كتبت هناء حمزة في “نداء الوطن”:
وصف صديق فايسبوكي الثورة اللبنانية بأنها ثورة مراهقين. أتفق معه هي كذلك ثورة جيل جديد تختلف عن ثوراتنا. نحن من حمل الشعارات العقائدية البالية في تظاهراتنا وعقدنا ورش العمل فوصلنا الليل بالنهار، نناقش برامج سياسية واهية وخطط عمل عبقرية وخرائط طرق غير معبدة تبدأ بتحرير الامة وتنتهي باحتلال القمر. علينا أن نعترف، لسنا مثلهم وليسوا مثلنا، عالمهم مختلف تماماً وثورتهم كذلك، أستمع اليهم منذ نحو أسبوع من عمر 13 سنة وحتى الـ22، غضبهم بركان فجر صمتهم منذ ولادتهم. لقد وقعنا بوَهم أنهم لا يكترثون وأن الوطن لا يعني لهم شيئاً حتى أردنا أن نصادر ثورتهم… تباً لنا.
علينا أن نعترف، نحن جيل الخضوع للاحزاب الحاكمة وجيل الحرب. في هذه الثورة لا مكان لنا إلا الصفوف الخلفية والثورة للمراهقين، هم من أدهشوا العالم بخصوصية ثورتهم ونوعيتها، هم من برعوا في الابداع وهم من صنعوا الثورة، لا يجب أن نتسلل اليها لا يجب أن نغتصبها بحجة أننا الأنضج والأفهم والأكثر خبرة وحكمة ونضوجاً، علينا أن ندعم، أن نحضن ونتبعهم من الخلف حتى إذا وقعوا نسندهم فقط ليقفوا من جديد، لنترك لهم ثورتهم بنكاتها البذيئة وضحكاتهم العالية، لنترك لهم ثورتهم الوحيدة في تاريخ لبنان التي رفعت العلم اللبناني من دون أعلام السفارات الداعمة او المسيطرة، لنترك لهم ثورتهم التي لم تحمل شعارات التأييد للقضايا العالمية والنضالات الوهمية بل حملت وجعهم وقضاياهم وفساد دولتهم. لنترك لهم ثورتهم التي كسرت كل التابوهات وجعلت من ساحات التظاهر هايد بارك مسموح فيه كل شيء إلا العنف. لنعترف أننا فشلنا في ثوراتنا ولنعطِ لهم حقهم بأنهم يثورون بلا حدود، برنامجهم السياسي لا يحتاج لورش عمل ونقاشات سفسطائية جدلية، هو جاهز استمعوا اليه في تصريحاتهم التلفزيونية العفوية انهم ينتمون الى وطن واحد وطائفة واحدة ومنطقة واحدة يخافون على بعض وليس من بعض، يجمعهم حلم بناء دولتهم ولا تكسرهم أحلام بناء دويلات في دولتهم. خريطة طريقهم واضحة كعين الشمس و12 يوماً من الثورة دليل عليها إصرار على السلمية، حقدهم على الطبقة الحاكمة مجتمعة والتفافهم براية لبنان، أما التنظيم والتنسيق فاتركوه ايضاً لهم لفوضويتهم وعفويتهم وإبداعاتهم. لا شيء أجمل من المراهقة من الرقص والفرح والغناء والنكات. لا شيء أجمل من ثورة المراهقة بكل ألوانها هي من أدهشت العالم وأخرجت مفهوم الثورات من رتابة الوجوه المتجهمة عاقدة الجبين وأعطتها حياة وبسمة… نعم إنها ثورة المراهقين.
لنمشِ خلفهم فنحن سبب من أسباب إحباطهم، نحن جيل الخنوع والخضوع للطبقة السياسية الحاكمة وجيل القتل على الهوية. لنكف يدنا عن ثورتهم ونمتنع عن إسقاط فشلنا عليهم ولنعش مراهقتهم بدلاً من أن ندفعهم لعيش كآبتنا، لنشاركهم الضغط على السلطة الآن ونترك لهم الدور في بناء مستقبلهم في دولة، لنلتحق بثورتهم مراهقين مثلهم أو نصمت.