كتب مايز عبيد في “نداء الوطن”:
أقفل الأسبوع الأول للثورة على احتجاجات ضخمة في مدينة طرابلس، حيث تضامنَ المُعتصمون في ساحة النور مع المعتصمين في منطقتي جل الديب والزوق، ورفعوا شعارات التضامن مع الجيش اللبناني، وطالبوه بعدم القبول بزجّه في مواجهات مع أهله وشعبه.
تثبت طرابلس يوماً بعد يوم من أيام الثورة، أنها العاصمة الثانية للبنان وساحة عبدالحميد كرامي هي ساحة للثوار الأحرار نحو لبنان الجديد، الدولة، الشرعية والعدالة الإجتماعية. وعليه لم تمنع الأمطار المتفرّقة، التي هطلت في اليوم السابع على الثورة، الناس من الحضور إلى طرابلس، سواء من المناطق المجاورة أو حتى من المدينة نفسها، التي نزل أهلها إلى ساحة الثورة تماماً كما في اليوم الأول بحشود كبيرة اعتباراً من ساعات الصباح الأولى، حاملين الأعلام اللبنانية والرايات ورافعين اليافطات المطالبة بالتغيير وإسقاط النظام وإعادة الحقوق للشعب المنهوب من السلطة.
وتميّز مساء اليوم السابع للثورة بأمرين أساسيين. الأول، أن أعداد المتظاهرين كما قيل، تخطت المئة ألف احتشدوا في ساحة النور والشوارع والساحات القريبة، والأمر الثاني كان رسم العلم اللبناني الذي غطى مبنى “الغندور” المجاور لساحة النور، وكتبت عليه شعارات عدة كـ “من طرابلس شكراً للجيش والقوى الأمنية وبلدية طرابلس”، و “طرابلس مدينة العيش المشترك”. وما ميّز اليوم السابع أيضاً في نهاره، وصول وفد ديني مشترك من المشايخ والآباء إلى ساحة الإعتصام في تأكيد على الوحدة الوطنية بكل تجلياتها في هذه المدينة التي انعكست بأبهى حللها في ثورتها.
مع ساعات المساء بدأت الأعداد تزداد والناس توافدت بشكل كبير إلى ساحة النور. المطالب معروفة والشعارات مرفوعة. أبو أيمن (60 عاماً) من المتظاهرين يقول لـ”نداء الوطن”: “ما دفعني إلى النزول إلى هذه الساحة ومشاركة الشعب اللبناني ثورته، أنني بعد كل هذا العمر للمرة الأولى أرى طرابلس وساحة عبدالحميد كرامي بهذا الشكل. لم أرَ ما هو جميل قدمته السلطة والحكومات التي تعاقبت لهذا الشعب. لم نرَ إلا الفساد والفقر وتجويع الناس، بينما هم ازدادت ثرواتهم مئات الأضعاف. اليوم أنا هنا لأقول “كلن يعني كلن” ربما أولادي وأولاد أولادي بيعيشو بأمان من بعدن”.
وأكدت باسمة من صبايا الثورة “الإستمرار في التظاهر والإعتصام حتى تحقيق المطالب التي نزلنا لأجلها. هذا ليس وقت المدارس والجامعات ولا لأي شيء، هذا وقت الإنتفاضة، وتغيير الواقع اللبناني المؤلم”. كما أشارت آمنة وهي طالبة في الجامعة اللبنانية إلى أنها “مع زملائها وزميلاتها هنا في الساحة منذ اليوم الأول”. كل يوم تنزل من عكار مع زميلات لها من المنية والضنية. “لا مجال للعودة إلى الجامعة أو إلى المنازل قبل الوصول إلى تحقيق المطالب وفي مقدمها: تأمين التعليم لكل اللبنانيين بالتساوي وإنشاء جامعات في المناطق النائية والوصول إلى الدولة العادلة التي يحلم بها جميع اللبنانيين”.
عكار وزغرتا والكورة
ومع أن ساحة النور في طرابلس هي ساحة مركزية للإعتصام في الشمال، إلا أن الناشطين في عكّار استمروا عبر مواقع التواصل الإجتماعي بدعوة الناس للنزول إلى ساحتي حلبا والعبدة دعماً للمتظاهرين ليكون صوت عكار أقوى في هذه الثورة. أيضاً ما زال الزغرتاويون على حراكهم الثوري في زغرتا بينما ساحة النور هي المتنفس الأساسي لهم… وكذلك أهالي الكورة استمروا بالاعتصام سواء في كفرحزير أو في مناطق أخرى. بقيت الأعلام اللبنانية في ساحة النور طاغية. أعضاء من حراس المدينة يقدمون ما تيسّر من المياه والأطعمة من محلات توزعها عليهم بالمجان، في رسالة لدعم حراكهم وصمودهم في الساحة، وللتأكيد أنّ “طرابلس التي تراهن السلطة على تراجعها، لن تتراجع لأن كل الشعب اللبناني يراهن على طرابلس وثورتها”… وهم يقولون: “مستعدون لتقديم أرواحنا فداء لهذه الثورة وليس فقط الماء والأطعمة”.يقفل الأسبوع الأول على الثورة الطرابلسية والناس هنا في تأكيد يومي: “ما نزلنا لنرجع… وإذا بدن يانا نطلع من الشارع والساحات يفلوا وكل شي بينحل”.