IMLebanon

“التيار” يراجع أخطاءه: العودة إلى العلمانيّة؟

كتبت رلى إبراهيم في صحيفة “الاخبار”:

في اليوم التالي لبدء الاعتصامات، أطل وزير الخارجية جبران باسيل ليقول إن ما يحصل «يصبّ في مصلحة» التيار الوطني الحر والعهد و«يقوّي موقف كل الإصلاحيين». بعدها غاب تماماً عن الشاشة ووسائل التواصل ومناصري التيار. فعلياً، أثّر هذا الغياب على معنويات العونيين، وخصوصا أن الحصة الأكبر من الشتائم والشعارات التي رددها المعتصمون كانت موجهة ضد رئيس حزبهم، في ظل صمت تام لنوابهم ووزرائهم… قبل أن يطلّ باسيل أول من أمس لتهدئة توتر القاعدة وطمأنتها. فعلى وقع كلمة رئيس الجمهورية ميشال عون، زار مركزية التيار في سنتر ميرنا الشالوحي، واستأنف الاجتماعات مع هيئات المناطق واللجان لإطلاعهم على ما يجري والاطلاع منهم على أوضاع مناطقهم، مشدداً على ضبط النفس وعدم الانجرار الى استفزازات تؤدي الى احتكاك لا يريده التيار.

مصادر التيار الوطني الحر تؤكد أن جهازه التنظيمي «في حالة استنفار على كل الصعد». لم يوضع ملف كامل على الطاولة بعد، لكن «يجري العمل للوصول الى نفضة كاملة»، و«مراجعة تفصيلية للأسباب التي دفعت الى تراكم الغضب الشعبي»، وللخطة السياسية التي اعتمدها باسيل منذ أكثر من ثلاث سنوات عندما وضع «حقوق المسيحيين» فوق كل اعتبار، قبل أن يتبيّن أن هذا الشعار لا يسمن ولا يغني من جوع. إذ إن الاعتصامات الحالية التي أسقطت الجدار الطائفي «دليل إضافي على عدم جدوى الخطابات الطائفية».

في مراجعة التيار الوطني الحر نقاط رئيسية:

1- يدرك باسيل جيداً أن القوات تحاول استغلال الشارع للتركيز على رفع شعارات موجهة ضده ولإظهاره كمخرب الجمهورية. كذلك يفعل الحزب الاشتراكي. لكنه بات على يقين بأن الغضب الذي صُبّ عليه، في عكار وجبل لبنان وصور وطرابلس وصيدا وزحلة، يشي بمشكلة «شخصية» معه، لا طائفية، بين متزوجة بأجنبي تحمّله مسؤولية عدم تجنيس أبنائها، وناجحين في مجلس الخدمة المدنية يتهمونه بوقف تعيينهم لأسباب طائفية، وأساتذة متعاقدين يعتبرونه سبب عدم تثبيتهم، وعسكريين متقاعدين يتهمونه بالعمل ضدهم. مقاربة هؤلاء تأتي من منطلق مطلبي بحت وليس من منطلق طائفي. وتؤكد المصادر أن «تغييراً جذرياً سيطرأ على طريقة عمل باسيل في الفترة المقبلة بعدما لمس أن إغلاق صناديق يحميها السياسيون أهون بكثير من المسّ بمكتسبات الموظفين والأمهات».

2- النقاش في الإصلاحات المفترض تنفيذها يقتضي اتخاذ قرارات مباشرة وسريعة، والذهاب سريعاً الى تعديل القوانين التي تحصّن الفاسدين، ما منع إنجاز أي خطوة إصلاحية لمحاسبة الفاسدين واسترجاع الأموال المنهوبة.

يجري التيار مراجعة تفصيليّة لأدائه الذي أوصل إلى انتفاض الشارع اللبنانيّ ضدّه

3- بات واضحاً أن الشارع قال كلمته في ما يخصّ الخطاب الطائفي المبني على استعادة الحقوق. وهو ما رآه التيار الوطني الحر بالعين المجردة بعيداً عن أرقام الانتخابات وغيرها. إعادة النظر هنا جرت تلقائياً: «حقوق المواطنين أهم من حقوق الطوائف، والعدالة الاجتماعية تتقدم على المناصفة والديموقراطية التوافقية». وإذا كان «مجلس الخدمة المدنية عاطلاً وطائفياً، ينبغي تغيير هذا المجلس لأن منع تعيين الناجحين ومنع تعيين حراس الأحراج لم يقرش مسيحياً، بل فاقم النقمة علينا». وتلفت المصادر الى أن «الخطاب الحقوقي الطائفي الذي تنافس عليه القوات والتيار وكان أساس تفاهمهما، لم يلق تأييداً في الشارع، لكننا لم نستمع يومها». لذلك، المراجعة الأهم تحصل على مستوى العودة الى الخطاب العلماني الذي بنى التيار كل شعاراته عليه، في حقبة ما بعد انتهاء الحرب الأهلية. ويصدف أن هذه الشعارات هي نفسها التي يحملها المتظاهرون اليوم في وجه التيار العوني وأركان السلطة.