كتب محمد دهشة في “نداء الوطن”:
تقف صيدا اليوم على “مفترق طرق”، بين نجاح دعوة الاضراب العام والاقفال الشامل في اليوم الثاني عشر للحراك الاحتجاجي، وبين عودة الحياة الى طبيعتها تدريجياً، تمهيداً لإرساء معادلة “فتح الطرقات” من جهة، و”احترام حق المتظاهرين بالتجمع في الساحات” من جهة أخرى، في وقت أكدت مصادر مسؤولة لـ “نداء الوطن”، أن المحتجين عند “تقاطع ايليا”، لم يتلقوا أي عرض للانسحاب منه وإعادة فتحه ونقل “الاعتصام المفتوح” الى مكان آخر خلافاً لكل الشائعات التي تروج.
ميدانياً، كسرت السلسلة البشرية التي نظمها “المحتجون” على طول الكورنيش البحري، رتابة المشهد الصيداوي اليومي، واستكملت السلسلة التي تمتد من الجنوب الى الشمال، تعبيراً عن الوحدة، والوجع الواحد، حيث تشابكت أيدي المشاركين “يداً بيد”، ورفعوا الاعلام اللبنانية، وأنشدوا النشيد الوطني، بدءاً من الرصيف قبالة مسجد “الزعتري” وصولاً الى مدخل صيدا الشمالي لجهة الاولي، حيث اصطف الآلاف من كل الاعمار والفئات، وقد عبّر كل واحد منهم عن آماله وتطلعاته.
وأوضح ممثل “تجمع المؤسسات الأهلية” في منطقة صيدا عدنان بلولي لـ “نداء الوطن”، أن “السلسلة البشرية من الجنوب الى الشمال، تؤكد أن الشعب اللبناني واحد، وأنها أزالت تصنيف الشعب بين مذهبي وطائفي ومناطقي، الشعب بعد اليوم لن يكون مقسماً بل موحداً، ومطالبه واحدة هي العيش بكرامة تحت سقف الوطن”، مؤكداً “أن المعركة المطلبية طويلة، لكن لا بد أن ينتصر الشعب في نهايتها”.
واعتبرت المشاركة ماغي سعود لـ “نداء الوطن”، أن “السلسلة البشرية” رسالة من الشعب على الوحدة الوطنية، ويجب أن نتخلص من التبعية الطائفية والسياسية، ونكون تحت العلم اللبناني وغطاء الجيش اللبناني، وأنه يجب أن نؤسس وطن “لبنان الكبير” وتحقيق العدالة والمساواة. بينما قالت رولا شامية، “شاركت “كرمال” أولادي ومستقبلهم، من أجل أن يحصلوا على العلم والعمل وأن لا يفكروا بالهجرة، ولا يذهبوا عند المسؤولين للتوسل من أجل تأمين وظيفة، أتمنى من كل قلبي أن نحقق أهدافنا لنعيش في لبنان باستقرار اجتماعي واقتصادي وسياسي”.
كرسي الرئيس
عند تقاطع “ايليا”، تحول “الاعتصام المفتوح” في يومه الحادي عشر، الى منبر للتعبير عن الآراء والمواقف، وابتكار المزيد من الاساليب من ضمن النشاطات المرافقة للاحتجاج. نصب المحتجون المزيد من الخيام، برز منها خيمة بداخلها “كرسي الرئاسة” مصنوع من نحو ألف قنينة بلاستيكية، كُتب فوقها “لو أنت رئيس… شو بتعمل”، وأوضح صاحب الفكرة طارق حجازي، وهو من شباب صيدا، أن “الفكرة انطلقت على خلفية أزمة النفايات التي تؤرق كل المواطنين، من دون إيجاد حلول جذرية لها، فقررنا صنع كرسي من القناني البلاستيكية بعد جمعها من المكان، وطلبنا من المحتجين أن يطرحوا افكاراً وحلولاً للأزمات المعيشية والاقتصادية في البلاد، وهدفنا إيصال رسالة بأن السلطة والمسؤولين أصبحوا أيضاً بحاجة الى إعادة تدوير”.
عامية صيدا
الى جانب “كرسي الرئاسة”، نصبت خيمة كتب عليها “عامية صيدا”، عُلّقت عليها “لوحات بيضاء” كتب المحتجون عليها آراءهم وتطلعاتهم ومنها: “محاسبة الفاسدين، “لبنان رح يرجع”، حيث قال الناشط شادي هنوش “الخيمة عبارة عن مساحة تعبير يكتب المحتجون فيها آراءهم وطموحاتهم وأحلامهم على قصاصات ورق صغيرة، ونقوم بنسخها على هذه اللوحات البيضاء وتعليقها، ليتسنى للجميع قراءتها والاطلاع عليها”. مشيراً الى أن “الخطوة الثانية ستكون بنقلها على صفحات مواقع التواصل الاجتماعي لايجاد مساحة تفاعل ونقاش وتجميع أفكار من أجل النهوض بهذا الوطن نحو مستقبل أفضل”.
وفي ساعات الليل، أضاء المحتجون الشموع تحت شعار “ضوّي شمعة طفّي دمعة”، وقاموا بتجسيد كلمة لبنان في رسالة أن “شعلة الثورة” لا يمكن ان تنطفئ. وأطلقوا نحو 50 منطاداً مضيئاً في سماء المكان، في رسالة بأن الحراك الاحتجاجي هو “ثورة سلمية” أساسها الحب والسلام وستبقى سلمية حتى تحقيق كافة المطالب.