Site icon IMLebanon

صيدا في اليوم السابع.. دروس التربية الوطنية في الساحات

كتب محمد دهشة في صحيفة “نداء الوطن”:

إختصر “الدرس الوطني” في “الهواء الطلق” في صيدا، مشهد انضمام المعلمين والطلاب معاً، الى حركة الثورة الشعبية في لبنان، وانتقلوا إلى ساحة الحرية – “تقاطع ايليا”، بلا مقاعد أو الواح خشبية خضراء، فقط حملوا الاقلام وكتبوا العبارات التي تعبر عن وجع المعلمين ومطلبهم في التثبيت وعن أحلام الطلاب وخوفهم على مستقبلهم.

شهد “اليوم الصيداوي” الاحتجاجي في نهاية أسبوعه الاول، تطوراً بارزاً تمثّل بتشدّد الجيش اللبناني في منع قطع الطرق لكن من دون استخدام القوة، مقابل إصرار المحتجّين على إقفالها صباحاً، وحرصهم على عدم التصادم معه، فشلّت الحركة وأقفلت غالبية المحالّ التجارية في الاسواق، الى جانب المدارس الرسمية والخاصة والجامعات والمعاهد والمصارف، باستثناء بعض الصيارفة، فيما زوّد الصرّاف الآلي بالاموال ولكن لم يتمكّن المواطنون من سحب أكثر من مئتي دولار اميركي فقط.

عند تقاطع “ايليا”، إحتشد المعلمون والطلاب، ترجمة لقناعتهم، بأن الدروس التربوية ليست تعليمية فقط ، فالدرس الوطني في الهواء الطلق يعني أن تكون الكيمياء اندماج كل المواطنين بعيداً من الطائفية والمذهبية تحت راية العلم اللبناني، والجغرافيا ان تزول النعرات وحدود المناطق، والتاريخ أن يكتب من ساحات الاحتجاج وفق ما يريده الشعب.

ورفع المشاركون لافتات تتضمن مطالبهم ومنهم المعلمون المتعاقدون “ما بدنا ضمان ولا بدل نقل بدنا تثبيت”، “نحن مش مستعان فينا نحن مستهان بنا”، “لولا المعلم لما بنيت الاوطان”، “كرامة المعلم من كرامة الوطن”، والطلاب: “لقد سرقتم احلامنا”، “ليش بدي ادرس وانا ما الي مستقبل”، “نتعلم من اجل مستقبل لا نضمنه في بلدنا”، “من حقي حل امتحاناتي بلا كاميرا فوق رأسي”، ليخلصوا معاً “وانكسر القيد، لكم طوائفكم ولي لبناني”، “من ساحات النضال تكون دروس التربية الوطنية”، و”البلد اغلى من شهادتنا، نحن دوامنا بالثورة.. الاضراب مستمر”.

على مدى ثلاث ساعات، تحولت الساحة الى منبر مفتوح، صدح فيه النشيد الوطني أكثر من مرة، فيما عبّر المشاركون عن آرائهم، وخاطبتهم المعلمة حصن بربر من “متوسطة معروف سعد الرسمية” بالقول: “حرصاً على كرامة ابنائكم، عبدوا لهم طريق المستقبل، تابعوا ثورتكم ولا ترضخوا لثلة من المرتزقة، ان ارسلت ابنك الى المدرسة او الجامعة قبل أن تغيّر، كن على يقين بأنك قد طرزت له الكفن بأناملك، عزيزي الطالب انت اليوم، لن تخسر شهادتك المتوسطة او الثانوية او درسا في الرياضيات والفيزياء، انت اليوم تتعلم أعظم درس في تاريخ البشرية جمعاء، وهو “علموني كيف أخلع رداء العبودية”.

بينما قالت المعلمة حياة زهرا لـ “نداء الوطن”: “أنا من المعلمين المستهان فيهم، أريد حقي في التثبيت، لقد مضت خمس سنوات وما زلت من المتعاقدين، لماذا هذا الظلم وانا مثل زميلاتي مجازة من الجامعة؟ نريد العدالة والمساواة الاجتماعية والتربوية”.

وأكدت المعلمة رنا أبو غوش لــ “نداء الوطن”: “اتحدث باسم كل الاساتذة المتعاقدين في لبنان، لقد قسمونا وأصبحنا طبقات، بعضنا متعاقد والآخر على الصندوق والثالث اساسي، نريد حقنا في التثبيت وخاصة اننا نخضع لدورات ورقابة مثل كل المعلمين”. بينما شددت المعلمة ليال همدر، من مدرسة صيدا المتوسطة الرسمية، على أن “وجع المتعاقدين كبير ويمتد منذ سنوات، لم يستجب احد لمطلبنا، لا نريد ضماناً ولا معاشاً شهرياً، نريد حقنا في التثبيت، مثل الاساتذة الآخرين ففي المدارس الخاصة بعد ثلاثة اشهر يتم تثبيتهم، فلماذا نحن محرومون من هذا الحق الطبيعي؟”.

بينما قالت السيدة جويل، التي حرصت على رفع العلم اللبناني وارتداء كنزة عليها “الجمهورية اللبنانية”: “لبنان لنا ولن نتركه لأصحاب السلطة، هم سبب الارق والقلق على مصيرنا ومستقبل اولادنا، نريد ان نبني وطناً جميلاً لنحقق فيه احلامهم في العلم والعمل، بعيداً من المحاصصة والمحسوبية والوساطات”. وقال الطالب علي حنينة: “جئت الى ساحة الاعتصام كي ادافع عن مستقبلي، يريدون ان يسرقوا احلامنا ولن نسمح لهم”.

وعبّرت الفنانة التشكيلية الصيداوية رندة الزورغلي عن تضامنها مع المتظاهرين على طريقتها، حيث قامت برسم تعبيري على جدار في ساحة الاعتصام، تميز بنبذ الطائفية والوحدة بين مختلف الطوائف والوحدة الوطنية بأسلوب فني راقٍ ، وشاركها بالرسم عدد من المتظاهرين.