كتبت سمر فضول في جريدة الجمهورية:
تحوّلت الانتفاضة عند اوتوستراد جل ديب أبعد من تحرّك لمتظاهرين يطالبون بإسقاط النّظام، إذ ازدحمت السّاحة بالكثير من النّشاطات لجذب المزيد من المعتصمين. ولذلك، نُصبت خيمة لعقد حلقات حواريّة توعويّة، وخيم أخرى لإقامة أنشطة ترفيهيّة للأطفال. كما شارك فنانون تشكيليّون ينوون رسم لوحات على جدران جل الديب التي اتشحت بالسواد بفعل إحراق الإطارات.
من نهر الموت الى أنطلياس تحوّل الأوتوستراد في جلّ الديب الى موقف لسيارات المعتصمين، وانتشرت على جوانب الطرق أكشاك «عرانيس» الذرة و«الهوت دوغ» والنراجيل والسندويشات والأعلام وتوابعها… هذا ما تراه على هامش التظاهرة، أما حين تقترب أكثر الى مكان الاعتصام فلا ترى سوى العلم اللبناني يرفرف عالياً، وتلاحظ حضور الجيش اللبناني لحماية المتظاهرين.
في وسط الأوتوستراد، وعلى بعد أمتار من المسرح نُصبت خيمة كبيرة سمّيت «خيمة الحوار» عُلّقت على جوانبها لافتات تحدّد مطالب الانتفاضة الثلاثة «إستقالة الحكومة، حكومة اختصاصيين مصغرة، وانتخابات نيابية مبكرة»، وتجمّع تحتها عدد كبير من المعتصمين، يناقشون الدكتور ايلي الزوقي المدرّس في جامعتي الحكمة والكسليك، طروحاته وأفكاره. وتمحورت الحلقة الحوارية المفتوحة على نقطتين أساسيتين هما: كيفية الحوار مع من لا يؤيّدون الانتفاضة، وسبل استمرار الثورة. استوقفتنا إحدى المنظمات في الخيمة الحوارية للاستفسار، فأوضحت: «نحن مجموعة من الشابات والشبّان من المتن، نمت بيننا علاقة صداقة منذ اليوم الأوّل للحراك، وتجلّت اليوم في هذه الخيمة التثقيفية، وجاءت الفكرة كي لا تتحوّل الانتفاضة الى مهرجان راقص، بل لنفتح المجال للتواصل بين جميع المعتصمين، لإبداء أفكارهم وآرائهم ومشاركتها مع بعضهم بعضاً».
نقترب أكثر نحو المنصة، فنستمع الى أحد الشعراء المشاركين في الانتفاضة يدعو المعتصمين الى إعلاء دور المرأة وشأنها في حياتهم، لأنّها أثبتت في المتن، ولاسيّما في جلّ الديب، أنها الحاضر الأبرز، وحضورها يوازي بأهميّته حضور الرجل.
على المقلب الآخر، افترش عدد من الفنانين جانبي الطريق، بينهم منتهى سيقلي، التي استوحت من صور أطفال الثورة رسمتها، وعند سؤالها عمّا هي رسالتها من هذه الرسمة أجابت: «إنها تخليد لثورة أطفال الثورة».
أمّا الفنان سعد شيبان، فقال: «نحن مجموعة من 200 فنان تشكيلي اجتمعنا من مختلف المناطق اللبنانية على المشاركة في التظاهرات، بدأنا بطريقة خجولة في الأيام السابقة، ولكن بدءاً من اليوم (أمس) حضرنا من الساعة الثالثة وسنقوم بهذه الخطوة يومياً، نحن موجودون في كلّ الساحات من الهرمل الى طرابلس والزوق وجبيل وساحة الشهداء والجنوب، هدفنا عدم تسييس الثورة، لذلك نرسم وجع الناس بطريقة حضارية، كما أنّنا سنقوم باستئذان بلدية جلّ الديب لنرسم صوراً وطنية على الجدران المتّسخة من جرّاء إحراق الدواليب في الأيام الأولى للانتفاضة».
والى سلسلة النشاطات الترفيهية والثقافية والفكرية للأطفال، والحلقات الحوارية للشباب، تضمّن برنامج الأمس تلاوة مسبحة الوردية وقداساً صباحياً، وكذلك تلاوة مسبحة الوردية عند الخامسة والنصف عصراً تزامناً مع تلاوتها في الصرح البطريركي في بكركي من أجل السلام في لبنان بدعوة من البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي.