كتب العميد الدكتور علي عواد في جريدة الجمهورية:
قبل بدء الانتفاضة بمدة طويلة، كتبنا بموضوعية علمية عن الفساد بأوجهه الثلاثة: السياسي والاداري والمالي. كتبنا عن الحلول الناجعة، وحذّرنا من إهمال المعالجات، ولكن ليس من مسؤول في السلطة قرأ أو سمع أو حتى فهم، ويا للأسف.
وقفنا الى جانب الانتفاضة فور انطلاقتها، واعتبرناها صرخة حق وعدالة وضمير مع ضرورة احترام النظام العام، وكتبنا حولها وأيّدناها وأطلقنا عليها بحق اسم: (إنتفاضة العدالة 2019)، ودعونا الى المشاركة بكثافة في كل ساحات الوطن بالتزام وطني لا طائفي حقيقي ومسؤول من ضمن أصول النظام الديمقراطي البرلماني الحر، وطِبقاً لأحكام الدستور اللبناني. وكنّا نواكب ونكتب يومياً على صفحتنا (فايسبوك – تويتر) حسب طبيعة الظروف والاحداث اليومية، انها واجباتنا كمواطنين ذوي انتماء أوّل ووحيد للبنان، وولاء واحد قديم متجدد وللأبد للجيش اللبناني، الضمانة الأكبر.
ومن واجبنا أن نواكب هذا الحدث التاريخي لحماية أحلام الشابات والشبّان الذين رأينا الفرح والعزم والثقة في وجوههم في الساحات، لنطلب اليوم من كل المشاركات والمشاركين في (انتفاضة العدالة) التقيّد بمدونة السلوك التالية، بكل مسؤولية وطنية:
– إلتزام منظومة القيم الاخلاقية والوطنية في كل عمل داخل الساحات على مساحة كل الوطن.
– إحترام القانون العام وأحكام حق التظاهر الذي يكفله الدستور اللبناني من دون تجاوز.
– إحترام الملكيات الخاصة والعامة.
– إحترام الكرامات الشخصية والعامة، لا شتائم، لا إهانات، وردع الافراد والمجموعات غير المنضبطة من قبل المتظاهرين أنفسهم.
– عدم الاصطدام المعنوي او الجسدي مع القوى الأمنية، أفرادها هم أهلنا، واجبهم العسكري حماية المتظاهرين وواجب المتظاهرين احترام عملهم القانوني.
– الحذر من المُندسّين بين جموع الساحات بهدف الإساءة الى صورة (انتفاضة العدالة)، أو الى كرامات كل مكوّنات الوطن وحقها في الممارسة السياسية الديموقراطية حتى الخصوم منهم.
– الثقة بصوابية أهداف الانتفاضة، وعدم السماح للمشكّكين بنجاح تسريباتهم الاعلامية المسمومة، والسهر على أن لا تنحرف وجهة هذه الأهداف المشروعة باتجاه ما يريده أعداء الوطن.
– تَجنّب الخطاب الطائفي او المذهبي، وعدم السماح لأيّ فرد أن ينطق به في الساحات او يكتبه في اللافتات او على البوسترات وفي كل وسائل الاعلام.
– الحذر من الشائعات والمضامين الاعلامية المسمومة المدسوسة التي تسيء الى الوحدة الوطنية.
– تجنّب الاعمال أو التصرفات أو السلوكيات اللاقانونية أو المسيئة (حمل سلاح أو ممنوعات، خلاعة، تصرفات لاأخلاقية مسيئة للآداب العامة، مشروبات كحولية…). فصورة الانتفاضة هي صورة كل الوطن في الداخل والخارج، نعم كل الوطن، خصوصاً بعد أن أيّدتها كل المكوّنات من دون استثناء، حتى تلك التي تستهدفها الانتفاضة. إنّ تأييد مكونات السلطة لمَن يثور عليها هو ظاهرة نادرة وفريدة من نوعها في تاريخ الثورات القريبة والبعيدة (بقناعة منهم أو مرغمين، صادقين أو مُخادعين). وبالتالي، يقتضي العمل على استثمار هذه الظاهرة العادلة بمسؤولية وطنية من قبل (عقل الانتفاضة!) الذي يفترض أن يكون صوت الناس الطيّبين الذي نسمعه في الساحات، صوتهم فقط.
– إلتزام المشاركة اليومية والفعّالة بكل تحرك أو فعالية أو حشد، أي تحمّل المعاناة اليومية تعزيزاً للثقة بنجاح الانتفاضة لمستقبل أفضل لكل الوطن بكل مكوّناته.
– التركيز بقناعة وطنية ثابتة في الحوارات والتصريحات الى وسائل الاعلام الناشطة في الساحات على أنّ أعداء لبنان الرئيسيين هم: العدو الصهيوني، الطائفية والمذهبية، والفساد.
– التحلّي بثقافة الحوار الانساني التي هي عماد الوحدة الوطنية حيث تتجلى اليوم بأبهى صورها، إذ لا غنى عن الحوار الوطني الشامل عاجلاً أم آجلاً عندما يأتي أوان (الحقيقة والمصالحة)، كما عبّر نلسون مانديلا في ظروف مشابهة.
وأخيراً، نورد ملاحظة من (بروتوكول مدونة السلوك) لأية قضية اجتماعية: الناس مع أية قضية طالما أنّ مدونة سلوكها محترمة، وستتصدى لها إذا انحرفت، وقد آن أوان وضوح وجه الانتفاضة وصورتها وأهدافها وأفقها منعاً لأيّ انحراف أو فوضى أو عبثية أو تشويه أو استغلال من قبل المُنتفضين أو الحلفاء أو الخصوم وسواهم.