Site icon IMLebanon

ستاتيكو المراوحة السلبية بين السلطة والثوار إلى أين؟

كل وسائل الترهيب والترغيب التي لجأت اليها السلطة السياسية بعد 12 يوما على الثورة الشعبية ضد الحكّام والمسؤولين الذين تتهمهم بالفساد والسرقة ونهب المال العام لم تؤدِ الغرض. لا الورقة الاصلاحية الحكومية الـ”اكسبرس” التي وعدت الثوار المنتفضين بالـ”منّ والسلوى”، ولا دعوة رئيس الجمهورية ميشال عون اولياء الانتفاضة إلى تشكيل وفد حواري ينقل مطالبهم، ولا خطاب امين عام حزب الله السيد حسن نصرالله “التهويلي”، ولا المحاولات المتكررة للجيش اللبناني لفتح الطرق المقفلة بالقوة، تمكنت من ثني اللبنانيين الثائرين عن المضي في تحركاتهم الميدانية المستمرة التي يؤكدون انها لن تتوقف الا بتحقيق المطالب التي تتصدر استقالة الحكومة قائمة اولوياتها، وتشكيل حكومة تكنوقراط من اصحاب الضمائر النيّرة والكفاءات المشهود لها بالعلم والخبرة والقدرة على انقاذ البلاد من مستنقع الفساد القابعة فيه منذ ثلاثين عاما ومحاسبة المسؤولين المتورطين تحضيرا لأرضية الدولة النظيفة والنزيهة.

في المقابل، تقبع السلطة في مقارها من دون ان تهتز، أقله في العلن، اذ تدرك تماما ان هيبتها سقطت والثقة التي اوصلتها الى حيث هي سُحبت بصك شعبي من الشارع، عبّرت عنه صرخات الامهات ومناشدات الاطفال وعناد الشباب الطامح الى تغيير يُبقيه في وطن هجره نصف الجيل الطالع. هذه السلطة التي ما زالت حتى اللحظة تكابر وتعاند وتصم اذنيها وتعصب عينيها، محاولة تجاهل صوت الشعب، لا تحرك ساكنا في سبيل انهاء الوضع القائم وحل الازمة، وأقصى ما تفعله حتى اللحظة البحث عن حلول لا تلبي مطلب الحد الادنى للشعب الثائر الغاضب، على غرار ما يتم تداوله في شأن كباش بين بعض اطرافها حول من يملأ المقاعد الاربعة الشاغرة بفعل استقالة وزراء القوات اللبنانية، او سحب وزير من هذا الفريق مقابل آخر من الفريق الثاني حفاظا على ستاتيكو القوة داخل الحكومة. حتى التعديل الوزاري الذي تردد ان السياسيين يناقشونه كمخرج، يبدو استُبعِد بعدما تم وضع رأس هذا المسؤول مقابل رأس رئيس ذاك الحزب، كما تنقل “المركزية” مصادر المعلومات المواكبة للمشاورات السياسية.

رئيس الحكومة سعد الحريري يعتصم بالصمت ويستكمل اتصالاته في سبيل توفير مخرج لائق يحفظ ماء وجه حكومته ويمنع انفلات الامور من عقالها في الشارع. فكيف السبيل الى الخلاص وهل من آلية تضع حدًا للدوران في الحلقة المفرغة حيث يرابض كل طرف على جبهته رافضا التنازل بعدما تحولت المواجهة الى معركة كسر عظم، وعض اصابع في انتظار من يصرخ اولا؟

اوساط سياسية تراقب عن كثب ما يجري على المسرح اللبناني تقول لـ”المركزية” ان كسر ستاتيكو المراوحة بات يحتاج الى صدمة تدفع بأحد طرفي المواجهة، السلطة السياسية أو الشعب الثائر، الى التراجع، فإما ان يحصل امر ما ينهي الحراك، تجهد الدوائر السياسية في البحث عنه، او تعي الطبقة السياسية خطورة مواجهة الشعب مصدر السلطات تحت وطأة شل وتعطيل الدولة، فتلبي حدًا ادنى من مطالبه، غير ان حتى الساعة لم يتوافر في الافق ما يوحي بإحداث هذه الصدمة، وهو ما يرفع منسوب الخشية من ان يكون المخرج الوحيد دمويا، بحسب الاوساط، ذلك ان ايا من الطرفين لا يريده كونه يفقده رصيده، الشعب المنتفض بتقلّص حجم المشاركة في الثورة خوفا، والسلطة السياسية بتحميلها المسؤولية محليا ودوليا، وقد نُقل ان الحريري لا يحتمل سقوط نقطة دم. فهل تتدحرج الاوضاع الى حيث لا يناسب الا من يضمر الشر للبنان؟