Site icon IMLebanon

الراعي عن المتظاهرين: لا مجال لترهيب أو لتخوين شبابنا

دعا البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، “لعدم النظر إلى المتظاهرين السلميين الحضاريين، بنظرة فوقية أو إستهتارية أو تسييسية”، وقال: “لا يحق الانحراف بانتفاضتهم إلى نزاع حزبي أو إلى أهداف إيديولوجية هدامة. إنها في الحقيقة ظاهرة التحام الشعب اللبناني على اختلاف أطيافه، تحت راية لبنان، في مدنه وبلداته المختلفة، حول مطالبه الوطنية المحقة بالكرامة والعدالة الاجتماعية، الرافضة للواقع المالي والاقتصادي المتعثر، والمطالبة بحكومة توحي الثقة”.

وتابع الراعي خلال قداس الأحد من بكركي: “إن هذا المشهد يؤكد للجميع أن ثقافتنا الوطنية التاريخية هي ثقافة الحرية والحياة الكريمة، في دولة المواطنة الحاضنة للتنوع. فلا مجال هنا لترهيب أو لتخوين شبابنا الذين يضحون من أجل تصويب الممارسة السياسية، بحيث تتحلى بالتجرد والنزاهة والشفافية. إن ثقافة العيش المشترك التي تميز لبنان إنما ترتكز على قيم ثلاث: الحرية والتعددية والكرامة الإنسانية. وعليه، لا شرعية لأي سلطة لا تكون ضامنة لهذه القيم وخادمة لها. إن الشعب، في دستورنا اللبناني، هو مصدر السلطات وأساس شرعيتها. لذلك لا تستطيع السلطة السياسية تجاهله، بل عليها أن تصغي إلى مطالبه، وتتفاعل معه قبل فوات الأوان”.

واضاف “صرخة المتظاهرين هي هي، منذ أحد عشر يوما: تأليف حكومة جديدة بكل وجوهها، مصغرة وحيادية، ومؤلفة من شخصيات مشهود لها بكفاءاتها، وتكون محط ثقة الشعب، ومتفق عليها مسبقا منعا للفراغ، لتعمل على تطبيق الورقة الإصلاحية التي أعلنها دولة رئيس الحكومة في 21 تشرين الأول الجاري، والتي يقبلها المتظاهرون ولكنهم لا يثقون بأن الحكومة الحالية قادرة على تنفيذها، وقد أمضت سنتين بعد مؤتمر “سيدر” لكتابتها، ولم تقم إلى الآن بأي إصلاح مطلوب من هذا المؤتمر للاستفادة من المال المرصود لمساعدة النهضة الإقتصادية في لبنان”.

وتابع الراعي: “هذه الورقة الإصلاحية اعتبرها فخامة رئيس الجمهورية في كلمته بتاريخ 24 تشرين الاول الحالي، “الخطوة الاولى لانقاذ لبنان وإبعاد شبح الانهيار المالي والاقتصادي عنه” وأكد على “ضرورة اعادة النظر بالواقع الحكومي الحالي لهذه الغاية”. فاننا نطالب جميع القوى السياسية المعنية التجاوب مع دعوة فخامة الرئيس وصرخة الشعب المتكررة”.

وقال: “إن نظامنا السياسي في لبنان ديموقراطي لا ديكتاتوري، تعددي لا أحادي، وطني لا مذهبي، وشعبه هو مصدر السلطات. ولا أحد يختزل الشعب ويفرض رأيه أو إرادته عليه. فيا ايها السياسيون، كما كنتم تبحثون عن رضى الشعب وصوته في زمن الانتخابات، إبحثوا الآن عن هذا الشعب وعما يرضيه، لئلا تخسروا ثقته بشكل نهائي. لا تهملوا هذه الانتفاضة الوطنية لئلا يكبر حجمها وتخرج عن مسارها الوطني الإيجابي، بفعل المخربين المأجورين المندسين بثوب الحمل. وأنتم أيها المنتفضون، حافظوا على خلقية انتفاضتكم، ولا تسقطوا في تجربة النزاعات الحزبية والمذهبية. سهلوا للمواطنين حقهم في التنقل والمرور من أجل تلبية حاجاتهم، ولا تظهروا كأنكم أسياد الطرق العامة التي هي ملك للجميع. فتجاوبوا مع الجيش اللبناني والقوى الامنية التي نحيي جهودها ونثمن حكمتها”.

وختم قائلاً: “أدعوكم للوقوف عند الساعة الخامسة والنصف من مساء كل يوم لتلاوة مسبحة وردية السيدة العذراء، التي هي سلاحنا الامضى والاقوى، بدءا من هذا المساء وسأتلوها معكم عبر وسائل الاعلام ووسائل التواصل الاجتماعي، ملتمسين من الله بشفاعتها، وهي سيدة لبنان، وبشفاعة قديسيه، أن يستجيب لصلاتكم وصلوات كل ذوي الإرادات الحسنة، ويمس ضمائر المسؤولين السياسيين ويلهمهم السبيل إلى إخراج لبنان من هذه الأزمة الخطيرة للغاية على مصيره. فلا يدخل إلينا “شتاء” ذاك “الربيع العربي” الهدام، إذا تصرفنا جميعنا بوعي وحكمة”.