كتب عيسى يحيى في “الجمهورية”:
لا يزال أهالي بعلبك ينتفضون في وجه السلطة السياسية والنظام الطائفي الفاسد، وفيما كان الرهان أن تتسع المشاركة تعبيراً عن مدى الحرمان الذي تعانيه المنطقة، تبقى التطلعات إلى الأيام المقبلة وما تحمله من تطورات.
يواصل أهالي بعلبك رفع صوتهم ومطالبهم المعيشية والسياسية، حيث يتجمعون في ساحة خليل مطران وسط المدينة، ويفسحون المجال أمام المواطنين لممارسة حياتهم الطبيعية، ثم يعاودون التجمّع مساء حتى ساعات الليل المتأخّرة. وبدأ التجمّع أمس متأخّراً بسبب كلمة السيد حسن نصرالله والتخوّف من صدامات قد تحصل نتيجة الدعوات التي وجّهت عبر وسائل التواصل الإجتماعي، والتي دعت إلى تنظيم مسيرات شعبية تأييداً لكلام نصرالله في قرى البقاع ودورس وغيرها.
ورفع المعتصمون لافتات كُتب عليها: «دعم الجامعة اللبنانية ومنع التدخّل السياسي فيها»، «أين المشاريع الإنمائية لبعلبك الهرمل»، «السرطان كتير منتشر فتشوا عن سم الأكل والشرب»، «بدنا ضمان شيخوخة وضمان إجتماعي مش منهوب»، إضافة إلى الشعارات التي تطالب برحيل السلطة واستقالة الحكومة وغيرها، حين اعتصامهم في الخامسة والنصف بوتيرةٍ أقل من كل يوم، إذ اقتصرت على العشرات، على وقع أهازيج الدبكة البعلبكية والأغاني الوطنية والثورية، رافعين الأعلام اللبنانية وسط أجواء من البرد والشتاء المستمر في المنطقة لليوم الثاني على التوالي دون أن يدفع الناس الى الخروج من الشارع.
تقول هبة رعد: «من حقي أتعلم بجامعة في بعلبك مش أتعذب على زحلة وبيروت كل يوم». وتطالب الدولة ببناء جامعات في بعلبك، وتشيد بالحشد الذي يزداد يوماً بعد يوم في المدينة والمكوّن من مسلمين ومسيحيين. ويؤكّد علي اللقيس، أنّ الإعتصام باقٍ حتى تحقيق المطالب «ولا شيء سيجعلنا نخرج من الشارع لا تهويل ولا غيره».
وفيما يستمر الإعتصام اليومي في بعلبك حتى ساعات متأخّرة من الليل، فُضّ أمس باكراً نتيجة المسيرات التي نظّمها «حزب الله» في بعلبك تأييداً للسيد نصرالله، حيث جابت السيارات والدراجات النارية شوارع بعلبك من مسجد رأس الإمام الحسين في رأس العين، وصولاً إلى السوق التجارية وسط الشتائم ضد الرئيس الحريري و»القوات اللبنانية»، ومن هناك إتجهت إلى دورس مقتربةً من التجمع في ساحة المطران في مشهدٍ إستفزازي ملاقاةً للتجمع الكبير الذي حصل عند دوار الجبلي من أنصار «حزب الله» ومحازبيه. وكان طريق دوار الجبلي في محلة دورس فُتح أمس أمام السيارات والمارة بعد أن قُطع ليل أمس بالسيارات وأعداد من المحتجين. كذلك شهدت بلدة عرسال إعتصاماً في ساحتها مناصرةً للثورة في كل لبنان، حيث رفض أبناء البلدة تدخل عدد من الإنتهازيين وفق قولهم، والذين أرادوا ركوب موجة الإعتصام لتحقيق مآرب خاصة. وفتح الجيش الطريق في محلة الفاكهة بعدما قطعه إحتجاجاً عدد من أبناء البلدة وبلدات الزيتون والعين. وكان عدد من شبان الفاكهة والزيتون قطعوا الطريق تضامناً مع الثورة، لكن بعد كلام السيد نصرالله جابت مئات السيارات من العين واللبوة والنبي عثمان المنطقة محاولةً فتح الطريق، ما دفع الجيش للفصل بين الطرفين، فعمد انصار «حزب الله» الى تكسير وتحطيم سيارات أبناء الفاكهة والزيتون المتوقفة على الطريق، ثم اطلاق النار في الهواء.