بدا واضحا من التحركات الشعبية التي حافظت على زخمها الاثنين، بعيد جلسة مجلس الوزراء، ان ورقة الاصلاحات التي اقرتها الحكومة لم تنل رضا الشارع، وأن جرّة الثقة انكسرت تماما بين اللبنانيين والسلطة الحاكمة. وفي وقت بقيت، لليوم السادس على التوالي، الطرقات مقطوعة والمتظاهرون على الارض، استأنف رئيس الحكومة سعد الحريري نشاطه في السراي ملتقيا، تباعا، سفراء مجموعة الدعم الدولي للبنان.
وبحسب ما تقول مصادر سياسية لـ”المركزية”، فإن الحريري، وبعد ان عزز موقفه بورقة الاصلاحات الوليدة، سيسعى الى تسويقها لدى المجتمع الدولي، ليكسب دعم العواصم الكبرى لحكومته في وجه موجة الاحتجاجات العارمة التي تواجهها. وفي السياق، نقلت “رويترز” عن مستشار للحكومة اللبنانية قوله: “نعتقد أن القرارات الإصلاحية التي اتخذت أمس سيكون لها رد فعل إيجابي للغاية ونقدر أن يبلغ النمو الاقتصادي صفرا بالمئة في 2020”.
والحال ان الدول الكبرى عبّرت في الايام الماضية عن تفهّمها لا بل تأييدها لغضبة الشعب اللبناني، وقد اعتبرت انه ناتج عن تلكّؤ الحكومة عن القيام بواجباتها الاصلاحية كما يجب، على مدى سنوات. وفي السياق، أكدت الخارجية الأميركية دعمها حق اللبنانيين في التظاهر السلمي معتبرة أن عقودا من الخيارات السيئة وضعت لبنان على حافة الانهيار الاقتصادي. وشددت لقناة “العربية” على أن تطبيق لبنان للإصلاح يفتح الباب أمام الدعم المالي الدولي آملة أن تدفع هذه التظاهرات بيروت للتحرك نحو الإصلاح الاقتصادي.
من جانبه، اعلن الناطق الرسمي باسم وزارة الخارجية الفرنسية حرص باريس على استقرار لبنان، لاسيما على الصعيدين الاقتصادي والاجتماعي. وقال ردا على سؤال في شأن التظاهرات في لبنان: “نحن ملتزمون التزاما كاملا بتنفيذ كامل القرارات التي اتخذت في مؤتمر “سيدر” من اجل تحقيق التنمية في لبنان عبر الاصلاحات. ويتمثل التزامنا في انعاش الاقتصاد اللبناني واضطلاع الدولة اللبنانية بتوفير الخدمات العامة مباشرة لجميع اللبنانيين من خلال تنفيذ الاصلاحات المرتقبة وتمويل المشاريع المحددة. ونعمل مع شركاء لبنان الدوليين ومع الحكومة اللبنانية في هذا الصدد”.
فهل تقنع الوثيقة الحكومية الجديدة التي يتسلح بها الحريري الدولَ المانحة فتعطي السلطة فرصة جديدة وتؤمّن غطاء خارجيا لها؟ تجربة هذه الاطراف مع الحكومة اللبنانية غير مشجعة، تجيب المصادر، وقد أكدت مواقف السفير المكلف متابعة مقررات “سيدر” بيار دوكان هذه الحقيقة. الا ان الخارج، تتابع المصادر، متمسك باستقرار لبنان ويخشى من اهتزازه، كما يقلقه غياب البديل وافتقاد الحراك الشعبي الى رأس او خريطة طريق واضحة للمرحلة المقبلة. وتضاف الى هذه العوامل التي ستساهم في تكوين موقف الخارج، شبكة علاقات الرئيس الحريري الواسعة والعابرة للقارات التي سيسعى ليوظّفها لصالح حكومته.
على اي حال، وعلى اهمية موقف المجتمع الدولي في تحديد مصير الحكومة، ترى المصادر ان الكلمة الفصل في هذه القضية تبدو حتى الساعة في يد الشارع اذا عرف كيف ينظم صفوفه ويمنع السياسة من نخره.