هي فرصة ذهبية اقتنصها “حزب الله”، قد لا تتكرر. على قاعدة ربّ ضارة نافعة، تمكن الحزب من تحويل حملته التي لطالما ارتكزت حتى 17 تشرين الاول الجاري (ليلة انطلاق الانتفاضة) على المواقف، الى تحركات في الميدان قد تؤدي او لا تؤدي الغرض، الا انها حكما تخدم مصلحته في استهداف المصارف التي تنفذ سياسة العقوبات الاميركية المفروضة عليه. اكثر من قيادي ومسؤول في الحزب كان لوّح بخطوات عملية ردا على العقوبات من ضمن خطة طريق مواجهة اعدها، بيد ان ثورة الشارع استبقتها.
صحيح ان الحزب ليس في الثورة، لا بل مستهدف كما سائر القوى السياسية بالانتفاضة الشعبية على الطبقة الحاكمة تحت شعار “كلن يعني كلن”، وربما اكثر، لكنّ الصحيح ايضا ان توجيه بوصلة جزء لا بأس به من شعب الثورة انتفاضته في اتجاه مصرف لبنان وحاكمه رياض سلامة وجمعية المصارف تقدم خدمة ثمينة للحزب من حيث يدري المعتصمون او لا.
بغض النظر عن اهداف هؤلاء، ولماذا يرفعون الصوت في وجه “المركزي” المسؤولة عنه السلطة السياسية التي لولا موافقتها على سياساته لما استمر حاكمه رياض سلامة حتى اليوم، والمصارف وهي قطاع خاص يبتغي الربح كما سائر القطاعات والشركات الخاصة، فإن اوساطا سياسية سيادية تؤكد لـ”المركزية” ان الحملة التي يتعرض لها المصرف المركزي وحاكمه والمصارف تقودها من بعيد قوى 8 اذار بدعم خارجي، لاسيما ايران وسوريا، ويحركها حزب الله، بريموت كونترول بعض الاحزاب التي يمون عليها، فهو لن يجد مناسبة افضل من الحالية ليمد المتظاهرين بوقود التصويب على المصرف المركزي عن طريق شعارات تدغدغ مشاعرهم وتتقاطع وشعاراتهم عنوانها “سرقة مال الشعب ونهب المال العام والاثراء غير المشروع”.
وتوضح الاوساط ان السبب في قيام هذه الحملة مرتبط مباشرة بإعلان المركزي والمصارف التزامها بتنفيذ العقوبات الاقتصادية الاميركية على حزب الله وايران.. وتطالب هذه القوى بمحاسبة القطاع المصرفي محاولة تحميله مسؤولية الفساد في خطة لإبعاد سيف المحاسبة عنها. وتشير الاوساط الى ان هذه القوى بالذات هي عنوان الفساد، لأنها استخدمت مؤسسات الدولة لمصلحتها وضربت بالقوانين عرض الحائط وتصرفت بمنطق فائض القوة باعتبار انها فوق المحاسبة وفوق القوانين والدستور والبيانات الوزارية وخطابات القسم الرئاسية، والامثلة اكثر من ان تحصى، من فضيحة الكبتاغون الى الادوية المزورة الى التهريب عبر المعابر غير الشرعية وعبر المرفأ وغيرها من الملفات التي تبين ان هذه القوى متورطة فيها. وكم من مرة رفض حزب الله تسليم مسؤولين في الحزب الى التحقيق بحجة انهم مسؤولون في المقاومة، واعتبر المتهمين من المحكمة الدولية في جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري في مصاف القديسين.
وتلفت المصادر الى ان حزب الله والقوى التي تدور في فلكه تحاول عبر التظاهرات رمي عصفورين بحجر، فهي من ناحية تسعى للتعمية على فسادها وفضائحها التي تتخطى بأشواط فضائح سرقة المال العام ونهب الدولة، ما دامت سرقت حلم اللبنانيين بوطن سيد حر مستقل، تارة بتأييدها الاحتلال السوري وأخرى بنقل شباب لبنان الى الميدان السوري للاستشهاد فداء قضية اقليمية لا تمت الى لبنان بصلة خارقة سياسة الحكومة بالنأي بالنفس وطورا بتغليب مصلحة الجمهورية الاسلامية الايرانية على مصالح لبنان وإعلان الاستعداد للتضحية بكل شيء دفاعا عن ايران.
وتختم الاوساط بالاشارة الى وجوب تنبّه الشارع المنتفض لمحاولة حرفه عن مساره وهدفه من اجل تحقيق مآرب سياسية واستغلال مطالبه المحقّة في اتجاهات لا تخدم شعار بناء الدولة النظيفة التي يقاوم لاجلها في ساحات الانتفاضة.