منطلقاً من شعار “بيّ الكل” الذي رفعه عنواناً لعهده منذ انتخابه رئيساً للجمهورية، توجّه الرئيس ميشال عون الى ابنائه المتظاهرين في الطرقات في مناطق عدة مقرّاً بوجعهم المعيشي الذي يئنّون تحته منذ سنوات، داعياً ايّاهم الى “قصر الشعب” كما يسميه للحوار وتبادل الطروحات من اجل الخروج من الازمة القائمة بالتعاون والتعاضد وباقل كلفة ممكن.
تحت هذا العنوان، اتت رسالة الرئيس عون امس الى اللبنانيين متضمّنةً خريطة طريق للخروج من الازمة ودعوة للمحتجّين لملاقاته في منتصف الطريق-وهو الذي لطالما احتكم الى الشارع وطبع على جدرانه ثلاثية “سيادة حرية استقلال” التي لا تزال حناجر اللبنانيين تصدح بها.
وتقول اوساط في “التيار الوطني الحر” لـ”المركزية” “ان رسالة الرئيس عون اتت بمستوى الازمة القائمة وتمت صياغتها بكثير من الدقة لتلاقي المطلوب في هذه المرحلة. فرئيس الجمهورية، اقرّ صراحةً بمطالب المتظاهرين وهو اصلاً نادى بها حتى قبل انتخابه. فكان اوّل من اطلق شعار محاربة الفساد ومحاكمة والمُفسدين واستعادة الاموال المنهوبة. ولم يكتفِ بالشعارات بل ترجمها اقتراحات ومشاريع قوانين داخل الحكومات المتعاقبة التي شارك فيها وفي مجلس النواب ايماناً منه بأن لبنان منهوب وليس فقيراً”.
واعتبرت الاوساط “ان الرئيس عون قام بواجباته في سماع ما يطلبه ابناؤه، ولم يتردد في الاستجابة لهم باعلانه الاتّجاه نحو اجراء تعديل في التركيبة الحكومية بالتزامن مع البدء بتطبيق الورقة الاقتصادية. وتبقى الان الكرة في ملعب المتظاهرين في تشكيل وفد يُمثّل مجموعات الحراك في مختلف المناطق ووضع ورقة بمطالبهم للقاء رئيس الجمهورية كما اعلن، ومناقشتها ليتم على اساسها إعادة النظر في الوضع الحكومي مع الاخذ في الاعتبار الوضع الاقتصادي الهشّ”.
ولفتت الى “ان من يُلبّي دعوة رئيس البلاد الى الحوار، يكون فعلاً من الذين ينتفضون واهدافهم واضحة في رفض الواقع الاقتصادي القائم، اما الذين سيصمّون اذانهم للحوار والنقاش متمسكّين بمطلب إسقاط النظام، فإن اهدافهم “مشبوهة” ولا تُعبّر عن وجع لا اقتصادي ولا معيشي، خصوصاً انهم يعلمون جيداً ان اسقاط النظام في الشارع في بلد معقّد بتركيبته الطائفية بعيد المنال، وان المؤسسات الدستورية هي المكان الافضل والاصح لاجراء تعديلات في النظام او حتى تغييره”.
وفي مقابل استجابة الرئيس عون لمطالب المتظاهرين وفتح ابواب “قصر الشعب” امامهم للحوار من اجل الاتّفاق على كيفية الخروج من الازمة، شددت الاوساط البرتقالية على ضرورة فتح الطرقات امام اللبنانيين للسماح لهم بتسيير شؤونهم اليومية. اذ لا يجوز لمن يُعبّر عن رأيه ان يمنع غيره من ممارسة حياته الطبيعية. البلد مشلول منذ اكثر من اسبوع والناس “مسجونة” في منازلها لانها لا تستطيع التنقّل بحرية بسبب استمرار قطع الطرق”.
وشددت الاوساط على “ضرورة المحافظة على الهدف النبيل للحراك القائم وهو الوجع الاقتصادي الذي اجتمع تحت رايته كل اللبنانيين متجاوزين اختلافاتهم الدينية والسياسية والمناطقية وتفويت الفرصة على اي فريق سياسي “لركوب الموجة” تحت عناوين مختلفة ولاهداف بعيدة من الشارع، خصوصاً ان اي “دعسة ناقصة” في هذا المجال قد تأخذنا الى الفوضى. من هنا ضرورة الاستجابة لدعوة الرئيس عون للحوار من اجل الخروج بحلّ مشترك للازمة يُجنّبنا الانهيار الاقتصادي والمالي”.