كتبت مريم سيف الدين في “نداء الوطن”:
تَحرّك الشارع وسبق النقابات التي كان يفترض بها أن تكون المطالب الأول بحقوق العمال، والمحرّض للتحرك بمواجهة السياسات الإقتصادية التي تنقضّ على حقوقهم.
يبدو أن معظم النقابات لم تستيقظ بعد من ثباتها وتصرّ على تضييع الفرصة لاستعادة دورها، ولا تزال رهينة السلطة. ولربما تخشى أن تطاولها المحاسبة هي أيضاً، في حال تمكّنت ثورة اللبنانيين من تحقيق مطلب المحاسبة. فنأى الاتحاد العمالي العام بنفسه عن التحركات على الرغم من اعتباره “الهيئة الأكثر تمثيلاً للأجراء على جميع الأراضي اللبنانية”، وفضّل التفرج على التحركات، والوقوف على الحياد ظاهرياً وفي صفّ السلطة فعلياً. وهو ما يظهر موقف رئيسه بالإنابة حسن فقيه في حديث لـ”نداء الوطن”، فعلى الرغم من اعتباره أن ما يصفه بالحراك حقق أموراً إيجابية غير أنه يعبّر عن توجّسه منه، بحجة الشعارات السياسية. وكأن مطالب العمال منفصلة عن السياسة! وكأنها ليست رهينة السياسيين.
والمفارقة أن فقيه نفسه يعبر عن مواقف ومطالب سياسية. في حين يعارض رئيس اتحادات النقل البري في لبنان بسام طليس قطع الطرق بحجة انقطاع الدواء والبنزين (وهي حجة استخدمتها السلطة لمهاجمة الثائرين) يطمئن رؤساء النقابات المعنية أن لا أزمة، ويضعون هذا الكلام في إطار التهويل. بينما يكتفي نقيب المحامين في بيروت أندره الشدياق بالبيان الذي أصدرته النقابة، فيرفض الحديث لـ”نداء الوطن”، بالنسبة إليه لا جديد بين اليوم السابع والثامن من التحركات. بينما ترفض نقابات أخرى إعلان مواقف مما يجري خوفاً على مصالح أعضائها التي قدّموها على مصلحة العمال الذين تمثلهم هذه النقابات. وعلى الرغم من تخاذل الاتحاد العمالي العام ونقابات كثيرة، غير أن نقابات ونقابيين آخرين أعلنوا تأييدهم لثورة الشعب بعيداً من الحسابات السياسية والتعويل على سلطة مأزومة.
من يقود الحراك وما عنوانه؟
التحرّك مهم بدليل أن الحكومة أقرت خلال 72 ساعة 20 بنداً إصلاحياً. لا يمكن لعاقل أن يكون ضد أي تحرك من أجل لقمة العيش ورفع الحرمان ومحاربة الفساد. من إيجابيات هذا التحرك كسر الحواجز الطائفية ويجب الاستثمار به لإلغاء الطائفية السياسية. الناس بدأت بالامتعاض، لكننا لا نعرف من هي مرجعيتهم بالمعنى العملي، وندعوهم إلى فتح الطرق. فعندما قامت نقابتنا بالاضرابات لم تقفل الطرق بمعنى التسكير، فالتسكير سيف ذو حدين. أنا سائق أجرة إن لم أعمل لن آكل. وبسبب الإقفال لا يمكن إيصال الوقود إلى المحطات ولا الأدوية للصيدليات. فلينظموا أمورهم وليتركوا المجال للحركة العادية. لتستمر التحركات يجب أن تنظم لتبقى عاطفة الناس معهم، إغلاق الطرق لن يضيف العاطفة. والسؤال: من يقود هذا الحراك وما هو عنوان المشاركة فيه؟ لا أرى عصياناً مدنياً، ولا يمكنهم القيام بعصيان مدني فكل من يخطو خطوات كهذه لا يرغب بالإصلاح.
*بسام طليس
رئيس اتحادات النقل البري في لبنان
الشارع الخيار الوحيد
بدأنا بالحراك منذ العام 2010 نتيجة تخاذل الاتحاد العمالي العام. وكنا شركاء بكل التحركات، وإن تراكمها الآن فرض الوصول إلى هذه المرحلة التي كسرت هاجس الخوف، ومن المفترض ان تشارك كل النقابات. لكنهم دجّنوا الاتحاد العمالي العام وسيطرت عليه أحزاب السلطة وأصبح في مكان آخر. وغداً سيقولون لنا إنه الممثل الشرعي الذي سيفاوض باسم العمال! والحقيقة أن الناس سبقت الجميع إلى الشارع وسبقت قياداتها. فشكلت التحركات فرصة مهمة للنقابات لكنها اصطفت في مكان آخر، اليوم ولاءاتها حزبية وطائفية. نسعى لقيام حركة نقابية مستقلة ولا نزال في بداية الطريق. ولا يمكننا أن نكون إلا مع الشارع فهو الخيار الوحيد لتحقيق المطالب.
