤدي إلى هذه الأزمة في سوق القطع”.
وأشار السنيورة إلى أن “هناك 4 امور اساسية يعاني منها لبنان، فالامر الاقتصادي لا يعالج بمعزل عن المعالجات السياسية، هناك مشكلة اساسية بالسياسة إذ إن هناك انحسارا كبيرا وكاملا في مستوى الثقة ما بين الناس والدولة اللبنانية والحكومة اللبنانية، وكذلك بين المواطنين وبين المجتمع السياسي. وهذا الذي جرى ويجري منذ 5 ايام يعطينا صورة كيف أن المواطنين ضجروا وغضبوا وعبروا عن استيائهم عبر هذه المسيرات التي تحصل ربما للمرة الاولى منذ 1920، اي منذ انشاء لبنان الكبير، اذ اننا لم نر هذه التظاهرات التي شملت لبنان من اقصاه الى اقصاه وجمعت كل اللبنانيين بغض النظر عن انتماءاتهم الطائفية والمذهبية والمناطقية وكلهم يطالبون بالتغيير وبالحكم الصالح”.
وأوضح أن “النقاط الأربع التي ذكرتها هي: أولا، يجب ان تكون هناك جلسات مفتوحة للحكومة، لأنه يتوجب على الحكومة أن تعطي النموذج الصحيح وتعبر عن بعض الجدية. وثانيا، أن تكون هناك جلسات لمجلس النواب ايضا مفتوحة. وثالثا، أن يصار الى تأليف حكومة جديدة مصغرة من اختصاصيين برئاسة الرئيس سعد الحريري. ورابعا، أن يستخلص رئيس الجمهورية العبرة مما جرى وأن يدرك ان هناك انحسارا في صدقية العهد وشعبيته وان يدرك أن التغيير المفروض القيام به وهو الاعتراف، أن هناك خللا لا يمكن رأبه الا من خلال عودة رئيس الجمهورية ليتصرف كرئيس جمهورية. يجب أن نعلم أنه وحسب الدستور اللبناني فإن رئيس الجمهورية هو الشخص الوحيد الذي كرمه الدستور، وذلك لأن رئيس الجمهورية هو الذي يقسم على احترام الدستور وينبغي عليه أن يكون همه الأساسي هو احترام الدستور، وان من واجبه أن يجمع ويحتضن اللبنانيين من حوله. وهذا ما يوجب عليه أن يتصرف كرئيس للجمهورية وان يكون حياديا في علاقته مع جميع الافرقاء السياسيين”.
وتابع: “قلت بوضوح وصراحة ان هناك انحسارا كاملا بالثقة بين المواطنين والطقم السياسي في لبنان، ولذلك طالبت رئيس الجمهورية بأن يتصرف كرئيس للجمهورية لا كرئيس للتيار الوطني الحر وأن يكون عادلا وحياديا في علاقته مع جميع اللبنانيين. كما طلبت من رئيس الحكومة أن يتصرف كرئيس حكومة من خلال حكومة جديدة من اختصاصيين وغير حزبيين، وذلك بطريقة تستطيع فيه الحكومة الجديدة البدء بوضع لبنان على مسار استعادة الثقة. واستعادة الثقة لا تكون من خلال الوعود فقط، المواطنون يريدون ان يروا افعالا إذ أنهم سئموا الوعود”.
وعند سؤاله عن مطالبة المتظاهرين باستعادة الأموال المنهوبة، قال: “هذا الأمر طبيعي وضروري، ويجب ان تكون الامور واضحة لأن ليس هناك من امكان في أن يكون هناك مسؤول في الدولة يكون بعيدا عن المساءلة والمحاسبة إذا كان يتولى مسؤولية عامة، وبالتالي هذا الامر يجب ان يكون واضحا امام الجميع أنه ليس من الممكن ان يكون هناك أحد على رأسه اي خيمة تحميه من المساءلة، هذا يجب ان يكون واضحا. يجب التأكيد هنا ومرة جديدة على أهمية أن يؤكد رئيس الجمهورية والحكومة أهمية العودة إلى احترام اتفاق الطائف لأن هناك خللا كبيرا قد طرأ على التوازن الداخلي في لبنان. وذلك الى جانب الخلل الفادح الحاصل في التوازن الخارجي وسياسة لبنان الخارجية. وهنا تكمن أهمية التأكيد على احترام اتفاق الطائف وكذلك العودة إلى احترام الدستور وإلى إقدار الدولة على ممارسة صلاحيتها وسلطتها وهيبتها الكاملة على كامل أراضيها ومرافقها، والعودة الى التأكيد على حيادية القضاء وحيادية الدولة والتأكيد على ايلاء الامور للمسؤولين في لبنان على اساس الكفاءة والجدارة وان ليس هناك من مسؤول يكون غير خاضع للمساءلة والمحاسبة”.