*كاسترو عبدالله
رئيس الاتحاد الوطني لنقابات العمال والمستخدمين في لبنان
أيّ حزب يحاول قمع الثورة يكتب نهاية حضوره
لسنا بحاجة اليوم لدعوة الناس للتظاهر فهي تشارك وتدعو من تلقاء نفسها. ونحن أمام نظريتين مهمتين، الأولى تقول بأنه لا يجب تعيين قيادة للثورة في هذا الوقت، لأن أي قيادة تُعيّن اليوم قد تُضرب، وستواجهها السلطة بالترهيب والترغيب. لذلك نقول إن من الأفضل أن تأخذ التحركات مداها طالما الهدف إسقاط الحكومة، بعد أن تسقط نتحدث عن اختيار قيادات. أما وجهة النظر الثانية فتقول بضرورة أن تكون للثورة قيادة تتحدث باسمها. رئاسة الجمهورية اليوم بحاجة للتحدث إلى الناس، لكن هل وصلت الثورة لهذه الحاجة؟ بمجرد سقوط الحكومة تصبح على الثورة مسؤولية أن تكون قيادتها حاضرة. ليس علينا أن ننسى ما حصل في “14 آذار” حيث قتل نحو 14 من قياداتها ويجب ان نأخذ في الاعتبار الخطر على الشخصيات في حال تسميتها. هي ثورة أيّدها معظم اللبنانيين ومن أرقى الثورات التي يمكن أن يشهدها العالم. ولا خوف على الثورة من الجيش أو من الأحزاب، فأي حزب يحاول قمع التظاهرات يكتب تاريخ نهاية حضوره. فالمشكلة اليوم مع الشارع اللبناني بأكمله لا مع شارع طائفي محدد. والاتحاد العمالي العام يتحمل مسؤولية ما يحدث اليوم، فهو أسقط دوره وهو منسوخ عن السلطة، وهو المسؤول عن إفقار الناس.
*مارون الخولي
رئيس الاتحاد العام لنقابات عمال لبنان
فشل الحراك إنتحار
إتحادنا يضم نحو 23 ألف موظف، أعلنا تأييدنا ومشاركتنا على أوسع نطاق، وملتزمون بموقف الشارع. قبل يوم من التظاهرات كنا في خلية دائمة مع هيئة التنسيق للبدء بالتحركات الهادفة إلى تحسين الأوضاع الاقتصادية وحدّدنا 29 من هذا الشهر موعداً لبدء التحركات ووضعنا جدولاً زمنياً بالاحتجاجات والاضرابات. لكن المشكلة أن كل شخص على الطاولة في الاتحاد العمالي يعود الى مرجعيته السياسية. من الضروري المجيء بحكومة اختصاصيين تثق بها القوى النقابية والحراك الشعبي، وفي ما يتعلق بالورقة الإقتصادية أشك بتساهل المصارف في تسليم الأموال. والمصارف التزمت تسليم الرواتب إلى الموظفين لأنه لا يمكنها محاربة الناس التي ترتبط لقمة عيشها بالراتب. اليوم لا يمكن تبرئة أحد من عملية الهدر، والحراك خطوة صحيحة لتصحيح المسار إذا نجح، أم إن أفشلوه سيكون انتحار بحق الشعب لأن السياسيين لن يتنازلوا ولن يقبلوا بالتغيير والمحاسبة.
*أكرم عربي
نائب الأمين العام لاتحاد نقابات موظفي المصارف وممثل الاتحاد في الاتحاد العمالي
أزمة وقود
لا مشكلة في توافر الوقود، لكن الشركات بدأت تنسحب من إلتزاماتها وتشترط البيع بالدولار والأمر لا علاقة له بالحراك. ونحن كمواطنين لبنانيين لا يمكننا الاصطفاف مع أحد، الظرف عصيب.
*سامي براكس
نقيب أصحاب محطات الوقود
حذرون من الحراك لرفعه الشعارات السياسيّة
سيتابع الاتحاد العمالي العام عمله بشكل عادي، ففي الاتحاد 32 هيئة، تركنا للقطاعات حرية المشاركة بالتظاهرات. لكننا ننتظر لنرى كيف ستنتهي الأمور لنبني على الشيء مقتضاه. ما حصل تجاوز مسألة القطاعات المنظمة وبدأ يطل على المسائل السياسية، ففي المنطقة الشرقية تتخذ الاحتجاجات وجهة سياسية. ونحن حذرون بسبب الشعارات السياسية المرفوعة، لكننا ضد إقفال الطرق لمدة اسبوع بهذه الطريقة. واليوم يلتقي اللبنانيون بالشعارات والمطالبة بلبنان دائرة انتخابية واحدة.
جزء كبير من المطالب الشعبية لطالما عبر عنها الاتحاد في لقاءاته ومؤتمراته. قبل أسبوع من التظاهرات كنا نحضّر لتحرك كبير مع هيئة التنسيق النقابية وحددنا يوماً للإضراب العام وللاعتصام، لكن سبقتنا الأحداث وخلَقَ قرار الضريبة على الواتسآب جواً جديداً. ما حققه الحراك كبير فالسلطة لا تقدم شيئاً إلا تحت الضغط. وأعطينا رأينا بالورقة الاقتصادية ورأينا فيها جوانب ايجابية يجب أن نبني عليها. طرحت الورقة أموراً كانت من المحرمات كالضرائب على المصارف والاقتطاع من رواتب كبار الموظفين، وتنقصها بعض الأمور على رأسها إلغاء الطائفية السياسية والسير بآليات الدولة المدنية وتطوير النظام السياسي لتطوير النظام الإقتصادي. ما حصل تقدم كبير يفترض أن يبنى عليه، فلبنان ليس فقيراً بل أُفقر بفضل السياسات التي أهملت القطاعات الانتاجية.
*حسن فقيه
رئيس الاتحاد العمالي العام بالإنابة
مستلزمات المستشفيات مؤمّنة
لا يوجد أي مشكلة في توافر المواد اللازمة للمستشفيات، على عكس ما يشاع. كل المستلزمات الطبية مؤمنة للمستشفيات ولم تنقطع منذ بدء التظاهرات. كنقابة أصحاب المستشفيات الخاصة نؤيد المطالب التي تخص قطاعنا. المتظاهرون يطالبون بتأمين الرعاية الصحية لجميع المواطنين. ونتفهم ردة الفعل عندما تمر شاحنة محملة بالأدوية على حاجز لشخص عاجز عن شراء الدواء. نتفهم المطالب الطبية والاستشفائية، ولطالما نبهنا لوجود خلل في القطاع الصحي ومن غياب سياسة صحية سليمة وتأمين العناية الطبية للمرضى ولم يستجب أحد لنا. واليوم الناس تنزل إلى الشارع لأنها لا تملك ثمن الدواء ولا قدرة على الاستشفاء.
*سليمان هارون
نقيب أصحاب المستشفيات الخاصة
قطاعنا الأكثر معاناةً
نؤيد الحراك الشعبي وهو مشروع، يجب الالتفات إليه بجدية وعدم اعتباره حدثاً عابراً، وينبغي على الأحزاب عدم استغلاله وأخذه إلى مكان آخر لأنه يعبر عن وجع الناس وتوقها إلى دولة حقيقية. ليس الحراك وليد الساعة إنما هو مخاض عسير بسبب تراكم الأزمات والأخطاء وانتهاك القوانين. دور الإعلام الإضاءة على هذا الواقع وهناك ما يكفي من التغطية. كثير من الزملاء يتعرضون إلى المضايقة في كل المناطق، ونهيب بأبناء شعبنا احترام عمل الصحافي وعدم إسقاط الهوية السياسية للوسيلة التي يعمل فيها الصحافي عليه.
تَجمع النقابة زملاء من كل الأطياف والألوان السياسية، وقسم كبير من المنتسبين يشاركون في التظاهرات، أما النقابة فلا تملك سلطة على المنتسبين وكل الساحات ساحاتهم. لطالما نبهنا من استمرار تجاهل المطالب التي ترفعها القطاعات المهنية وبأنها ستؤدي إلى حالات تمردية تصعب السيطرة عليها، وقطاعنا الأكثر معاناةً. بالنسبة لقرار إلغاء وزارة الإعلام تحدثت سابقاً عن الغاء الوزارة واستبدالها بهيئة، لكن علينا أن نعلم على أي أساس سوف تطبق وما البديل والهيكلية. بعد انتهاء الأزمة ستعقد النقابة خلوة لدرس الموضوع.
*جوزيف القصيفي
نقيب محرري الصحافة اللبنانية